ماذا تكشف صياغة اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة؟

هدنة تدخل حيِّز التنفيذ بعد إقرار حكومة إسرائيل صفقة توسطت فيها الولايات المتحدة، وبمشاركة شخصية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

النص الكامل للإتفاق لم يُنشر علنًا، وإن نُشرت أجزاء منه عبر وسائل إعلام إسرائيلية.

ما صدر من الوثيقة يفتقر إلى التفصيل في نقاط أساسية، ويحتوي في مواضع عدة على صياغات غامضة قد تكون مقصودة لترك هامش تفسيري واسع.

حتى عنوان الوثيقة، «خطوات تنفيذ اقتراح الرئيس ترامب لإنهاء شامل لحرب غزة»، يترك مكانًا لتأويلات متفاوتة؛ فالصياغة توحي بأنها إجراءات أولية لتنفيذ خطة من عشرين بندًا أعلنها الرئيس في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، واتُّفق عليها بعد مشوارت في مصر تتناول المرحلة الأولى المرتبطة بوقف إطلاق النار، وتبادل أسرى ومخطوفين، وتصعيد المساعدات الإنسانية.

ومع ذلك، فإن إبراز عبارة «الإنهاء الشامل لحرب غزة» يوحي بالإعلان عن نهاية الحرب المستمرة منذ سنتين، وهو ما تكرّسه فقرة صريحة في الوثيقة وتفتح المجال أمام النقاش حول المراحل اللاحقة للخطة، بما يشير إلى أن الأعمال العدائية لن تُستأنف حتى في حال شلّت المفاوضات.

الأمر حاسم لأن نقاط احتكاك رئيسية ما زالت قائمة، منها مطلب إسرائيل بتجريد حماس من السلاح، ومدى الانسحاب الإسرائيلي، وخطة حكم للقطاع. الوثيقة تغيب عنها ضمانات واضحة تمنع إعادة التصعيد أو تبيّن النتائج المترتبة على خرق أحد الطرفين للالتزامات.

بعد التوصل إلى الصفقة، قال خالد الحيه، القيادي الحاصل على منفاه من غزة، إنه حصل على تطمينات من الولايات المتحدة والوسطاء تفيد بأن الحرب قد انتهت.

من جهته لم يُصرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علنًا بأن الصراع قد انتهى. وبعد موافقة الحكومة الإسرائيلية على الصفقة، نشر نتنياهو فيديو بدا فيه مهددًا باستخدام القوة إذا لم تُلبَّ مطالب إسرائيل، ومنها تجريد حماس من السلاح: «إذا تحقق ذلك بالسبيل الهادف فخير، وإذا لم يحدث فسيتحقق بالسبيل الصعب»، على نحو موجز.

يقرأ  فرق الإنقاذ في نيجيريا تواصل البحث عن عشرات المفقودين إثر انقلاب قارب

الوثيقة لا تحدد الخطوات اللاحقة لتنفيذ كامل لخطة ترامب، مما يترك مجالًا لعودة القوات الإسرائيلية إلى مناطق انسحبت منها في حال اعتُبرت حماس غير ملتزمة بالكامل بالاتفاق، من دون تفصيل ما يُعدّ إخلالًا صريحًا بالعقد.

كما لا تستبعد النصوص صراحة احتمال استمرار الغارات الجوية. وقبل التوصل إلى الصفقة، كانت هواجس لدى مسؤولي حماس من تكرار سيناريو لبنان، حيث لم تمنع صفقة وقف إطلاق النار تكرار الغارات اليومية تقريبًا على أهداف تقول إسرائيل إنها مرتبطة بحزب الله؛ والحكومة اللبنانية ترى أن أعمال إسرائيل انتهاكات للاتفاق الذي جرى التوسط فيه بمساعدة أمريكية.

وعلى الرغم من المطلب بأن يتم إطلاق سراح جميع الرهائن، أحياء وقتلى، خلال 72 ساعة من الانسحاب الجزئي الإسرائيلي، تبدو الوثيقة متساهلة ضمنيًا بشأن استحالة استعادة كل الجثامين خلال تلك المهلة، مما يتيح لحماس تقديم معلومات عن الذين تعذر تحديد أماكنهم.

النص لا يوضّح النتائج في حال تأخّر الإفراج عن العشرين مختطفًا المعتقد أنهم أحياء.

ثمة أيضاً إشارة إلى إنشاء آلية لمراقبة الاتفاق والإبلاغ عن أي خروقات.

أعلنت الولايات المتحدة منفصلة أنها تنقل ما يصل إلى 200 جندي من قوات منتشرة في المنطقة لتنسيق القوة متعددة الجنسيات. وبافتراض إتمام تبادل الرهائن والأسرى، قال مسؤولون إن النية قائمة لتشكيل «قوة دولية للتثبيت» على أن تُتفق تفاصيلها لاحقًا بين الأطراف.

المرحلة التالية من الصفقة تبقى غامضة. الاتفاق يُعد اختراقًا دبلوماسيًا بارزًا يقود حملة ترامب الذي يسعى إلى أن يُنسب إليه الفضل في إنهاء الصراع؛ وقد وظّف نفوذ الولايات المتحدة للضغط على نتنياهو، المتهم بعرقلة محاولات سابقة للتوصل إلى تسوية، للمشاركة في المفاوضات.

تعرضت حماس لضغوط من مصر وقطر وتركيا ومن سكان القطاع الذين يعانون حاجة ماسة للمساعدات.

يقرأ  انتر ميامي ضد نيويورك سيتي ميسي يهز الشباك — ميامي تتأهل إلى تصفيات كأس إم إل إس أخبار كرة القدم

الخلفية: شنّت إسرائيل الحرب ردًا على هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023 التي أودت بحياة نحو 1,200 شخص، غالبيتهم من المدنيين، وجرى أسر 251 آخرين.

وأسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 67,000 فلسطيني، بينهم أكثر من 18,000 طفل، بحسب وزارة الصحة التي تديرها حماس، مع نشوء أزمة إنسانية كارثية.

كانت المرحلة الأولى من خطة الرئيس، ربما، الأسهل؛ فنتنياهو واجه ضغوطًا داخلية متزايدة، واستطلاعات الرأي أظهرت رغبة أغلبية الإسرائيليين في اتفاق مع حماس وإنهاء الحرب، بينما اعتبرت حماس بقاء الرهائن عبئًا أعطاها ذريعة لإطالة أمد القتال.

ما سيحصل لاحقًا غير واضح. لا يتقدم المسار سوى إذا بقيت الإدارة الأمريكية منخرطة بفعالية، إذ لدى كل من إسرائيل وحماس دوافع لتأخير التنفيذ. ثمة زخم حاليا، لكن العقبات الرئيسية ما تزال قائمة.

أضف تعليق