كيبيك تسعى لتوسيع قانون العلمانية وتقييد أداء الصلوات في الأماكن العامة

كيبيك وتعزيز العلمانية: مشروع القانون 9

تمرّ حكومة رئيس وزراء كيبك، فرانسوا لاغو، بسلسلة تشريعات تهدف إلى تدعيم دور الدولة العلماني. وفي إطار هذا المسار، قدّم تحالف Avenir Québec الحاكم مشروع قانون جديد اعتُبر امتداداً لقانون الرموز الدينية الصادر عام 2019، المعروف باسم مشروع القانون 21، والذي أثار نقاشاً حاداً على مستوى البلاد. كما تثير الحكومة مسألة تقييد الصلوات العامة والحدّ من تقديم قوائم طعام حصرية ذات طابع ديني في المؤسسات العامة، مثل الوجبات الحلال والكوشر.

مضمون المقترح الرئيسياً
– توسيع حظر ارتداء الرموز الدينية ليشمل العاملين في دور الحضانة المدعومة حكومياً.
– منع “الممارسات الدينية الجماعية” في الحيز العام — كالصلاة في الحدائق والساحات — من دون إذن مسبق من البلديات.
– منع ارتداء الأغطية التي تغطي الوجه لطلبة والعاملين بدءاً من دور الحضانة وصولاً إلى مؤسسات التعليم العالي.

مبررات الحكومة وردود الفعل
قال جان-فرانسوا روبيرج، الوزير المكلف بالعلمانية، في مؤتمر صحفي بالفرنسية إن المشروع يأتي “كجزء من مقاربة تحفظ الحقوق الفردية والجماعية في آنٍ معاً”. وأوضح أن القيود على الصلوات العامة جاءت كرد فعل على احتجاجات شهدتها المقاطعة، حيث جرت ممارسات صلوات جماعية ضمن تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، وما رآه من “احتلال للمساحات العامة” ومنع لحركة المرور دون تراخيص أو إنذار مسبق.

لكن القرار تعرّض لانتقادات شديدة: الحزب المعارض (Parti Québécois) اتهم الحزب الحاكم باستغلال القضية لزرع الانقسام وكسب تأييد قبيل الانتخابات الإقليمية المقبلة، بينما اعتبرت منظمات مدافعة عن الحقوق المدنية، كالمجلس الوطني للمسلمين الكنديين، أن الحكومة “تضاعف من سياسات الهوية والانقسام” في محاولة يائسة لاستعادة ثقة الجمهور.

خلفية قانونية واجتماعية
منذ إقرار مشروع القانون 21 قبل ست سنوات، بقي موضوع العلمانية يحتل مساحة واسعة من النقاش العام في الاقليم كيبيك، إذ حدد القانون قواعد تقضي بعدم ارتداء رموز دينية في مواقع السلطة العامة—مثل القضاة، وضباط الشرطة، والمعلمون، والموظفون العموميون— كما يلزم تقديم وتلقي الخدمات العامة والوجوه مكشوفة. لا يذكر القانون ديناً بعينه، ويدّعي مؤيدوه أنه يكرّس حيادية المؤسسات العامة، لكن المعارضين يرون أنه يصيب الأقليات الدينية، وبخاصة النساء المسلمات، بشكل غير متناسب.

يقرأ  حُكِمَ بالسّجن على مسؤولٍ رفيعٍ متورّطٍ في فضيحةِ شريطٍ جنسيٍّ بغينيا الاستوائية

استخدمت حكومة كيبيك ما يُعرف “ببند الاستثناء” (notwithstanding clause) في الدستور الكندي لتبرير القانون، وهو ما يمنحها وسيلة تحصينية لتفادي إبطال التشريع على أسس دستورية. وقد وافق المجلس الأعلى في كندا على النظر في الطعن المرفوع ضد هذا القانون، ومن المتوقع أن يُنظر الملف امام المحكمة العليا في مطلع العام المقبل.

حوادث وقرارات متصلة
على مدى السنوات الأخيرة ظهرت قضايا أثارت المزيد من الجدل: في العام الماضي تم تعليق 11 معلمًا بمقاطعة مونتريال، غالبيتهم من أصول شمال أفريقية، بعد تقرير حكومي حمّلهم تهم خلق “بيئة سامة” للطلاب والموظفين وتجنّب مناهج معينة. وصف لاغو المعلمين بأنهم حاولوا إدخال “معتقدات إسلامية متطرفة” إلى المدارس، ووعد بتشديد إجراءات العلمانية في الحقل التعليمي.

في أغسطس، أصدرت لجنة حكومية تقريراً تضمن توصيات بينها حظر الرموز الدينية على العاملين في دور الحضانة ووقف التمويل العام للمدارس الخاصة ذات الطابع الديني. وفي الشهر الماضي أقرّت الحكومة سلسلة تعديلات توسّع قواعد العلمانية لتشمل العاملين الذين يتعاملون مع التلاميذ في المدارس الابتدائية والثانوية، وتمنع ارتداء الأغطية التي تخفي الوجه.

سياق تاريخي ومقارن
تُعدّ مفهوم laïcité — أو العلمانية بالمفهوم السائد في مقاطعة كيبك — قيمة متجذرة منذ خمسينات وستينات القرن الماضي، مع تراجع تأثير الكنيسة الكاثوليكية على شؤون المجتمع. وتشير استطلاعات رأي حديثة، منها استبيان أجرته شركة Leger بتكليف من صحف محلية، إلى أن نحو 68% من المستجوبين يرون أن العلمانية قيمة مهمة. كما توجد تشريعات مماثلة في دول أوروبية؛ ففرنسا مثلاً فرضت قيوداً على الرموز الدينية في المدارس عام 2004 وعلى تغطية الوجه في الأماكن العامة عام 2010.

أضف تعليق