لماذا نبحر إلى غزة في أسطول «الصمود العالمي» — خلفية حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

طعام. دواء. مأوى. حرية الحركة. ماء. هواء.

ستة احتياجات أساسية لبقاء أي إنسان، ومع ذلك شهدنا على مدار 23 شهراً بألم ورعب كيف سرق نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، بدعم من بعض أقوى حكومات العالم، أهالي غزة هذه الضروريات الأساسية للحياة.

مع الكثيرين حول العالم خرجنا إلى الشوارع، رفعنا أصواتنا، قاطعنا — عكسنا بذلك مشاعر الأغلبية العالمية. لكن ذلك لم يكفِ للضغط على حكومات العالم لوقف حصار إسرائيل لغزة وضمان وضع حد لإبادة جماعية تُرتكب أمام أعين العالم.

ورغم أننا لا نستطيع إيصال كل هذه الأساسيات الستة الآن، فإننا نأمل أن نخترق الحصار ونوصل المواد الغذائية والأدوية والمياه إلى جانبٍ محاصرٍ وجائع. هذه هي رسالة أسطول الصمود العالمي.

الأسطول هو أكبر مهمة إنسانية يقودها مواطنون إلى غزة على الإطلاق، ويجمع بين تجارب بعثات إنسانية سابقة برية وبحرية وجوية. إنه يُبنى على عقود من المقاومة الفلسطينية والتضامن الدولي. يضم ناشطين، وعاملين إنسانيين، وأطباء، وفنانين، ورجال دين، ومحامين — كلهم اجتمعوا لاتخاذ فعل مباشر لكسر الحصار.

وفد جنوب أفريقيا يتألف من عشرة أشخاص قادمين من أنحاء البلاد ومن خلفيات دينية وفكرية متنوعة: مسيحيون ومسلمون ويهود وملحدون وملحدون بلا تدين متنوعين موحدين بهدف إنساني مشترك لإيصال المساعدة إلى غزة.

جهودنا تتماشى عن كثب مع التدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في 26 يناير 2024، وأوامرها اللاحقة في 28 مارس و24 مايو 2024، في قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل. في الحكم المؤقت طالبت المحكمة إسرائيل تحديداً باتخاذ كل التدابير في داخل قدرتها لتمكين توفير المساعدات الإنسانية العاجلة لغزة.

ومع ذلك، كما أبرزت جنوب أفريقيا باستمرار في مرافعاتها أمام المحكمة ودورها القيادي كمشارك مؤسس ورئيس مشارك لمجموعة لاهاي، فإن إسرائيل لم تلتزم حتى الآن بهذه الأوامر. تدهور الكارثة الانسانية يوضح أنه لا يجوز أن نظل صامتين إزاء هذا الإفلات من العقاب.

يقرأ  وكالة الأرصاد: موجة الحر في إسبانيا خلال أغسطس كانت الأعنف المسجلةأخبار المناخ

لذلك بدأ ضمير الناس ينظم أساطيل شعبية في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي غير القانوني على غزة.

في 9 يونيو اعترضت قوات إسرائيلية سفينة “مادلين” التي كانت تحمل مساعدات إنسانية في المياه الدولية. وبعد أكثر من شهر بقليل، في 25 يوليو اعترضت قوات الاحتلال سفينة “هندلة” وهي تحمل مستلزمات على بعد نحو 70 ميلاً بحرياً (130 كم) من غزة، مرة أخرى في المياه الدولية.

رغم أننا أعدنا الناشطين إلى أوطانهم، تعرّض بعضهم لاعتداءات جسدية وصدمة نفسية على يد القوات العسكرية الإسرائيلية، وهي جرائم تستدعي التحقيق. ومنعت إسرائيل المواد الغذائية والأدوية الضرورية على متنهما من الوصول إلى غزة، مواصلة حصارها القروسطي، الذي يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية.

مع تاريخ محاولات الناشطين كسر الحصار، سيتساءل البعض: لماذا تعتقدون أنكم ستنجحون حيث فشل الآخرون؟

نجيب: ديمقراطيتنا لم تُنتزع إلا بقدر لا يستهان به من تضامن الضمائر حول العالم الذين قاطعوا واستثمروا ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وطالبوا بعقوبات. بهذا المعنى، الإبحار على متن أسطول الصمود العالمي عملٌ إنساني وصائب.

احتججنا، قاطعنا، طالبنا بسحب الاستثمارات من مؤسساتنا وضغطنا على الحكومات لفرض عقوبات. مهمة الأسطول جزء من هذا المسار المتواصل للعمل.

رغم قدرة دول كثيرة على معاقبة إسرائيل وحتى تفويض تدخل عسكري لوقف الإبادة الجارية، إلا أنها لم تفعل شيئاً يذكر سوى بيانات كلامية. وبينما نثني على حكومة جنوب أفريقيا لإحالتها إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة، نلاحظ أيضاً أن شركات جنوب أفريقا ما تزال تصدر الفحم الذي يغذي هذه الإبادة. حتى الآن تجاهلت حكومتنا مطالبنا بفرض حظر على الفحم.

نحن نبحر على متن الأسطول ليس فقط للمحافظة على الضغط بل للحفاظ على الأمل. فقدان الأمل يعني التخلي عن أهل غزة وتسليمهم لنظام شرير. الضمير يقتضي ألا نفقد الأمل.

يقرأ  جبال القمامة في نيودلهي: قنابل حرارية تهدد جامعي النفايات في الهندأخبار البيئة

جزء من قوتنا أن حركة العدالة وحقوق الإنسان تتسع مع إدراك المزيد أن ما يجري ليس حرباً بل إبادة جماعية. وها نحن لا ننظم أسطولاً واحداً هذه المرة بل أكثر من خمسين أسطولاً من أكثر من أربعين دولة.

تتألف هذه المهمة المهمة من مئات الأشخاص ذوي الضمائر الحية من كل أنحاء العالم عازمين على كسر الحصار وكشف مخطط إسرائيل لتجويع الفلسطينيين. قد نكون وفداً من عشرة فقط عن جنوب أفريقيا، لكننا نمثل غالبية مواطنينا. لذلك نبحر بثقة لأن شعوبنا ستراقبنا وتتمنى لنا التوفيق لأن مهمتنا عادلة.

قد نكون بضع مئات في مهمة الأسطول، لكننا جزء من أغلبية عالمية تتابع البث المباشر للإبادة التي ترتكبها إسرائيل. كسكان جنوب أفريقيا، وكمواطنين يريدون عالماً أفضل وأكثر عدلاً، نشارك في الأسطول مع ما كتبه الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو أورريغو في رسالة للأسطول: «السلام ليس حلماً طوباوياً، بل واجب.»

الآراء الواردة هنا تعبر عن مؤلفيها ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

أضف تعليق