بعد ستّ سنوات من إحدى أخطر الأزمات المالية في العالم، أقرّ مجلس الوزراء اللبناني مشروع قانون قد يعيد جزءًا من أموال المودعين إلى حساباتهم. في 2019 تدهورت العملة الوطنية بسرعة، فأُغلقت أبواب المصارف وحرِمَ المودعون من الوصول إلى أموالهم؛ بل اضطرّ بعضهم أحيانًا إلى محاصرة فروع بنكية لاستعادة ودائعهم. بحلول الوقت الذي استقرت فيه الأمور نسبياً، كانت الليرة اللبنانبة قد فقدت نحو 98% من قيمتها.
ما الذي يقدّمه المشروع؟
– ينصّ المشروع المعروف باسم «قانون الفجوة» على تعويض المودعين حتى مبلغ 100,000 دولار خلال أربع سنوات، وهو تحسّن مقارنةً بمقترحات سابقة كانت تقترح السداد على مدى عقد أو أكثر. بالمقابل، كانت خطط سابقة في 2020 تحت حكومة حسان دياب تقضي بتعويضات تصل إلى 500,000 دولار للمودع الواحد.
– يُفترض أن يشمل الإجراء تدقيقًا ماليًا جنائيًّا شاملاً يفتح سجلات المصارف بالكامل — توزيعات الأرباح، المكافآت، وكل أشكال «الهندسة المالية» التي طبّقتها، وفق ما ذكره فؤاد ديب، محامٍ وعضو اتحاد المودعين.
– يؤكد رئيس الوزراء نواف سلام ضرورة إجراء هذا التدقيق للتعرّف على التباينات بين تصريحات المصارف وما تسجّله الدولة.
ما السلبيات؟
– الكثير منها. أولاً، مبلغ 100,000 دولار يُحتسب لكل مودع وليس لكل حساب؛ فإذا كان لدى شخص حسابان مجموعهما يزيد عن 100,000 دولار فسيتقاضى في النهاية 100,000 دولار فقط نقدًا، فيما يدفع الباقي سندات مضمونة من مصرف لبنان، بحسب تصريح رئيس الوزراء.
– الإصدار الحالي من المشروع يحمّل المصارف نصيبًا محدودًا فقط من التعويضات (كانت الإشارة إلى مسؤولية نحو 40% من سحوبات المودعين في بعض الصيغ)، رغم دورها المركزي في تفاقم الأزمة. المصارف والمصرافيين والسياسيون الموالون لهم يقودون حملات ضغط إعلامية وبرلمانية لتليين نصوص المشروع لصالحهم.
– خلال الأزمة، استمرت المصارف في توزيع أرباح على المساهمين ومنح مكافآت للإدارات بينما منُع المودعون العاديون من تلبية حاجاتهم اليومية. كما قال ديب: «المودعون يجب أن يكونوا آخر مَن يُطالَب بالدفع».
من المستفيد ومن المتحمّل للثمن؟
– المستفيدون الرئيسيون هم المصارف والمصرفيون والسياسيون المرتبطون بهم؛ أما الدولة فستتحمّل الجزء الأكبر من الكلفة المالية للانهيار. التباس المطالبات وغياب الشفافية يفاقمان الوضع.
ما حجم «الفجوة» التي يجب سدّها؟
– الدولة مطالَبة بتغطية الفجوة بين ما يَدين به المصارف للمودعين وما تستطيع منظومة القطاع المالي اللبنانية سداده. التقديرات الراهنة تشير إلى فجوة تقارب 70 مليار دولار.
من يطالب الدولة بالدفع؟
– المصارف تقول إن الأموال وُضعت لدى مصرف لبنان بناءً على ثقة المصارف، وأن مصرف لبنان قد سلّم الأموال للدولة التي خسرَتها، وبالتالي يجب أن تعيد الدولة المسار. في المقابل، يؤكد منتقدون أن المصارف أودعت أموال المودعين لدى مصرف لبنان من دون موافقة المودعين، مستفيدة سابقًا من أرباح طائلة. كما قال ديب: «وضعوا كل بيضهم في سلة واحدة… والمصارف كانت تعلم ذلك جيدًا.»
كيف ستسدّد الدولة ما عليها؟
– أساسًا من الأموال العامة: المبلغ النقدي الذي سيُسلم للمودعين سيُغطَّى، والباقي سيُسدَّد سندات مضمونة بالدولة وبأصولها، بما فيها احتياطي الذهب. وهذه الصيغة مقلقة لأن جزءًا كبيرًا من سندات الدولة الحالية مُباع لمؤسسات متخصّصة بالخُردة المالية (vulture funds) في الخارج، وبالتالي قد تُستخدم أصول الدولة لسداد تلك الديون أو لصالح مودعين كبار على حساب الشعب بأكمله.
ما موقف صندوق النقد الدولي؟
– في مفارقة نادرة، يتقاطع موقف صندوق النقد مع مطالب المجتمع المدني، إذ يطرح الصندوق تساؤلات حول من يَجب أن يتحمّل الكلفة أولًا. كما قال ديب إن موقف الصندوق يعكس «مدى جشع وحيطة النخب الحاكمة هنا».
خلاصة سريعة
– المشروع يمنح أملاً محدودًا للمودعين العاديين عبر سداد حتى 100,000 دولار خلال أربع سنوات وإجراء تدقيق جنائي واسع؛ لكنه يخلّ بدقة العدالة بين المتضرّرين ويخفّف من نصيب المصارف والفاعلين الماليين الذين تحمّلوا جزءًا كبيرًا من مسؤولية الانهيار.