وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت قال إن الاختبارات النووية المزمعة ستكون «غير حرِجة» ولن تتضمن أي تفجيرات نووية في المرحلة الراهنة.
توضيح رايت جاء يوم الأحد، بعد ثلاثة أيام من إعلان الرئيس دونالد ترامب أنه أمر وزارة الدفاع باستئناف اختبار الأسلحة النووية فورًا.
ما المقصود بالاختبارات «غير الحرِجية»؟
رايت وصف ما يجري بحثه بأنه اختبارات نظم، قائلاً خلال مقابلة على برنامج The Sunday Briefing إن هذه ليست تفجيرات نووية بل «انفجارات غير حرِجية». المقصود هنا هو اختبار مكوّنات الأسلحة النووية فقط للتأكد من عملها وبقدرتها على تهيئة شروط التفجير النووي، وليس تفجير الرأس الحربي نفسه. هذه الاختبارات ستجري على أنظمة جديدة لضمان أن البدائل تمثل تحسناً على النماذج السابقة.
وأضاف رايت أن القوة الحسابية والعلمية المتاحة تسمح بمحاكاة دقيقة جداً لما يحدث في التفجير النووي، وأن المحاكاة تُستخدم لفهم الظروف التي أنتجت نتائج سابقة وكيف ستؤثر تغييرات تصميم القنبلة على الأداء.
تقنيات بديلة للاختبار والصيانة
تشرح منظمات مثل Arms Control Association أن هناك تقنيات انفجارية غير نووية تُستخدم في تطوير الأسلحة النووية ومراقبتها وصيانتها، ومن بينها تجارب «تحت الحرجة» التي تستعمل البلوتونيوم دون الوصول إلى سلسلة تفاعلات نووية. جوريا كول، باحثة في برنامج الأمن الدولي في تشاتام هاوس، أوضحت للجزيرة أن الاختبارات «غير الحرِجية» تركز على نظم إيصال الأسلحة أو مكوناتها دون تفجير الرأس الحربي، وغالباً ما تُجرى في مختبرات أو منشآت اختبار مع اعتماد واسع على المحاكاة الحاسوبية لتقييم السلامة والموثوقية. كما ثمة تجارب «تحت-حرجية» تُنفَّذ أحياناً تحت الأرض في مواقع اختبار سابقة.
ما الذي أعلنه ترامب حول الاختبارات النووية؟
في منشور على منصة Truth Social قال ترامب إنه وبسبب برامج اختبارات دول أخرى، أوعز إلى «وزارة الحرب» ببدء اختبار أسلحةنا النووية على أساس متكافئ. (ترامب أصدر أمراً تنفيذياً في سبتمبر أعاد بموجبه تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب). ذكر ترامب أن الولايات المتحدة تملك الآن «أسلحة نووية أكثر من أي دولة أخرى» لكن الصين «ستدرك المكافأة خلال خمس سنوات»، مبرراً قراره بتسريع الاختبارات بسبب تراكم ترسانة الصين النووية سريعاً، وذكر أن البيان صدر قبيل لقائه بنظيره الصيني شي جينبينغ الذي أسفر عن هدنة حول رسوم تجارية وتخفيف بعض قيود تصدير المعادن النادرة من الصين. في مقابلة أخرى قال ترامب إن روسيا والصين يجرون اختبارات لكنهما لا يعلنان عنها لأنهما «مجتمعات مغلقة»، وأن الولايات المتحدة «مجتمع منفتح» يجب أن يناقش الأمور علناً.
لكن لا توجد دلائل موثوقة على أن روسيا أو الصين أو باكستان يجرون تجارب تفجيرية نووية؛ الدولة الوحيدة التي اختبرت في القرن الحادي والعشرين هي كوريا الشمالية، التي أعلنت لاحقاً وقفاً أحادياً منذ 2018. وكل دول الأسلحة النووية تختبر أنظمة إيصالها كالصورايخ بصورة روتينية، لكن لا مؤشرات على استئناف التفجيرات النووية.
من تملك أكثر الأسلحة النووية؟
هناك تسع دول نووية: الولايات المتحدة، روسيا، المملكة المتحدة، فرنسا، الصين، الهند، باكستان، كوريا الشمالية، وإسرائيل. وفقاً لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) الصادر في يناير، تمتلك روسيا أكبر عدد من الرؤوس الحربية الإجمالية (حوالي 4,309)، تليها الولايات المتحدة بنحو 3,700، ثم الصين بنحو 600، وفرنسا 290، والمملكة المتحدة 225، والهند 180، وباكستان 170، وإسرائيل 90، وكوريا الشمالية 50.
وأكد تقرير صدر عن SIPRI في يونيو أن ترسانة الصين النووية تنمو بوتيرة أسرع من أي دولة أخرى، بزيادة تقارب 100 رأس حربي سنوياً منذ 2023، بينما قدّر تقرير للبنتاغون في ديسمبر أن الصين قد تصل إلى نحو ألف سلاح نووي بحلول 2030. أما الولايات المتحدة وروسيا فهما قد أخرجا من الخدمة على التوالي 1,477 و1,150 رأساً حربياً؛ والرؤوس المتقاعدة قد تظل نسبياً سليمة وتقنياً قد يُعاد تأهيل بعضها لكن ذلك يتطلب وقتاً وموارد، وفي كثير من الحالات تُعاد استخدام مكونات من رؤوس متقاعدة في تصنيع أو تجديد رؤوس جديدة، وفقاً لتحليل نشرته جمعية العلماء الأمريكيين.
سجل الاختبارات عبر التاريخ
الولايات المتحدة بدأت اختبارات الأسلحة النووية في 1945 في صحراء نيو مكسيكو؛ آخر اختبار لها كان في 1992، وقد نفذت الولايات المتحدة إجمالاً 1,032 اختباراً نووياً وفق بيانات الأمم المتحدة. الاتحاد السوفييتي أجرى 715 اختباراً حتى 1990، وروسيا لم تجر أي تجارب منذ توريثها الترسانة السوفياتية. الصين أجرَت 45 اختباراً آخِرها في 1996، وفرنسا أجرَت 210 اختبارات حتى 1996، والمملكة المتحدة أجرت 45 اختباراً حتى 1991.
معاهدة حظر اختبارات متكاملة الدخول حيز التنفيذ؟
معظم الدول توقفت عن اختبارات الأسلحة بعد توقيع معاهدة حظر الاختبارات النووية الشاملة (CTBT) التي عرضت عام 1996. منذ ذلك الحين وقعت 10 اختبارات نووية: اثنان للهند واثنان لباكستان في 1998، وستة لكوريا الشمالية في 2006 و2009 و2013 و2016 (مرتين) و2017. الهند وباكستان وكوريا الشمالية لم توقّع المعاهدة. الولايات المتحدة وقّعت المعاهدة عام 1996 ولكنها لم تُصادق عليها رسمياً. (الجزء الختامي مقتبس من الجزيرة) روسيا وقّعت معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBT) عام 1996 وصادقت عليها عام 2000، لكن في عام 2023 سحب الرئيس فلاديمير بوتين تصديق روسيا على المعاهدة.
عند توقيع دولة على معاهدة، يرمز ذلك إلى موافقتها العامة على أحكامها ونواياها بالالتزام بها مستقبلًا. أما التصديق فحين يتم فهو يجعل نص المعاهدة ملزماً قانونياً لتلك الدولة بموجب القانون الدولي.
هل تحتاج الولاات المتحدة إلى إجراء اختبارات نووية جديدة؟
أكدت السلطات السياسية والعلمية في الولايات المتحدة أن البلاد لا تحتاج لإجراء اختبارات نووية جديدة. الإدارة الوطنية للأمن النووي (NNSA) هي جهة شبه مستقلة ضمن وزارة الطاقة الأميركية، وتشرف على أمن الأسلحة النووية وصيانتها وإدارة المخزون. وقد كررت الإدارة أن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى اختبارات جديدة.
قال مدير الإدارة الجديد براندون ويليامز خلال جلسة تأكيده في مجلس الشيوخ في أبريل: «تواصل الولايات المتحدة الالتزام بوقف الاختبارات النووية منذ 1992، ومنذ ذلك الحين رصدت أن المخزون النووي المنتشر يظل آمناً ومؤمَّناً وفعّالاً دون الحاجة إلى تجارب تفجيرية نووية.» وأضاف ويليامز أن مديري مختبرات الأمن القومي وقائد القيادة الاستراتيجية الأميركية يستعرضون سنوياً المخزون النووي لتقرير ما إذا كانت هناك حاجة لتجارب جوفية. كما صرّحت مديرة NNSA السابقة، جيل هروبي، بعدم ضرورة إجراء اختبارات جديدة في مقابلة مع جمعية مراقبة الأسلحة عام 2023.
هل قد تثير اختبارات أميركا سباقاً نووياً جديداً؟
أشار الخبراء إلى أنه إذا خرقت الولايات المتحدة هذا الوقف على اختبارات الأسلحة النووية — وليس مجرد مكونات الأسلحة — فستتبعه دول أخرى على الأرجح. قالت كول: «لو استأنفت الولايات المتحدة الاختبارات التفجيرية النووية، فسترد قوى أخرى على الأرجح بالمثل. روسيا صرّحت بالفعل بأنها ستقابل أي اختبارات أميركية بالمثل، وقد تدفع مثل هذه الخطوات الصين وكوريا الشمالية إلى أن تحذوا حذوها. والنتيجة ستكون انهيار وقف دام 30 عاماً على التجارب النووية، وإلغاء عقود من ضبط النفس وارتفاع حاد في المخاطر النووية العالمية.»
وأضافت أن توضيح رايت بأن الاختبارات غير تفجيرية أمر مهم. «لو كان ترامب يقصد الاختبارات التفجيرية، كما افترض كثيرون في البداية، لكان ذلك يمثل تحوّلاً دراماتيكياً في السياسة وتصعيداً خطيراً في التوترات النووية.»