لماذا شنت إسرائيل غارات جوية على غزة ثم «استأنفت» الهدنة؟ أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

شهدت غزة أشدّ 24 ساعة دموية منذ دخول هدنة بوساطة الولايات المتحدة حيز التنفيذ قبل نحو ثلاثة أسابيع.

قُتل أكثر من مئة شخص، بينهم 46 طفلاً، في غارات نفّذت أواخر الثلاثاء وخلال يوم الأربعاء. وأفادت مصادر طبية للجزيرة بأن الضربات طالت أنحاء القطاع بأكمله.

هذا يأتي بعد عشرات الانتهاكات السابقة للهدنة، مع آفاق متوترة أمام المسار الهش. لنطلع على مجريات الأمور:

آخر المستجدات
صرّح الجيش الاسرائيلي بأنه عاد إلى التهدئة بحلول ظهر الأربعاء وفق توجيهات القيادة السياسيه، لكنه أضاف أنه يبقى مستعداً لاستئناف الهجمات إذا دعت الحاجة. وذكر أنه استهدف أكثر من ثلاثين هدفاً داخل القطاع المحاصر، وادعى أن تلك الأهداف كانت «مقاتلين في مواقع قيادية داخل منظمات إرهابية».

ومع استمرار تدمير المباني السكنية، كان من بين الضحايا ما لا يقل عن 18 فرداً من أسرة واحدة في وسط غزة، بينهم أطفال وآباء وأجداد.

أجبرت فرق الدفاع المدني والفلسطينيون فرق الإنقاذ على الحفر بأدوات بسيطة وبأيديهم بين أنقاض المباني المدمرة بحثاً عن ناجين وجثث. كما استُهدفت عدة خيم لعائلات نازحة. وجرى البحث في حي الزيتون بمدينة غزة بعد غارات جرت في 29 أكتوبر 2025.

وأفادت وزارة الصحة في غزة أن عدد القتلى لا يقل عن 68,643 شخصاً، فيما بلغ عدد الجرحى 170,655 منذ بدء ما وصفتها جهات عديدة بـ«الحرب الإسرائيلية التي تشكل إبادة جماعية» في أكتوبر 2023.

ما تذرّع به الجانب الإسرائيلي؟
أعلنت إسرائيل يوم الثلاثاء أن جثة نُقلت من غزة عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تطابق أحد الجثث الثلاثة عشر المقرر تسليمها كجزء من الهدنة. وأكد خبراء الطب الشرعي الإسرائيليون أن الرفات تعود لأوفير تزرفاتي، الذي أُخذ إلى غزة خلال هجمات 7 أكتوبر 2023، وقد عُثر على أجزاء من رفاته في نوفمبر من ذلك العام.

يقرأ  أوروبا تتوّج بكأس رايدر بعد مواجهة مثيرة أمام الولايات المتحدة في بيثبيج بنيويورك

ردّت الجهات الرسمية بغضب، ولا سيما وزراء من اليمين المتطرف في الائتلاف الذين يعارضون وقف الحرب ويطالبون بـ«تدمير» حماس. كما عبّرت منظمة تديرها عائلات الأسرى عن استنكارها وطالبت باتخاذ إجراءات فورية.

وبعد وقت قصير، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، أنها ستسلم رفات أسير إسرائيلي عند الساعة الثامنة مساءً (18:00 ت.غ)، لكنها أرجأت التسليم بعد أن أمر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشن «ضربات قوية» على غزة. كما سُمع إطلاق نار كثيف وانفجارات في مدينة رفح جنوبي القطاع. زَعمت اسرائيل أن الهجوم نفَّذه مقاتلو حماس، وهو ما نفته الحركة تماماً. كما اتهمت إسرائيل المجموعة الفلسطينية بـ«تفنيد» عملية استعادة رفات أسير بعد عرض لقطات قيل إنها تُظهر مقاتلي حماس يدفنون جثة قبل استدعاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر. من جهتها، قالت اللجنة إن طواقمها «لم تكن على علم بوجود ميت موضوع في المكان قبل وصولهم».

مقاتلون فلسطينيون من حماس يفتشون موقعاً عن رفات أسير إسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة (صورة بتاريخ 28 أكتوبر 2025).

ما الذي يتضمنه وقف إطلاق النار؟

بموجب الاتفاق الذي دخل حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر، سلّمت حماس خلال أيام جميع الأسرى الأحياء المتبقين البالغ عددهم 20 أسيراً. كما سلّمت رفات 15 أسيراً إسرائيلياً توفيوا أثناء الاحتجاز، بينما لا تزال رفات 13 آخرين مفقودة أو لم تُسلم بعد.

أسمحت إسرائيل بدخول بعض المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكن الكميات كانت أقل بكثير من مستوى 600 شاحنة يومياً المنصوص عليه في الاتفاق، وهو المعدل الذي يُعدّ ضرورياً لمساعدة السكان المتعرضين للمجاعة. كما منعت إدخال الخيام والمساكن المتنقلة إلى القطاع، لكنها سمحت بدخول آليات ثقيلة محددة للبحث عن رفات الأسرى.

بعد تسليم كافة الرفات، قد يدخل حيز التنفيذ مرحلة ثانية من وقف النار تسمح بنشر قوة دولية للاستقرار وبدء إعادة إعمار غزة. وأكد مسؤولون إسرائيليون مراراً أنهم لن يسمحوا بتشكيل دولة فلسطينية ذات سيادة، وأنهم يمضون قُدُماً في خطط ضم الضفة الغربية المحتلة على نحو اعتبرته دولياً غير قانوني.

يقرأ  وولي سوينكا — الحائز النيجيري على جائزة نوبل: سُحِبَت تأشيرتي إلى الولايات المتحدة

ماذا تقول حماس؟

اتهمت حماس إسرائيل بتلفيق «ذرائع باطلة» لتجديد العدوان على غزة. وقالت الحركة إن إسرائيل نفذت، قبل الهجمات الأخيرة، ما لا يقل عن 125 خرقاً. وذكرت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة القتلى منذ 10 أكتوبر بلغت على الأقل 211 شهيداً و597 جريحاً، فيما تم انتشال 482 جثة.

واتهمت حماس إسرائيل بعرقلة جهود انتشال جثامين الأسرى، مستغلة في الوقت نفسه وجود تلك الجثث ذريعة للادعاء بعدم الالتزام بالاتفاق. وأوضحت أن إسرائيل منعت دخول آلات ثقيلة كافية للبحث عن الرفات وحجبت وصول فرق التفتيش إلى مناطق رئيسية.

وقالت كتائب القسام إن مقاتليها تمكنوا خلال عمليات بحث يوم الثلاثاء من انتشال جثتي أسيرَين إضافيين، أميرام كوبر وسحر باروخ. وأكدت حماس وفصائل فلسطينية أخرى استعدادها لتسليم إدارة غزة إلى هيئة فلسطينية تكنوقراطية، مع التشديد على أن المقاومة المسلحة نتجت عن عقود من الحتلال والفصل العنصري الذي مارسته اسرائيل.

ماذا يعني هذا لمدنيّي غزة؟

منذ اندلاع الحرب، كان المدنيون هم الضحايا الرئيسيون في العدوان الإسرائيلي على غزة. استُهدفوا بشكل غير متناسب، كما حصل في الهجمات الليلية الأخيرة، بينما تعرّضت بنية القطاع التحتية وسبل كسب العيش للتدمير نتيجة القصف والقوات المتوغلة. وبما أن لا مكان في غزة آمن بالكامل، عاش الفلسطينيون يوماً آخر من الذعر خشية أن تتوسع الهجمات الإسرائيلية. وما زالت طائرات جيش الاحتلال وطائرات الاستطلاع تحوم فوق القطاع.

ماذا سيحدث الآن؟

واصلت الولايات المتحدة التعبير عن دعمها لإسرائيل على الرغم من خروقات وقف إطلاق النار، مؤكدة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وقال الرئيس دونالد ترامب يوم الأربعاء إن وقف إطلاق النار «ليس مهدداً» بالرغم من الغارات. من جانبها، دانت قطر، الوسيط، سابقاً انتهاكات الاتفاق واتهمت إسرائيل بتقويض تنفيذه، لكنها—بالتعاون مع مصر—عملت على الحفاظ على بقاء الصفقة حية.

يقرأ  فاست تحتفظ بالسلطة بعد تأكيد فوزها في الانتخابات الساموية

أضف تعليق