لماذا تُعدّ القضية ضد جون بولتون مختلفة عن بقية القضايا المرفوعة ضد منتقدي ترامب

وصل جون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي، إلى المحكمة يوم الجمعة.

منذ فترة أعلن الرئيس دونالد ترامب بشكل واضح رغبته في ملاحقة خصومه قانونياً، وضغط على وزارة العدل لمقاضاة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق جيمس كومي والنائب العام لولاية نيويورك ليتيشيا جيمس. في منشور على منصة تراثه الرقمية وصف الرجل أنّ التأجيل لم يعد ممكناً وأن ذلك يضرب السمعة والمصداقية.

أشار ترامب إلى أنه اُقالِب مرتين وتمت ملاحقته قضائياً عدة مرات، في إشارة إلى القضايا الجنائية التي واجهها بعد مغادرته البيت الأبيض وقضية ليتيشيا جيمس المدنية. وكلا الشخصين وُجِّهت إليهما تهم لاحقاً، وقد اعتبر كثير من الخبراء أن تلك القضايا تبدو مدفوعة بدوافع سياسية وصعبة النجاح أمام المحاكم.

ومع ذلك، يقول مختصون قانونيون ومدّعون سابقون إن التهم الأخيرة الموجّهة إلى الناقد بولتون تقف في مرتبة مختلفة. إذ لا يمكن مقارنتها بتلك الموجّهة إلى كومي أو جيمس، كما ذكر مارك ليسكو، المدّعي العام الأمريكي بالإنابة السابق للمنطقة الشرقية لنيويورك، مشبهاً المسألتين بتشبيه التفاح بالبرتقال.

يواجه بولتون اتهامات جنائية فدرالية تتعلق بسوء التعامل المزعوم مع معلومات مُصنفة. ومنذ مغادرته البيت الأبيض عام 2019 صار صوتاً ناقداً لترامب، ووصفه في مذكراته بأنه «جاهل بشكل مذهل» وغير صالح لتولي المنصب. ورغم أن هناك دوافع سياسية محتملة لملاحقته، يرى خبراء أن إجراءات التحقيق وتجميع الأدلة تشير إلى أن القضية قد تكون أقوى مما واجهت وزارة العدل في قضايا كومي أو جيمس.

تقول الكاتبة والأكاديمية كاريسا بيرن هيسيِك إن السلوك المزعوم هنا أكثر خطورة ويبدو أنه استمر على مدى فترة زمنية مهمة، ما يميّز هذه القضية عن غيرها.

تزعم لائحة الاتهام أن بولتون، أثناء شغله منصب مستشار الأمن القومي وبعد مغادرته البيت الأبيض، عرض البلاد للخطر عبر الاحتفاظ بمعلومات مصنفة ونقلها لأفراد من عائلته بوسائل غير آمنة، تضمنت حسابات إلكترونية قديمة مثل AOL، وأن بعض الوثائق حملت تصنيف «سري للغاية». كما تفيد النيابة بأن متسللاً تمكن في مرحلة ما من الوصول إلى حسابٍ كان يُحتفظ فيه بالوثائق، وأرسل تهديداً يبدو أنه يهدف إلى إحداث «أكبر فضيحة منذ تسريب رسائل هيلاري كلينتون».

يقرأ  مسيحيو غزة يرفضون مغادرة كنائسهم تحسبًا لهجوم إسرائيليأخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

مثلًا أمام المحكمة، نفى بولتون التهم الموجهة إليه وأعلن براءته من 18 تهمة منفصلة تتعلق بسوء التعامل مع معلومات مصنفة.

انتقام أم قضية قوية؟

توقيت توجيه التهم إليه—بعد توجيه تهم إلى كومي وجيمس—أعاد تسليط الضوء على الشكوك حول الضغوط السياسية على الجهاز القضائي. إذ سبق لترامب أن ألمح إلى أن بولتون ينبغي أن يكون وراء القضبان ووصفه بأوصاف حادة؛ بينما كتب بولتون كتاباً نقدياً عن فترة عمله في إدارة ترامب.

يقول جميل جافر، مؤسس ومدير معهد الأمن القومي في كلية القانون بجامعة جورج ميسون، إن توقيت لائحة الاتهام بالمجمل أثار تساؤلات حول قوة الأدلة وسبب تقديم التهم الآن. لكنه أضاف أن «لو تمكنت وزارة العدل من إثبات الوقائع المزعومة وإظهار أن المعلومات كانت مصنفة فعلاً، فقد يكون سلوكه قد خالف القانون».

تحميل مسؤول رفيع بهذه التهم نادر لكنه ليس سابقة غير مسبوقة، كما تشير كاري كورديرو، باحثة أولى في مركز الأمن الأمريكي الجديد. القضايا التي تنطوي على معلومات مصنفة تواجه تحديات في ساحة الادعاء، لكنها تُرفع أحياناً ضد مسؤولين بمستويات مختلفة.

تشابهات مع تحقيقات ترامب وبايدن

هناك أوجه تشابه بين قضية بولتون وقضايا تتعلق بالوثائق المصنفة التي شملت ترامب وبايدن. فقد وُجهت لترامب تهم بشأن تخزين وثائق مصنفة بشكل غير لائق في منتجعه مار‑أ‑لاجو ومحاولة عرقلة استرجاعها، لكن تلك القضية أُغلقت لاحقاً بقرار قاضٍ فدرالي وتضاءلت تبعاً لإعادة انتخابه. كما خلص مستشار خاص إلى أن جو بايدن احتفظ بوثائق مصنفة من وقت تقلده منصب نائب الرئيس لكن لم تُوجَّه إليه تهم جنائية.

يؤكد ليسكو، الذي شغل أيضاً منصباً رفيعاً في مسائل الأمن القومي بوزارة العدل، أن قضية بولتون تتشابه مع هاتين القضيتين من حيث موضوعية المخاطر المتعلقة بتعامل المسؤولين مع المواد المصنفة.

يقرأ  ترامب يعزّز قبضته على الأمن في واشنطنأخبار دونالد ترامب

لكي تنجح إدانة، يجب على الحكومة أن تثبت أن بولتون كان يعرف طبيعة المواد المصنفة التي كان ينقلها، وأنه نقلها عن قصد إلى شخص غير مخوّل باستلامها.

ولأن المواد متعلقة بالتصنيفات الأمنية، فليس أمام الجمهور الكثير من التفاصيل حول الأسباب التي دفعت الحكومة لاعتبار مذكراته وبعض المواد التي أرسلها عبر البريد الإلكتروني مصنفة، وفق ما قاله جافر.

محاكمة أكثر تقليدية

ستخضع طريقة إدارة وزارة العدل لهذه القضية للتدقيق، لاسيما بعد تصريحات ترامب العلنية التي عبّر فيها عن رغبته في رؤية معارضيه ملاحقين قضائياً وتحقيق بعض تلك التهم واقعاً.

مع ذلك، يرى ليسكو أن فريق الادعاء في قضية بولتون اتبع الإجراءات المعتادة داخل الوزارة. ولائحة اتهام بولتون كانت أكثر تفصيلاً وتوضيحاً للوقائع والملابسات مقارنةً بلائحة اتهام كومي المقتضبة ذات الصفحتين، ما يجعلها أقرب إلى نهج تقليدي متبع في سلسلة من القضايا المتعلقة بسوء التعامل ونقل مواد مصنفة من قِبل مسؤولين حكوميين. حقوق الصورة: بلومبرغ عبر وكالة غييتي إيميجز

أضف تعليق