ما الذي تسبب في الدمار الهائل لفيضانات نيبال وكيف تم احتواؤها؟ — أخبار المناخ

مقدمة
هطلت أمطار غزيرة خلال الأيام الماضية تسببت في فيضانات وانهيارات أرضية واسعة النطاق في نيبال وفي مدينة دارجيلنغ الواقعة في الهيمالايا الشرقية بولاية البنغال الشرقية بالهند. تقارير محلية ورسمية أفادت عن سقوط عشرات القتلى وتهجير عشرات العائلات خاصة في مقاطعة إيلاَم الجبلية شرقي نيبال، على الحدود مع الهند.

مدى هطول الأمطار
بدأت العواصف الماطرة القوية في الثالث من أكتوبر، وأظهرت بيانات إدارة الهيدرولوجيا والأرصاد أن بعض المناطق سجلت كميات هطول شديدة التركيز محلياً. منسوب الأمطار العام كان أقل قليلاً مقارنة بالعام الماضي، لكن كثافة الغزارة في بقع محددة — ما يُسمّى بالأمطار المحلية فائقة التركيز — أدت إلى أضرار واسعة. سجّلت محطات الرصد في راوتاهات وإيلاَم أكثر من 330 و300 مليمتر على التوالي خلال يومَي العاصفة، مع العلم أن أي هطول يتجاوز 150 مليمتر خلال 24 ساعة يُعد شديداً للغاية. في كاتماندو تراوحت التسجيلات بين نحو 145 مليمتر هذا الموسم مقابل نحو 240 مليمتر في أواخر سبتمبر من العام الماضي، عندما شهد وادي كاتماندو أسوأ فيضان منذ 2002.

أسباب الفيضانات والانهيارات الأرضية
تُعزى الكارثة إلى تداخل عوامل عدة:
– رياح المونسون: اندفاع رطوبة مكثفة من خليج البنغال عبر ولايتي بيهار وأتر برديش في الهند أدّى إلى هطولات متطرفة ومركّزة زمنياً ومكانياً.
– الطبوغرافيا: مساحات السهول التراي (مثل روتاهات وبارا وبارسا) المسطحة — الواقعة على الحدود الجنوبية للبلاد — تفتقر إلى انحدار كافٍ لصرف المياه، فانهارت أمام كميات هائلة من المياه، بينما أدت نفس الأمطار إلى زعزعة استقرار المنحدرات الحادة في المقاطعات الجبلية مثل إيلاَم محدثة انهيارات قاتلة.
– بنية تحتية سيئة التخطيط: أعمال توسعة الطرق التي تقوّض استقرار السفوح، والتعدّي على المساحات الطبيعية، وتصميم غير علمي لبعض مشاريع الطرق (خصوصاً على طريق نارايانغاد-موغلين) زادت من وتيرة وتكرار الانهيارات والتأثيرات السلبية.
– تغيّر المناخ: رغم أن إجمالي الهطول لم يكن الأعلى تاريخياً، فإن تكرار حوادث الطقس الشديد والمتطرفة يُرجّح ارتباطه بتكثيف دورة الماء الناتج عن تغيّر المناخ، ما يجعل مثل هذه الأحداث أكثر تواتراً وشدّة.

يقرأ  ستيفاني كيلغاست «يوتوبيا» عشر سنوات من التماثيل النابضة بالحياة في عالم ما بعد الكارثة — أعمال عملاقة

استجابة الحكومة
وسط وضع سياسي متقلب شهد استقالات واحتجاجات شعبية، نالت حكومة تصريف الأعمال برئاسة سوشيلة كاركي ثناءً على الإجراءات الوقائية المبكرة. استندت السلطات إلى توقعات الأرصاد فصدرَت تحذيرات مبكرة، أُغلِقت طرق رئيسية وأُوقِفَت الحركة المرورية تحسباً للفيضان، ونُشِرَت قوات الجيش لمساعدة المتضررين ونقل ممتلكاتهم، وتمّ تمركز فرق تقنية وجرافات في مناطق حساسة قبل وقوع الأسوأ، كما أُعلِن عطلة وطنية لمدة يومين كإجراء احترازي. وزير الطاقة كولمان غيسنغ قام بتفقد الطرق المتضررة وأصدر توجيهات لتقييد الحركة على الممرّات الضعيفة. هذه التدابير خفّفت من الخسائر البشرية إلى حد ما، لكنها لم تَنْجُ من حجم الأضرار المادية الكبيرة التي أعاقت جهود الإغاثة وإعادة الإعمار.

التحديات والاحتياجات لتحسين الاستجابة
الأثر الملموس للأحداث يبرز فجوة أساسية في التعامل مع مخاطر الانهيارات الأرضية، لأن هذه الحوادث مفاجئة وقاتلة بدرجة أكبر من الفيضانات السطحية. يقول الخبراء إنه لا بد من تحوّل جذري في السياسات والممارسات يشمل:
– مخططات عمرانية مستندة إلى دراسات جيولوجية وهيدرولوجية دقيقة تمنع البناء والتعدّي في المناطق المعرضة.
– تصميم بنى تحتية مقاومة للفيضانات ومنظومات تصريف فعّالة في السهول.
– برامج رصد مبكرة متطورة وتوسع نطاق شبكات الرصد المحلي لالتقاط ظواهر المطر الفائق التركيز.
– خطط إخلاء منظمة وتدريبات منتظمة للسكان المحليين والجهات التنفيذية.
– استثمار طويل الأمد في استعادة المناظر الطبيعية، التشجير، وتثبيت المنحدرات لتقليل خطر الانزلاق.

خاتمة
رغم أن الاستجابة السريعة للحكومة حالت دون كارثة بشرية أكبر، تبقى الحاجة ملحّة إلى إجراءات تخطيطية ومنهجية متقدمة للحد من تكرار وتأثير مثل هذه الكوارث، خصوصاً مع استمرار تأثيرات تغيّر المناخ على نمط الهطولات الشديدة. يجب أن تتصدر إدارة مستجمعات المياه الشاملة الأولويات، مع التركيز على تثبيت المنحدرات والتحكم بمياه الجريان السطحي، لأن هذا الجانب قد تُرك مهمّشاً لفترات طويلة في نهجنا الحالي للحد من مخاطر الكوارث.

يقرأ  كينيا تعلن مكافأة مع تصاعد الغضب بعد فشل السلطات في القبض على مشتبه به بارتكاب جرائم قتل متسلسلة

كيف يقارن ذلك برد الحكومة العام الماضي؟
أشاد كثيرون، من بينهم سومان شريستا التي كانت وزيرة في الحكومة السابقة، بأداء الحكومة الانتقالية، مشيرين إلى تفوّقها على استجابة حكومة أولي في العام السابق، بحسب ما نقلت صحيفة كاثماندو بوست.

عندما ضربت السيول نيبال العام الماضي، كان أولي في نيويورك لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. تعرض لانتقادات لعدم عودته السريعة للتعامل مع الفياضانات. وعند عودته الى البلاد، قال إن توجيه اللوم للحكومة على أي تأخير في عمليات الإنقاذ لا طائل منه، مجدِّداً حجته بأن حتى خبراء الأرصاد لا يستطيعون تحديد أماكن الانهيارات الأرضية بدقة.

من جهتها، حذرت شانتي مهات، المتحدثة باسم الهيئة الوطنية لتقليل مخاطر الكوارث وإدارتها، من استخلاص استنتاجات سريعة بشأن استجابة العام الماضي، مشيرةً إلى أن كميات الأمطار كانت أعلى، وأن هطول أقل قد كان قد يجنّب وقوع فيضانات بالكامل.

كما أشار أنيل بوخرل، المدير التنفيذي السابق للهيئة، إلى أن بعض الإجراءات الاحترازية اتُّخذت العام الماضي، لكن قرارات الحكومة بإغلاق الطرق وإيقاف الحركة لم تُطبَّق بالكامل. وقال لصحيفة كاثماندو بوست: «قرّرنا في العام الماضي إغلاق الطرق لتقليل المخاطر، لكن لأن تلك القرارات لم تُنفَّذ، تكبّد البلد خسائر بشرية فادحة».

أضاف بوخرل أن وعي العامة بتجربة العام الماضي ساعد في تعاملهم مع أوامر الحكومة هذه المرة بجدية أكبر، ما سهّل على السلطات اتخاذ قرارات سريعة خفّفت من حجم الأضرار. وقالت مهات لذات الصحيفة: «يبدو أن الناس تعلّموا من تجربة العام الماضي، فكان التعامل أسهل بعض الشيء هذه المرّة».

ما الوضع الحالي في نيبال؟
انحسرت كميات الأمطار في نيبال بشكل ملحوظ بحلول يوم الثلاثاء. فيما يتعلق بعاصمة إقليم كاثماندو، فقد سجّلت المقاطعات أقل من 5 مليمترات خلال الأربع والعشرين ساعة منذ يوم الاثنين. وأعلى كمية أمطار رُصدت يوم الثلاثاء كانت أكثر من 84 مليمترًا في محطة مارين خولا عند كوسونتر في مقاطعة سيندهولي في التلال الجنوبية الشرقية من إقليم باغماتي.

يقرأ  يامال المصاب يغيب عن تصفيات إسبانيا لكأس العالم 2026 — وقد يَفوت الكلاسيكو

في مشهد واحد، يشق رجل طريقه حاملاً حقيبة بينما يخوض شارعاً غارقاً على ضفة نهر باغماتي الذي فاض عن ضفافه بعد أمطار غزيرة، في كاثماندو.

ماذا حدث في الهند؟
تسببت الأمطار الغزيرة أيضاً في سقوط قتلى ودمار عبر الحدود في شمال شرق الهند. وأفاد المسؤولون بمقتل 28 شخصًا جراء العواصف، وكانت مدينة دارجيلنغ في ولاية غرب البنغال الأكثر تضرراً.

وقال براوين براكاتش، مسؤول شرطة ولاية غرب البنغال، لوكالة فرانس برس إن «انهيارات أرضية أُبلغ عنها من 35 موقعاً في تلال دارجيلنغ وأكثر من 100 منزل دُمرت». وذكر إتش. آر. بيسواس، رئيس الأرصاد الإقليمي في كولكاتا، أنه بعد أمطار عطلة نهاية الأسبوع «الخفيفة» للغاية — أو في الواقع كانت شديدة جداً في دارجيلنغ — من المتوقع مزيد من الهطول في الأيام المقبلة.

أضف تعليق