لماذا يُحاكم جايير بولسونارو في البرازيل — وما الذي ينتظره بعد ذلك؟

مستقبل الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو معلق، فيما تدخل محاكمته اليوم مرحلة الحسم بتهمة التحريض على مؤامرة للبقاء في السلطة. البلاد تستعد لاحتمال اندلاع اضطرابات خلال سير جلسات المحاكمة.

مجلس من القضاة في المحكمة العليا قرّر عقد جلسات من الثاني حتى الثاني عشر من سبتمبر للفصل فيما إذا كان الزعيم الشعبوي السابق مذنباً في السعي إلى إلغاء نتيجة انتخابات الرئاسة 2022، التي خسرها أمام الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.

بولسونارو، البالغ من العمر سبعين عاماً، موجهة إليه خمس تهم تتعلق بمحاولة تنفيذ انقلاب، وهو ينفي ارتكاب أي مخالفات ويقضي حالياً الحبس المنزلي بعدما كرر اتهاماته بأن محاكمته مسيسة.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب تفاعل مع هذا الطرح، وفرض رسماً استيرادياً بنسبة 50% على الواردات البرازيلية مبرّراً ذلك بما سمّاه حملة اضطهاد سياسي تجاه بولسونارو ووصف المحاكمة بأنها «مطاردة ساحرات» ضد خصم سياسي.

ما المتوقع أن يحدث يوم الثلاثاء؟
لجنة مكوّنة من خمسة قضاة في المحكمة العليا تستمع للقضية المرفوعة ضد بولسونارو وسبعة من حلفائه. من المتوقع أن يبدأ القاضي ألكسندري دي مورايس — الذي يتّهمه بولسونارو وحلفاؤه بأنه يقود المحاكمة ضده — بعرض تفاصيل القضية. من بين أعضاء الهيئة القضائية أيضاً كريستيانو زانين، المحامي السابق للرئيس لولا، وفلَافيو دِينو، وزير العدل السابق في الحكومة اليسارية. تجدر الإشارة إلى أن بولسونارو خلال رئاسته عيّن قاضيين في المحكمة العليا لا يشاركان في هذه الهيئة.

بعد كلمة دي مورايس، من المتوقع أن يتلو النائب العام التهم الموجّهة إلى بولسونارو، ثم يدلي محامو المتهمين بتصريحاتهم. من الناحية النظرية، إذا توجه القضاة إلى التصويت مباشرة بعد المرافعات الختامية ووُفّق لبلوغ أغلبية، قد يُدان بولسونارو يوم الثلاثاء نفسه.

يقرأ  إجلاء آلاف السكانبعد فيضانات «استثنائية الارتفاع»

عملياً، غالباً ما تُعرقل محاكمات المحكمة العليا بسلسلة إجراءات موقوفة وتأجيلات قد تطول شهوراً. ويتوقّع على نطاق واسع أن يثير محامو بولسونارو مسائل إجرائية، ويقدّموا طعوناً، ويعرضوا «أدلة جديدة» في محاولة لتمديد زمن المحاكمة.

بأي جرائم يُتّهم بولسونارو؟
التهم الخمس الموجّهة إليه تتضمن: محاولة تنفيذ انقلاب، الانضمام إلى منظمة إجرامية مسلّحة، محاولة إلغاء عنفياً لسلطة القانون والدستور، وتهمتان تتصلان بتدمير ممتلكات الدولة. الإدانة بتهمة المؤامرة للانقلاب وحدها قد تصل عقوبتها إلى 12 عاماً سجناً.

ثلاثة من حلفاء بولسونارو المقربين يُحاكمون إلى جانبه، بينهم نائب رئيسه ووزير دفاعه السابق والتر بغا نيتو، والوزير السابق الآخر باولو سيرجيو نوغويرا.

تقول النيابة إن أحداث الشغب في الثامن من يناير 2023، عندما اقتحم مؤيدو بولسونارو مبانٍ حكومية كبرى بعد أسبوع من تولي لولا منصبه، كانت محاولة من معسكر بولسونارو لفرض تدخل عسكري وإزاحة الرئيس الجديد. كما تتّهم النيابة مساعدي بولسونارو بالتخطيط لاغتيال لولا قبل أداء اليمين، وتقول التحقيقات إن الأدلة تُظهر موافقة الرئيس السابق على الخطة.

المحكمة الانتخابية العليا في البرازيل حظرت سابقاً بولسونارو من الترشح للانتخابات حتى عام 2030 بتهمة إساءة استعمال السلطة أثناء توليه المنصب والتشكيك في نظام الاقتراع الإلكتروني بالبلاد.

مع أن بولسونارو ينفي محاولة الإطاحة بالديمقراطية البرازيلية، فقد اعترف في إفادة أنّه شارك في اجتماعات بحثت سبل اعادة نتائج انتخابات 2022.

من جانبه، أعلن بولسونارو عزمه الترشح مجدداً لرئاسة البلاد في 2026.

هل سيحضر بولسونارو جلسات المحاكمة؟
بولسونارو يخضع للحبس المنزلي في مجمع سكني محاط بحراسة مشدّدة في العاصمة برازيليا. قال أحد محاميه إن حضور الرئيس السابق لجلسات هذا الأسبوع لا يزال غير واضح. يرتدي قيداً إلكترونياً حول الكاحل وتتم مراقبته بالكامل بعد أن عثرت التحقيقات على وثيقة تشير إلى احتمال سعيه لطلب اللجوء السياسي في الأرجنتين — وهو ادعاء ينفيه محاموه.

يقرأ  استثمرت حماس بكثافة في الدعاية

منذ يوليو، مُنع بولسونارو من الاتصال بمسؤولين أجانب أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو الاقتراب من السفارات الوطنية.

ماذا سيحصل لو أدين بولسونارو؟
رغم أن العقوبة القصوى المجمعة عن التهم الموجهة قد تتجاوز أربعين عاماً، يتوقع المحامون أن تكون العقوبة الفعلية أقصر، مع العلم أن أربعين عاماً تمثل الحد الأقصى المسموح به للسجن في البرازيل.

لماذا تعتبر هذه المحاكمة مهمة؟
وصف بعض المراقبين البرازيليين محاكمة بولسونارو بـ«التاريخية»، مشيرين إلى أنها المرة الأولى التي يُحاكم فيها مسؤولون رفيعو المستوى بتهمة محاولة انقلاب. استولى نظام عسكري على السلطة لأكثر من عشرين عاماً حتى 1985، بعد أن أطاح الجيش، بدعم من النخبة المحافظة، بالرئيس المنتخب جوان جولارت عام 1964. وعلى الرغم من انتهاكات حقوق الإنسان، عبّر بولسونارو عن حنينه إلى حكم الجيش في البرازيل.

في عام 1979 أصدرت الحكومة قانون العفو، وبمقتضاه لم تُحاكم البرازيل أي من مسؤولي الجيش المتورطين في الانتهاكات الواسعة خلال تلك الحقبة.

من منظور بولسونارو وأنصاره، التهم الموجّهة إليه تُعدّ اضطهاداً سياسياً يهدف إلى إحباط عودته السياسية في انتخابات العام المقبل.

هل ترامب متورط في المحاكمة؟
في الأول من أغسطس، فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسماً بنسبة 50% على البضائع البرازيلية، مستنداً إلى التهم الموجّهة ضد بولسونارو، واصفاً معاملة البرازيل للرئيس السابق بأنها «عار دولي». وفي رسالة إلى لولا في يوليو، قال ترامب إن سبب فرض الرسوم يعود جزئياً إلى «الهجمات الخبيثة على الانتخابات الحرة وحرية التعبير الأساسية للأميركيين».

وأضاف أن الرقم 50% أقل بكثير مما يلزم لتحقيق تكافؤ الفرص بين البلدين. واعتبر أن طريقة تعامل البرازيل مع بولسونارو، الذي وصفه بـ«قائد يحظى باحترام عالمي خلال ولايته، بما في ذلك من الولايات المتحدة»، تشكل فضيحة دولية.

يقرأ  لجنة في مجلس النواب الأمريكي تطالب بالحصول على «دفتر أعياد الميلاد» لإبستين من تركةه

على الرغم من أن حرب ترامب التجارية استهدفت في الأساس دولاً ذات فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة، فإن واردات البرازيل من الولايات المتحدة تفوق صادراتها بكثير، وسجّل التجار بين البلدين فائضاً لصالح واشنطن بلغ 28.6 مليار دولار في 2024.

أشار رئيس البرازيل لولا إلى أن حكومته لن تفرض على الفور رسوماً انتقامية على الولايات المتحدة، ودعا بدلاً من ذلك ترامب إلى الدخول في حوار تجاري. كما اشتركا الأيام الماضية من التصريحات — اشتهر ترامب بمقارنته لنفسه وبولسونارو، وكتب في وقت سابق من هذا العام أنه يتعاطف مع ما يحدث لبولسونارو وقال «حدث لي، بمقدار عشرة أضعاف.»

أضف تعليق