بول ميلي — محلل شؤون غرب أفريقيا
محاولة الانقلاب الأخيرة في بنن كشفت عن حسابات خاطئة من جانب المتآمرين، بينما تعلم جيرانونها الدروس من أخطاء سابقة.
لو نجحت محاولة الانقلاب الأسبوع الماضي لكانت التاسعة التي تشهدها المنطقة خلال خمس سنوات فقط. بعد أيام قليلة من سيطرة جنود على السلطة في غينيا بيساو أثناء عدّ أصوات الانتخابات الرئاسية، استنتج قادة مجموعة دول غرب أفريقيا (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا — إيكواس) بسرعة أن محاولة الإطاحة بالرئيس باتريس تالون كانت خطوة زادت الاستقرار اهتزازاً إلى حد لا يمكن السكوت عنه.
دعمت نيجيريا حكومة تالون بضربات جوية استهدفت عناصر متمردة في مقر الإذاعة والتلفزيون الوطني وقاعدة عسكرية قرب مطار كوتونو، فيما أعلنت إيكواس إرسال قوات برية من غانا ونيجيريا وكوت ديفوار وسيراليون للدفاع عن النظام الدستوري.
المنطقة اهتزّت بسلسلة انقلابات متكرِّرة منذ العام 2020، ولا يزيد على عشرة أشهر مضت حين انسحبت أنظمة الانقلاب في مالي وبوركينا فاسو والنيجر من إيكواس — الكيان الاقتصادي الذي شاركوا في تأسيسه قبل خمسين عاماً. لذلك، ومع احتمالية أن يسقط نظام مدني آخر على يد جنود ساخطين، قرر رؤساء دول إيكواس بسرعة أن نجاح محاولة الانقلاب في كوتونو لا يمكن السماح به.
التعلم من أخطاء الماضي
بعد صدّ قوات موالية للهجوم المباغت على منزل تالون ومقار الرئاسة، أعادت القوات الموالية تأكيد سيطرة الحكومة على المدينة وأغلقت الحي الإداري المركزي. لكن مقاومة آخر معاقل المتمرّدين بدا صعبة، إذ أظهروا استعداداً لاستخدام القوة القاتلة بلا مراعاة للمدنيين.
ردّاً على ذلك، سمح رئيس نيجريا، بولا تينوبو، بتنفيذ ضربات جوية، بينما قرّرت إيكواس إرسال قوات برية في اليوم نفسه. من بين المرسلين كان الرئيس الغانّي جون ماهاما، المنتمي إلى ديمقراطية صامدة لكنه أبدى مواقف دبلوماسية ودّية تجاه أنظمة الساحل العسكرية.
بتصرّفها السريع ربما تعلّمت إيكواس درساً من استجابتها الخاطئة لانقلاب النيجر 2023، حين لم تكن منظّمة عملياً قادرة على التدخّل العسكري فور احتجاز الرئيس المنتخب محمد بازوم — وهي اللحظة الوحيدة التي كان ممكنًا أن تنجح فيها عملية سريعة لتحريره وتأمين المواقع الحيوية. عندما هدّدت المجموعة بالتدخّل وبدأت التخطيط، فات الأوان: جرى ترسيخ سيطرة المجلس العسكري على الجيش النيجيانى وتجميع الدعم الشعبي لصالحه. وخشية انحدار التدخّل إلى حرب شاملة وتحت ضغوط شعبية داخلية قوية لتجنّب حمام دم، تراجعت إيكواس فاعتمدت العقوبات ثم المسار الدبلوماسي وحده.
في حالة بنن كان الوضع مختلفاً: تالون بقي في موقع السلطة المعترف به دولياً، حتى وإن ظل بعض الانقلابيين يقاومون. لذلك كان بإمكانه، بصفتها رئيساً شرعياً، طلب دعم دول الأعضاء في المجموعة الإقليمية — وهو قرار لقي قبولاً شعبياً في كوتونو.
الغضب الشعبي والشرعية المدنية
لدى كثير من سكان بنن شكاوى مشروعة من الحكومة الحالية، لا سيما استبعاد حزب “الدمقراطيون” الرئيسي من الانتخابات الرئاسية القادمة. ورغم ذلك، تسود في بنن ثقافة قوية للحراك السياسي والمجتمعي السلمي كوسيلة للتغيير، لا للعنف. يفتخر البنينيون بدور بلادهم الرائد في موجة الاحتجاجات السلمية والتحول الديمقراطي التي اجتاحت أفريقيا الناطقة بالفرنسية في أوائل التسعينيات.
لم تُبدِ الشوارع أي دعم لمحاولة الإطاحة بالقوة؛ ففي حين يعبر كثيرون عن استيائهم من تالون، لم يظهر أي تأييد شعبي لمساعي الإطاحة بالحكومة بالأسلحة. وهكذا بدا أن بنن بيئة مناسبة لتدخّل قوي من إيكواس دفاعاً عن الحكم المدني الدستوري.
ومن المرجّح أن يصبح المتآمرون هدفاً لغضب شعبي متصاعد مع انتشار أنباء الضحايا: لقيت امرأة — زوجة مستشار الرئيس العسكري الرئيسي — مصرعها. وقد نُقِذ مؤخراً مسؤولان عسكريان كبيران اختطفا خلال محاولة الانقلاب، بينما لا تزال القوات الأمنية تطارد قائد الانقلاب المقدم باسكال تيغري وآخرين.
الضغائن الكامنة والدوافع المحلية
كانت هذه محاولة إضافية ضمن سلسلة انقلابات انتشرت في المنطقة، لكن معظمها نجح. وتحدثت تلك الانقلابات في سياق هشاشة وضغوط متنامية أثناء توسّع العنف الإسلامي في الساحل وانتشاره إلى الشمال في دول ساحلية عديدة. هناك نفور من النخب السياسية التقليدية، ومشكلات كبيرة في توفير وظائف وسبل عيش لشرائح الشباب المتزايدة بسرعة، حتى في دول تشهد نمواً اقتصادياً.
مع ذلك، تختلف العوامل الدافعة بحسب البلد. افتقد الانقلابيون في كوتونو إلى دعم شعبي واضح على عكس مشهد شوارع كوناكري في سبتمبر 2021 حين قاد قائد القوات الخاصة مامادي دومبويا الإطاحة بالرئيس ألفا كوندي؛ فكلا الرجلين — كوندي وتالون — أعيدا انتخابهما في ظروف مثيرة للجدل، لكن أفعال كوندي تميّزت بسجل أكبر من العنف السياسي والاقتصادي، كما أنه دفع نفسه إلى فترة ثالثة في سنّ متقدمة جداً، بينما تعهد تالون بالتنازل عن السلطة في أبريل المقبل رغم تعديل قوانين الانتخابات لتسهيل فوز خليفته المفضل روموالد واداغني.
الاختلافات المحلية تظهر بوضوح أيضاً في مالي وبوركينا فاسو: قاد جنرالات هناك انقلابات نتيجتها إحباط عسكري من ضعف قيادات مدنية في مواجهة الجماعات الإسلامية، وغالباً كانت القوات تُحرم حتى من الذخيرة أو المؤن. كان هناك استياء أيضاً من عجز فرنسا عن احتواء الجهاديين رغم قدراتها العسكرية. وفي مالي تحديداً لم يخف قِطع من الرأي القومي امتعاضه من تنفيذ اتفاق سلام 2015 مع الطوارق في الشمال.
وفي النيجر كان العامل المحلي واضحاً أيضاً: تآكل دعم بازوم نتيجة علاقته العلنية الوثيقة مع فرنسا وطلبه مساعدة فرنسية لحماية الحدود، إضافة إلى انزعاج بعض أجنحة الجيش من مواقفه بشأن قضايا فساد في التعاقدات الدفاعية.
حتى انقلاب الغابون في أغسطس 2023 نتج عن غضب محلي مرتبط بإدارة غامضة لنتائج انتخابات أُعطيت فيها نتيجة تبدو غير مُصدّقة للرئيس علي بونغو. إذن، الظروف تختلف من بلد إلى آخر، والوقائع الأخيرة تؤكد هذا المنحى.
خلاصة
المنطقة تواجه أزمة حقيقية في الأمن، وفي كثير من دولها أزمة سياسية أو تنموية أيضاً، لكن العوامل الوطنية تظل غالباً المحرّك الأكبر لكل انقلاب أو محاولة انقلاب. يعتقد كثيرون أن انقلاب غينيا بيساو هدَف لدرء احتمال فوز معارض في الانتخابات، بينما بدا أن متمردي بنن تحرّكوا بدافع مزيج من مظالم داخل الجيش وشكاوى سياسية واقتصادية أوسع — وارتكبوا خطأ فادحاً بتقديرهم الخاطئ لمدى قبول سكان كوتونو لأي تغيير عنيف أو راديكالي.