كَيْفَ تُحَوِّلُ لُعْبَةَ فِيدِيُو إِلَى اقْتِبَاسٍ مِثَالِيٍّ

توم ريتشاردسون وبيتر جيليبِراند — بي بي سي نيوزبيت

عادت إيلا بورنيل بدور لوسي في الموسم الثاني من مسلسل Fallout على Prime Video

الموسم الثاني من Fallout — الضربة الكبيرة لخدمة Prime Video المستوحاة من سلسلة الألعاب الشهيرة — أصبح متاحًا الآن. تدور أحداث المسلسل في مستقبل ما بعد كارثة نووية حوّل الأرض إلى عالم رديء الحال، وقد حقق الموسم الأول نجاحًا تجاريًا ونقديًا لافتًا، إذ أسر محبي السلسلة القدامى وجذب مشاهِدين لم يسبق لهم أن حملوا ذراع التحكم من قبل.

نجاح العمل التلفزيوني كان له أثر واضح على شركة بيثيسدا، مطوِّرة الألعاب الأصلية، فاستعاد المسلسل لاعبين قد انقطعوا عن اللعبة وجذب لاعبين جدد. وكشف عدد من كبار القائمين على تطوير اللعبة لبرنامج Newsbeat عن خبرتهم في التعاون مع منتجي المسلسل، وما الذي يعنيه هذا النجاح لمستقبل الألعاب.

نقطة تحول لتكييفات ألعاب الفيديو
وصل Fallout في توقيت كان يغيّر فيه الهوليوود نظرتها إلى اقتباسات ألعاب الفيديو. لسنوات، كانت معظم هذه التحويلات بعيدة عن روح الأعمال الأصلية أو تفتقر إلى الجودة، فكوّنت سمعة كونها استنزافًا تجاريًا سطحيًا. لكن قبيل ذلك، أحدث مسلسل The Last of Us (الذي عُرض عام 2023 بالاعتماد على لعبة صدرت قبل عشر سنوات) زلزالًا: نجح في إقناع محبي اللعبة ونال استحسان النقاد والمشاهدين على حدّ سواء.

بالمقابل، اتُّهمت بعض التحويلات بأن صُنّاعها يسيرون على طريق ممهد، لاستلهامهم المباشر من مصادر تلفزيونية راقية سمحت لهم بتقليد أنماط درامية جاهزة. هذا التباين وضع أمام صانعي Fallout تحديًا آخر: كيف يحولون لعبة تتميز بعوالم مفتوحة وسردٍ متفرّع إلى تجربة تلفزيونية مترابطة؟

التحدي الإبداعي: نقل عالم مفتوح إلى شاشة مقيدة
بعكس The Last of Us التي تقدم تجربة خطية أقرب إلى السرد الروائي، تضع ألعاب Fallout اللاعب في عالم مفتوح وغني بالمهام الجانبية والشخصيات الفرعية، وهو ما يعني وفرة خامة سردية لكن صعوبة في اختيار العناصر المناسبة للشاشة. تود هوارد، مخرج استوديو Bethesda Game Studios، يقول إنه تعرّض لأول عرض لفكرة تحويل اللعبة إلى عمل مصوَّر منذ 2009، وأنه لم يندفع قبل أن يلتقي بالمنتج التنفيذي جوناثان نولان، الذي جذب اهتمامه بعمله في Westworld وعلى اعتبار مساهماته الكتابية في أفلام كبيرة.

يقرأ  هجوم روسي على زابوريجيا — كييف ترد بضرب مصافي نفط روسية

التفاهم بين الفريقين كان أساس نجاح المشروع، إذ تطورت علاقة عمل وثيقة ممتدّة بين مطوري اللعبة وفريق المسلسل، وبات هناك حرص متبادل على معاملة العالم بشيء من الأصالة والاحترام.

قواعد “الكون”: الحفاظ على التطابق الزمني والسياقي
من بين من تولّوا مهمة ضبط أصالة المسلسل، كان مدير تصميم الاستوديو إميل باغليارولو، أحد وجوه بيثيسدا منذ إصدار Fallout 3 عام 2008. وفقًا له، أُتخذ قرار مبكّر بجعل العمل التلفزيوني «كانونيًا» — أي أن كل ما يحدث في المسلسل جزء من تسلسل أحداث العالم، إما أنه حدث في الألعاب فعليًا أو سيُذكر فيها لاحقًا. هذا النهج وضع ضوابط واضحة لكنه استلزم حوارًا مستمرًا بين الفريقين حول التفاصيل الصغيرة، حتى إن الأمر بلغ حد الرسائل النصية المتأخرة من موقع التصوير للاستفسار عمّا إذا كان مشهد ما يتوافق مع عالم اللعبة أم لا.

التأثير التجاري: منصّة تلفزيونية تُعيد إحياء الألعاب
بعيدًا عن البهجة الفنية لرؤية عالم خيالي يتحقق على الشاشة، هناك منافع تجارية مباشرة للناشرين ومنتجي الألعاب. مع صدور الموسم الأول، خُفضت أسعار معظم ألعاب السلسلة لجذب اللاعبين الجدد، وأُطلقت تحديثات ومحتويات جديدة لإعادة استثارة شغف اللاعبين السابقين. النتيجة كانت واضحة: عادت مبيعات Fallout 4 لتتصدر قوائم المبيعات بعد تسع سنوات من صدورها، فيما شهد عنوان Fallout 76 — الذي لاقى استقبالًا متضاربًا عند إطلاقه عام 2018 بسبب مشاكل تقنية ومحتوى محدود — قفزة هائلة في أعداد اللاعبين بعد عرض المسلسل.

يقول بيل لاكوست، مدير الإنتاج، إنهم توقعوا قدوم لاعبين جدد بعد المسلسل، لكن مقدار الزيادة كان مفاجأة ممتعة بحسب وصفه. ويؤكد جون رش، المدير الإبداعي، أن بعض لاعبي Fallout 76 الذين انضمّوا حديثًا استمروا في اللعب، وهذا بدوره يؤثر بشكل عضوي على قرارات التحديثات والتعديلات التي يُجريها المطورون.

يقرأ  فيديو جديد من «هاي فروكتوز»: لقاء مع أنتوني هورد

ما الذي يعنيه المسلسل لأجزاء اللعبة المقبلة؟
مع تزايد انخراط مطوري الألعاب في عملية التحويل التلفزيوني، يتساءل الجمهور عن مدى تأثير المسلسل على الألعاب المستقبلية. يجيب جون بأن وجود لاعبين جدد ومستمرين لا بد وأن يترك بصمته على كيفية تطور التحديثات. أما السؤال الأهم بالنسبة لمعجبي Fallout 5 (الذي لا يزال بعيدًا) فهو: هل سيُؤثِّر المسلسل في سرد اللعبة المقبلة؟ تود هوارد يجيب باختصار: «نعم». يضيف أن Fallout 5 سيعيش في عالم حدثت فيه وقائع المسلسل أو تجري فيه، وأن فريق التطوير يأخذ هذا في الاعتبار عند التخطيط.

ومع ذلك، يبدي هوارد حذرًا بشأن توقع موجة مماثلة من اللاعبين بعد الموسم الثاني، مشيرًا إلى أن هناك دائمًا شريحة من الناس التي لا تميل لممارسة الألعاب، لكنهم أصبحوا الآن متابعين ومحبّين للعالم نفسه، وهو ما يعتبره مهمًا جدًا.

استمع إلى Newsbeat مباشرة على BBC Sounds أيام الأسبوع، أو تابع الحلقات المسجلة لاحقًا عبر موقع بي بي سي.

المشاهدينن الذين تعلّقوا بالعالم ما زالوا جزءًا من هذه الرحلة المشوِّقة بين الشاشة واللعبة.

أضف تعليق