اعتبر أمين عام حلف الناتو أن التزام دول الحلف بإنفاق 5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع يمثل “أكبر نجاح في السياسة الخارجية لدونالد ترامب”.
في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية، قال مارك روتي إن الناتو أصبح “أقوى مما كان عليه في أي وقت مضى” بفضل سياسات ترامب، مضيفاً أن الأخير “خبر سار للدفاع الجماعي وللناتو ولـاوكرانيا”.
ترامب شنّ انتقادات لاذعة لحلفائه الأوروبيين على تدنّي إنفاقهم الدفاعي، وحتى هدّد بسحب الحماية الأميركية إذا لم يغيروا من سياساتهم.
وحذر أمين عام الناتو من احتمال شنّ روسيا هجوماً على دول الحلف خلال السنوات الخمس المقبلة؛ وردّ الرئيس بوتن على هذه التصريحات باعتبارها “هستيريا” و”هراء” مكرّراً أن أي تهديد روسي مزعوم للدول الأوروبية لا أساس له.
بعد إطلاق بوتين غزوه الشامل لشهر فبراير 2022 أعلن ضمّ أربع مناطق أوكرانية: دونيتسك ولويهانسكوزابورجيا وخيرسون، بعد أن كان قد ضمّ القرم عام 2014. وتحتل روسيا حالياً معظم إقليم لوهانسك، وتطالب أيضاً بانسحاب أوكرانيا من كامل دونيتسك رغم أن كييف لا تزال تسيطر على نحو 23% من المنطقة الشرقية.
أكّد بوتين أن أهداف “العملية العسكرية الخاصة” ستتحقق، وأنه يفضّل الحل الدبلوماسي، لكنه حذّر من أنه إذا امتنع الطرف المقابل وراعوه الخارجيون عن الدخول في مناقشات جادة فستضطر روسيا إلى تحرير أراضيها التاريخية بالقوة.
ووصف روتي استمرار سعي بوتن إلى “الفكرة التاريخية” لاستعادة النفوذ على الأراضي التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتي السابقة بأنه “جنون”، مشيراً إلى أنّ هذا السعي أوقع نحو 1.1 مليون قتيل أو جريح بين جنود وشعوب المنطقة.
أشاد روتي أيضاً بمحاولات ترامب لإيجاد حل للنزاع؛ إذ تجري بعثة أميركية مفاوضات مكثفة مع مسؤولين أوكرانيين حول خطة سلام مقترحة من ترامب، رآها فريق أولي أنها تميل إلى منح تنازلات لصالح روسيا، بما في ذلك احتمال التنازل عن سيطرة أجزاء من الشرق الروسي وتقديم ضمانات أمنية لكييف تمنع عدواناً مستقبلياً.
تقول مسؤولة أميركية إن واشنطن مستعدة لعرض ضمانات على غرار المادة الخامسة من معاهدة الناتو المتعلقة بالحماية المتبادلة.
في اجتماع دُعِي إليه الرئيس فولوديمير زيلينسكي ببرلين، اقترح متحدون أوروبيون أيضاً تشكيل “قوة متعددة الجنسيات بقيادة أوروبية” لمساعدة أوكرانيا على إعادة بناء قواتها، وتأمين أجوائها، ودعم سلامة الملاحة البحرية، بما في ذلك عمليات داخل الأراضي الأوكرانية نفسها.
وأوضح أمين عام الناتو أن وجود ضمانات أمنية صارمة سيرسل رسالة واضحة لروسيا تفيد بأنه لا ينبغي لها أن تحاول مهاجمة أوكرانيا مجدداً، لأن رد الحلف سيكون مدمرًا، وأن هذه الخيارات قيد التداول الآن.
أما بوتن فعارض مثل هذه المقترحات، وحذر من أن موسكو لا تسعى إلى صراع مع أوروبا لكنها “جاهزة في الحال” إذا رغبت أوروبا أو بادرت بالحرب. وقد قُدمت تهديدات مُماثلة من موسكو قبل اجتياح 2022، رغم أنها لم تمنع في النهاية عبور نحو 200 ألف جندي روسي للحدود.
تعمل اقتصاديات روسيا في حالة تعبئة حربية منذ أكثر من ثلاث سنوات، إذ تتزايد إنتاجاتها من الطائرات المسيرة، والصواريخ، وذخائر المدفعية. وذكر تقرير لمعهد كيل للاقتصاد العالمي أن روسيا تُنتج شهرياً نحو 150 دبابة، و550 مدرعة قتال مشاة، و120 طائرة من طراز “لانست” من دون طيار، وأكثر من 50 قطعة مدفعية.
المملكة المتحدة ومعظم حلفائها الغربيين لا تقترب بعد من هذا المستوى؛ ويقول محلّلون إن مصانع أوروبا الغربية ستحتاج سنوات لتقارب قدرة روسيا في الإنتاج الكمي للأسلحة.
اتخذت فرنسا وألمانيا خطوات أخيراً لإحياء نظام الخدمة العسكرية التطوعية لشباب سنّ 18 عاماً.
يضم حلف الناتو ثلاثين دولة أوروبية بالإضافة إلى كندا والولايات المتحدة العضو العسكري الأقوى في الحلف. وتحت ضغوط ترامب، تعهّدت دول الحلف في قمتهم في لاهاي في يونيو بزيادة الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035، استناداً إلى “التهديد طويل الأمد الذي تشكّله روسيا” وإرهاب وغيرها.
وختم روتي بالتحذير من أن الناتو أقوى الآن، لكنه أضاف أن عدم تنفيذ قرارات لاهاي سيجعلنا خلال سنوات أقل قوة من الروس، وهو وضع بالغ الخطورة.