لماذا وُجّهت لائحة اتهام إلى مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق جيمس كومي — وما دلالتها؟ | أخبار دونالد ترامب

تم توجيه تهم إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي السابق جيمس كومي بالافتراض بأنه كذب أمام الكونغرس. وتعد هذه أول مرة تُلاحق فيها جهة قضائية مسؤولًا حكوميًا رفيع المستوى سابقًا في قضية مرتبطة بتحقيق تدخل روسيا في انتخابات 2016، وهي المسألة التي كانت حاضرة في انتقادات الرئيس السابق دونالد ترامب. وتقول وزارة العدل إن كومي قد يواجه عقوبة سجنية تصل إلى خمس سنوات إذا أدين.

إليك ما نعرفه:

من هو جيمس كومي؟
جيمس كومي ترأس مكتب التحقيقات الفيدرالي بين 2013 و2017 في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما. في عام 2017، وبعد تولي دونالد ترامب الرئاسة، أعفاه ترامب بينما كان التحقيق جارياً لمعرفة ما إذا كان ترامب أو فريق حملته تعاون مع روسيا للتأثير على نتائج انتخابات 2016، التي فاز فيها ترامب على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. بعد إعفاء كومي، تولى المستشار الخاص روبرت مولر ملف التحقيق المعروف باسم “كروسفاير هورِيكين”، واستمر التحقيق نحو عامين، وأسفر عن خلاصة مفادها أن روسيا بذلت جهوداً كبيرة للتأثير على الانتخابات، من دون أن يثبت وجود تآمر جنائي يربط ترامب أو فريقه بتلك الجهود؛ ومع ذلك ظل التحقيق ظلاً ثقيلاً على رئاسة ترامب الذي وصفه آنذاك بأنه مطاردات سياسية أو “حملة ساحرة” كما وصفها.

ما هي التهم الموجهة إلى كومي؟
القضية المرفوعة ضد كومي لا تتعلق بتفاصيل التحقيق الروسي ذاته، بل تتركز على ما إذا كان قد كذب على أعضاء لجنة القضاء في مجلس الشيوخ خلال شهادته عام 2020. خلال جلسة استماع انعقدت في 30 سبتمبر 2020، سأل السيناتور الجمهوري تيد كروز عما إذا كان قد خوَّل أي موظف في الـFBI للتسريب للصحافة معلومات عن تحقيقات تتعلق برسائل هيلاري كلينتون الإلكترونية أو عن صلات مزعومة بين حملة ترامب وروسيا. أجاب كومي بالنفي، قائلاً إنه لم يسمح لأي شخص بالعمل كمصدر مجهول للصحافة، لكن هذا التعليق تعارض مع شهادة نائب مدير الـFBI آنذاك أندرو مكابي، الذي أكد أن كومي قد منح مثل هذا الإذن.

يقرأ  متى ولماذا نُشِر الحرس الوطني في الولايات المتحدة سابقًا؟ — أخبار دونالد ترامب

يتضمن لائحة الاتهام عنصرين رئيسيين: الأول — الإدلاء ببيانات كاذبة — ويزعم أن كومي كذب عن علم تحت القسم خلال تلك الجلسة؛ والثاني — عرقلة إجراء برلماني — ويتهمه بمحاولة تعطيل تحقيق اللجنة عبر شهادة كاذبة ومضللة.

خلفية جلسة الاستماع عام 2020
كانت لجنة القضاء ذات الأغلبية الجمهورية تراجع أخطاء بدأ بها مكتب التحقيقات في مرحلة مبكرة من التحقيق الروسي، ومن ضمن الأسئلة التي طرحت على كومي استخدام مكتب التحقيقات لما عرف بـ”الملف” الذي تضمن ادعاءات غير موثقة عن علاقات مزعومة بين ترامب وموسكو. هذا الملف استُخدم كجزء من طلب الحصول على إذن سري لمراقبة أحد مستشاري حملة ترامب السابقين، وقد تعرض الملف لاحقًا لانتقادات واسعة وفُهم على نطاقٍ واسع أنه موثق بشكل ضعيف. اعترف كومي بأن الأخطاء في أمر المراقبة كانت جسيمة، لكنه دافع عن سير التحقيق بصورة عامة قائلاً إنه “في المجموع أُجري التحقيق بالطريقة الصحيحة إلى حد كبير”. مسألة ما إذا سمح لأي موظف في المكتب بالتحدث إلى وسائل الإعلام كمصدر مجهول ظهرت ضمن نقاش الأخطاء والإجراءات المتبعة.

ما هو الادعاء الاتهامي؟
في النظام الفيدرالي الأميركي، يُصدر الادعاء الاتهامي (indictment) عادة بعد أن يقرر هيئة محلفين كبرى بأن هناك أدلة كافية تشير إلى أن جريمة قد ارتكبت. وفقًا لوزارة العدل الأميركية، الادعاء هو إخطار خطي رسمي بأن شخصًا مشتبه في ارتكابه جريمة وقد يُحاكم، ويبلغ الادعاء صاحب الشأن بالتهم الموجهة إليه.

ما هي الهيئة المحلفين الكبرى (Grand Jury)؟
الهيئة المحلفين الكبرى مجموعة من المواطنين يستدعاهم المدّعون العامّون لتقرير ما إذا كانت الأدلة كافية لتوجيه تهم جنائية؛ دورها قانونيًا هو تحديد وجود سبب محتمل للاعتقاد بارتكاب جريمة، وليس الحُكم ببراءة المتهم أو إدانته.

ماذا يحدث بعد إصدار الادعاء؟
إذا أقرّت الهيئة الادعاء، يتقدّم الملف في المسار القضائي؛ قد يُلقى القبض على المتهم أو يُستدعى للحضور أمام المحكمة عبر استدعاء. الظهور الأولي للمتهم يكون أمام المحكمة في جلسة تسمى “القراءة” أو “الإحاطة” حيث تُقرأ التهم رسميًا ويُسَجَّل جواب المتهم (البراءة أو الإقرار). يمرّ الملف بعد ذلك بخطوات ما قبل المحاكمة مثل تبادل الأدلة ورفع الطلبات القانونية، وقد يُحلّ الأمر عبر صفقة اعتراف بين النيابة والمتهم. وإن لم يُتوصل إلى اتفاق، تُحال القضية إلى المحاكمة أمام هيئة محلفين تقرر البراءة أو الإدانة، فإذا دانت المحكمة يُصدر القاضي العقوبة التي قد تشمل السجن أو الغرامات أو المراقبة.

يقرأ  نجم أرسنال السابق ينفي تهم الاغتصاب والاعتداء

متى ستجرى جلسة تقديم المتهم (الإحاطة)؟
تم تحديد جلسة إحاطة كومي في التاسع من أكتوبر عند الساعة العاشرة صباحًا بالتوقيت المحلي (14:00 بتوقيت غرينتش) في ولاية فيرجينيا. بعد صدور لائحة الاتهام أصدر محاميه، باتريك جيه. فيتزجيرالد، بيانًا قال فيه: «جيم كومي ينفي التهم الموجهة إليه جملةً وتفصيلاً.»

الخلاصة
التركيز في هذه القضية منصب على صحة شهادة كومي أمام الكونغرس في 2020 وما إذا كانت مقصودةً كذبًا أو محاولةً للتضليل، لا على مضمون أو نتائج تحقيق روسيا نفسه. الاحتمالات القانونية تشمل محاكمة كاملة أو حل عبر تفاهمات قضائية لاحقة، والتطورات القادمة ستتوضح في جلسات المحكمة المقبلة. نتطلع إلى تبرئته في قاعة المحكمة.

ما كان رد فعل ترامب على ادانة القضية؟
احتفل ترامب على منصة “تروث سوشال” وكتب بأن العدالة قد تحقّقت في أميركا، واصفاً جيمس كومي بأنه «أحد أسوأ البشر الذين خاضت بهم البلاد تجربة»، وتابع أن كومي، رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، وُجّهت إليه اليوم تهمتان جنائيتان من هيئة محلفين كبرى تتعلقان بأعمال وصفها بأنها غير قانونية وغير مشروعة. ونشرت رئاسة الولايات المتحدة تغريدة مقتضبة احتفالا بالقرار: «العدالة في أميركا!»

قالت المدعية العامة بام بوندي إن «لا أحد فوق القانون»، ووصفت الإدانة بأنها دليل على التزام وزارة العدل بمحاسبة من يسيء استغلال مواقع القوة.

كيف ردّ كومي؟
أصدر كومي مقطع فيديو على إنستغرام قال فيه: «عرفت عائلتي وأنا منذ سنوات أن الوقوف في وجه دونالد ترامب له تكاليف. لكن لم نستطع أن نتخيّل لأنفسنا أن نعيش بأي طريقة أخرى. لن نعيش راكعين، ولا ينبغي أن تفعلوا ذلك أيضاً». وأضاف: «ثقتي كبيرة بالنظام القضائي الفدرالي وأنا بريء. فلتجرِ المحاكمة ولنبقَ متمسكين بالإيمان.»

يقرأ  حريق في مبنى مكاتب شاهق الطوابق في لاغوس مقتل 10 أشخاص على الأقل

ماذا يقول منتقدو اتهام كومي؟
أثارت القضية ضد جيمس كومي مخاوف من أن وزارة العدل، بقيادة بوندي، تُستخدم لأغراض سياسية لاستهداف أعداء ترامب. يرى المنتقدون أن تدخل البيت الأبيض طمس الخط الفاصل بين القانون والسياسة. تضمنت الاتهامات أن ترامب مارس ضغوطاً علنية على بوندي لرفع لائحة اتهام ضد كومي، ثم أعرب عن استياءه لأن التحقيقات لم تُسفر عن ملاحقات قضائية. كما أعلن عن عزمه ترشيح ليندسي هاليغان، مساعدة موالية بلا خبرة كمدعٍ اتحادي، لتولي منصب المدعي العام الأعلى في فيرجينيا.

كانت دائرة فيرجينيا الشرقية، التي قدمت الدعوى، في حالة اضطراب بعدما استقال المدعي العام الأقدم تحت ضغط لملاحقة منافس آخر لترامب، المدعية العامة لنيويورك ليتيتيا جيمس. نقلت هاليغان قضية كومي إلى هيئة محلفين كبرى رغم تحذيرات مدّعين متمرسين.

«هذا النوع من التدخل إساءة خطيرة للسلطة»، قال السيناتور الديمقراطي مارك وارنر من فيرجينيا. «بإقصاء مدّعٍ محترم ومستقل واستبداله بوليّ موالي حزبياً، يقوّض ترامب أحد أهم مكاتب المدعين في البلاد ويقوّض حكم القانون نفسه.»

يحذّر خبراء القانون من أن هذه الخطوة تخلق سابقة خطيرة. وقالت سحر عزيز، أستاذة القانون المتميزة بجامعة روتجرز: «صرّح ترامب صراحة أنه يسعى لاستخدام سلطة الرئاسة للانتقام ممن يعتبرهم خصوماً سياسيين أو أشخاصاً يكرههم شخصياً. هذا أمر غير مسبوق لانه يستخدم النظام القضائي الجنائي لتهديد حرية مسؤول رفيع سابق». وأضافت: «لقد أرست هذه الخطوة سابقة مفادها أن الأمر نفسه قد يحدث له وللأشخاص الذين يعينهم. إنها منزلق نحو Authoritarianism.»

أضف تعليق