ترامب يتهم ديمقراطيين بـ«السلوك التحريضي» بعد دعوة الجيش لرفض الأوامر غير القانونية
في مقطع مصور نشره ستة أعضاء ديمقراطيين من الكونغرس، جميعهم من قدامى العسكريين أو العاملين بالاستخبارات، وجهوا رسالة مباشرة إلى ضباط الجيش والأجهزة الاستخباراتية يدعونهم فيها إلى “رفض الأوامر غير القانونية”. قالوا في الفيديو إن الأمريكيين يثقون بقواتهم المسلحة لكن هذه الثقة مهددة، وإن اليمين الحالي يضع المحترفين العسكريين والاستخباراتيين في مواجهة مع المواطنين، مؤكدين أن قسمهم على حماية الدستوو والالتزام به يفرض عليهم رفض تنفيذ الأوامر المخالفة للدستور أو للقانون.
رد ترامب في سلسلة منشورات غاضبة على منصة «تروث سوشيال»، واصفاً ما قاله المشرّعون بأنه «سلوك تحريضي» ومطالباً باعتقالهم ومحاكمتهم. في منشور لاحق بدا وكأنه يلمّح إلى إمكانية عقوبة الإعدام على مثل هذا السلوك، قبل أن تؤكد السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض للصحفيين أن الرئيس لا يقصد إعدام أعضاء الكونغرس. ومع ذلك، كررت المتحدثة أن جميع الأوامر الصادرة عن القائد الأعلى عبر سلسلة القيادة «قانونية» وأن تشجيع العسكريين على عدم طاعة أوامر السلسلة القيادية أمر خطير ويجدر بمَن قالوه أن يتحملوا مسؤولية خطابهم «الخطير».
ماذا قصَد الديمقراطيون بـ«الأوامر غير القانونية»؟
الأعضاء الستة لم يحددوا أوامر أو سياسات بعينها في الفيديو. لكن المطروح في النقاش العام أمثلة عدة: إشارة إلى تعليق لترامب خلال احتجاجات 2020 في ساحة لافاييت («ألا يمكنكم إصابتهم في الساقين؟»)، وتهديدات بإرسال قوات إلى مدن مثل شيكاغو، والتلميح بإمكانية نشر جنود عند مراكز الاقتراع، وكذلك الضربات البحرية الأخيرة ضد زوارق يُزعم أنها تابعة لتجار مخدرات قبالة فنزويلا — وهو ما وصفته منظمات حقوقية بأنه «قتل خارج نطاق القضاء».
كيف رد خصوم الديمقراطيين؟ وماذا قال جمهوريون؟
مطالب بعض الجمهوريين بأن يسمي الديمقراطيون الأوامر «غير القانونية» بالاسم قوبلت بالرفض؛ إذ اعتبروا أن عدم التسمية يدل على ضعف الشجاعة. في المقابلات التلفزيونية واجهت مذيعات أعضاء الكونغرس بالسؤال عما يقصدون بالأوامر غير القانونية، فأشار بعض المشرّعين إلى نزعات وأفعال سابقة للرئيس ترقى إلى وضع القوات في مواجهة المواطنين أو استخدام القوة بشكل يعتقدون أنه يخالف القانون.
الإطار القانوني: ما تقول قوانين الخدمة العسكرية؟
تنص المادة 92 من قانون العدالة العسكرية الموّحد للولايات المتحدة على أن من يخالف أو يتقاعس عن طاعة أي أمر عام قانوني قد يعاقب. القانون العسكري الاتحادي يسري على أفراد القوات الفعلية وطلاب الأكاديميات العسكرية وأعضاء الحرس الوطني النشط. وفي المقابل، يُعتبر الأمر غير قانوني إذا كان ينتهك الدستور الأمريكي، ما يضع العسكري أمام واجب التمييز بين الطاعة القانونية والامتناع عن تنفيذ أوامر تعتبر خرقاً للدستور.
هل أصدر ترامب أوامر غير قانونية؟
المسألة محل نزاع قضائي وسياسي. بعض القضاة الفيدراليين حكموا في قضايا سابقة بأن قرارات نشر الحرس الوطني أو إرسال قوات لمدن معينة صدرت بطرق مخالفة للقانون أو لم تُبرّر قانونياً، ومن ثم أوقفت محاكم تلك العمليات أو أمرت بإنهائها. وأيضاً أثارت الضربات البحرية في البحر الكاريبي جدلاً قانونياً وإنسانياً، حيث طالبت مؤسسات حقوقية واحتراماً للقانون الدولي وواجهت الادعاءات بأن العمليات تُبرَّر بذريعة محاربة المخدرات بمراجعات قانونية.
ردود فعل سياسية وأمنية
اعتبر بعض القادة الديمقراطيين تهديدات ترامب «خطراً قاتلاً»، محذرين من أن لغة الإعدام والخيانة قد تُحفِّز مناصريه وتزيد من مناخ العنف السياسي في بلد يشهد استقطاباً حاداً. من جهتها شددت قيادة البيت الأبيض على أن السلطات تعمل «بموجب القانون»، لكن النقاش استمر على مستوى الجمهور والمؤسسات القضائية والعسكرية حول متى وكيف يجب على الأفراد العسكريين الامتناع عن طاعة أوامر تبدو لهم غير دستورية.
خلاصة
الأزمة تكشف تلاقي قضايا القانون الدستوري، الأخلاق العسكرية، والسياسة الحزبية: الديمقراطيون دعوا إلى التزام قانوني ودستوري من قبل العسكريين بعدم تنفيذ أوامر تُعدّ غير قانونية، بينما رد الرئيس بدعوات للعقاب والاستدعاء إلى محاكمات وحتى تهديدات بالعقوبات القصوى، ما أدخل البلاد في مواجهة كلامية وقضائية حول حدود السلطة التنفيذية وواجب الطاعة داخل المؤسسة العسكرية.