نساء خَدَمْنَ في القوات المسلحة الأمريكية رفضن إعلان وزير الدفاع بيت هيغسث عن إعادة متطلبات الأدوار القتالية إلى «أعلى معيار ذكوري»، مؤكدات أن المعايير كانت دائماً موحدة بين الرجال والنساء.
«لم تطلب أي منا معاملة خاصة أبداً»، قالت إليسا كاردنيل، التي خَدَمَت في البحرية الأميركية أحد عشر عاماً، في مقابلة مع الـBBC.
أمام مئات الجنرالات، جدد هيغسث ادعاءه بأن المؤسسة خفَّضت المعايير لاستيعاب النساء مما عرض الأفراد للخطر، وأن توجيهاته الجديدة سترجِع الأمور إلى مستوى أعلى. وقال بوضوح: «إذا كان هذا يعني أن لا مؤهلات للنساء لأعمال القتال، فليكن». مع ذلك أضاف أنه لا ينوي استبعاد النساء من القوات المسلحة بشكل قاطع.
تعيينه في منصب وزير الدفاع مرّ بصعوبة في مجلس الشيوخ في يناير، إذ اضطر نائب الرئيس جيه دي فانس لكسر تعادل الأصوات بعد جدل حول آرائه بشأن النساء والتنوع. وأبلغ الجنرالات أنه أرسل إليهم عشر توجيهات تضمنت ما وصفه بـ«المعيار الذكوري».
ردود الفعل بين المحاربات كانت غاضبة. في تسجيل على إنستغرام قالت الطيارة السابقة في مشاة البحرية إيمي مكغارث: «سئمنا من كذب بيت هيغسث حول النساء والمعايير»، وأضافت: «لطالما كان هناك معيار واحد لمثل هذه الوظائف. لم يكن هناك معيار رجال ومعيار نساء لطيران الطائرات الحربية».
كاردنيل أوضحت أن الجنس والعمر ليسا جزءاً من معايير التقييم الخاصة بالأدوار القتالية. المعايير القتالية تُحدَّد باختلاف الوحدة — عمليات خاصة، مشاة، دبابات أو إنقاذ مظلي — لكن جميع العاملين في هذه المراكز يخضعون لنفس الاختبارات. «هذه المعايير كانت دائماً محايدة جنسياً وقد وُضعت عند مستوى رفيع»، قالت. «طبعاً ليس كل النساء سيجِدن تجاوزها، لكن ليس كل الرجال كذلك أيضاً».
هذا يختلف عن الفحوصات البدنية السنوية العامة لجميع الأفراد التي تضم تمارين روتينية كالضغط، حيث تختلف المعايير والنقاط بحسب العمر والجنس وتختلف باختلاف الوحدة.
لا يزال غير واضح إن كان هيغسث سيفرض تغييرات جذرية في طرق تقييم الأفراد. البنتاغون طُلب منه توضيح خططه. في خطابه قال هيغسث: «أي موضع تغيّرت فيه المعايير البدنية المجرَّبة والثابتة، خاصة منذ 2015 عندما تغيّرت معايير أسلحة القتال لكي تتمكن الإناث من التأهل، يجب أن يُعاد إلى معاييره الأصلية».
كان يقصد بذلك على ما يبدو توجيه وزير الدفاع السابق آش كارتر في 2015 الذي فتح جميع الوظائف العسكرية للنساء وأكد أن أي شخص، بغض النظر عن جنسه، ويستوفي المعايير يجب أن يُسمَح له بالخدمة.
وأضاف هيغسث: «عندما يتعلق الأمر بأي وظيفة تتطلب قدرة بدنية لأداء القتال، يجب أن تكون تلك المعايير عالية ومحايدة جنسياً. إن استطاعت النساء الوصول إليها فممتاز، وإن لم تستطعن فهكذا هي الأمور».
على نطاق أوسع، قال إنه يغيّر المتطلبات في الجيش لإصلاح «عقود من الانحلال»، وشنّ انتقادات على ما وصفه بترقية قادة بالزي العسكري لأسباب خاطئة مثل العرق أو الجنس و«الإنجازات التاريخية المزعومة».
من جانبها انتقدت السناتورة تامي داكوورث، وهي من قدامى المحاربين وأصيبت إصابات بالغة أثناء خدمتها طيارة مقاتلة في العراق، قائلًة بعد الخطاب: «رجل غير مؤهل لوظيفته الخاصة يتحدث بشكل تمييزي عن نساء مؤهلات للقيام بواجباتهن». وأضافت أن تصريحاته قد تضر بالتجنيد.
تعود بداية سماح النساء بقيادة طائرات القتال في البحرية والقوات الجوية إلى عام 1993، وإن كانت مستبعدات من القتال البري آنذاك. تغيّر ذلك في 2013 عندما أُلغيت سياسة الاستبعاد القتالي، وبحلول 2016 فتحت الوظائف القتالية لجميع الأفراد.
ونظراً لأن إدماج النساء في جميع الرتب حدث حديثاً نسبياً، فإن كثيرات لا يزلن في منتصف مسيراتهن المهنية، كما قالت كاردنيل: «يحتاج الأمر وقتاً لرؤية هؤلاء النساء يكسرن السقف النحاسي، ولم تُتح لنا الفرصة حتى الآن».
الجنود النسائيون النشطاء والمحاربات السابقات يخشين الآن أن يساهم هيغسث في بناء ثقافة عسكرية تُحْبَط فيها النساء وتُعاق بهن عن التقدم، لأن «القياده توفِر النبرة»، كما قالت.
لم تعارض كل النساء تصريحات هيغسث؛ النائبة الجمهورية شيري بيغز، التي خدمت كقائدة رتبة مقدم في الحرس الوطني الجوي، أعربت عن دعمها لجهود الوزير لإنهاء سياسات «الاستيقاظ» داخل الجيش. وقالت إن إعادة المعايير التي تُعطي الأولوية للتميز والمساءلة تضع أمن أمريكا وأفرادها في المقام الأول.
وإحدى الجمهوريّات الأخريات من ساوث كارولاينا، النائبة نانسي ميس التي تخرجت من كلية ذا سيدل العسكرية، أعربت عن دعمها عبر موقع X قائلة: «أعداؤنا لا يخشون حصص التنوع، إنما يخشون القوة النارية الأمريكية».