متمردو ELN في كولومبيا يواجهون تهديدات أمريكية مرتبطة بالمخدرات في خضم جهود لاستئناف محادثات السلام أخبار الجماعات المسلحة

كاتاتومبو، كولومبيا — منطقة كاتاتومبو الممتدة على طول الحدود مع فنزويلا في إدارة نورتي دي سانتاندر تعد أكثر الحدود تقلباً في كولومبيا.

غنية باحتياطيات نفطية ومزارع كوكا، لكنها فقيرة ومهملة؛ وقد كانت هذه البقعة الحدودية على الدوام مسرحاً لمنافسات عنيفة بين فصائل مسلحة تتصارع للسيطرة على الأرض.

جيش التحرير الوطني (ELN)، أكبر جماعة متمردة باقية في كولومبيا، يتمتع بحضور قوي ومنظم ويمتد نشاطه عبر الحدود الشائكة مع فنزويلا. هناك، التقط بعض مقاتليه فريق عمل الجزيرة ونقلونا لمقابلة قياداتهم.

التوترات لا تزال مرتفعة. في يناير نزح آلاف الناس بسبب القتال بين جيش التحرير الوطني وجناح منشق عن القوات المسلحة الثورية لكولومبيا (فارك) الذي يواصل نشاطه في أجزاء من البلاد رغم اتفاقات السلام الموقعة عام 2016. الصراع يدور حول السيطرة على الإقليم والوصول إلى الحدود مع فنزويلا، وهو ممر حاسم لتهريب المخدرات خارج البلاد.

عند دخول المنطقة يصبح واضحاً أن جيش التحرير يمسك بكل مفاصلها: لا أثر للجيش الرسمي، أعلام التنظيم تزين الطرقات الجانبية، واللافتات تنقل رسائل تصف موقفهم من واقع كولومبيا الراهن: «السلام التام فشل»، كما يرددون.

لا توجد أيضاً تغطية للهاتف المحمول؛ السكان يشرحون أن شركات الاتصالات ترفض دفع «ضرائب» تفرضها الجماعات المسلحة المسيطرة على الأراضي.

عندما تولى غوستافو بيترو الرئاسة، وعد بتنفيذ خطة «السلام الشامل» مع الجماعات المسلحة. لكن المفاوضات لم تكن سهلة، لا سيما مع جيش التحرير الوطني، وتم تعليق الحوار الحكومي بسبب الاشتباكات في كاتاتومبو قبل أن يعلن المسؤولون لاحقاً الاستعداد لإعادة إطلاق المفاوضات.

التقينا بقائدين محليين، ريكاردو وسيلفانا، في منزل صغير وسط الجبال. طلبوا أن تكون المقابلة سريعة خشية هجوم محتمل وطائرات استطلاع دون طيار كانت تحوم في المنطقة. رافقهم بعض المقاتلين من المجموعة. عند سؤالهم عن أعدادهم في الإقليم أجابوا: «نحن آلاف، وليس كل من معنا يرتدي الزي العسكري. بعضهم من حرب الشوارع الحضرية». الحكومة تقدر عدد مقاتلي ELN بنحو ثلاثة آلاف، لكن الأرقام قد تكون أعلى بكثير.

يقرأ  غيدعون ساعر يهنئ الرئيس البوليفي الجديد ويعرب عن أمله في تجديد العلاقات مع إسرائيل

ريكاردو، المسؤول عن الإقليم، ما زال يرى فرصة للحل السياسي: «الـELN تكافح من أجل حل سياسي منذ ثلاثين عاماً مع صعوبات عدة. ظننا أن عهد بيترو سيفتح الطريق، لكنه لم يتحقق. لم يكن هناك سلام فعلي في كولومبيا، ما لدينا هو سلام القبور.» حسب قوله، كانت هناك اتفاقات أولية في المحادثات التي جرت بالمكسيك، وإذا بقيت هذه الاتفاقات فسوف تنظر القيادة المركزية بالإيجاب لإمكانية فتح مسار سياسي للصراع.

الأبعاد الدولية أضافت تعقيداً جديداً: الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد ما يزعم أنها سفن مخدرات في الكاريبي والمحيط الهادئ، إلى جانب تشدد الولايات المتحدة تجاه حكومة فنزويلا، جعلت من صراع داخلي سابق موضوع اهتمام دولي أكبر. إدارة دونالد ترامب وصفت عناصر الجماعات المسلحة بـ«الإرهابيين المخدرين» ولم تستبعد إمكانية ضربهم على التراب الكولومبي.

عمليات الولايات المتحدة التي بدأت في سبتمبر أسفرت عن مقتل أكثر من اثنين وستين شخصاً بحسب تقارير، بينهم مواطنون فنزويليون وكولومبيون، وتدمير أربعة عشر قارباً وغواصة شبه مغمورة. بعض القادة مطلوبون بمذكرات تسليم من واشنطن وتعتبرهم الحكومة مجرمين مطلوبين.

جيش التحرير ينظر إلى الغارات والضغط الأمريكي على مادورو باعتبارها تجسيداً للإمبريالية؛ كما يشكو ريكاردو من أن واشنطن «تمسح القوارب بالقنابل بدلاً من اعتقال أفرادها وإظهار ما ضبطته للعالم». ويحذر أيضاً من احتمال انخراط الجماعة في مواجهة أوسع إذا شنت الولايات المتحدة هجوماً على فنزويلا، معتبرًا أن ردة الفعل لن تقتصر عليهم بل قد تشمل أجزاء واسعة من أمريكا اللاتينية.

نشأت ELN متأثرة بالثورة الكوبية، وعلى رغم ذلك شاركت على مر السنين في عمليات اختطاف وقتل وابتزاز وتهريب مخدرات. القائدة سيلفانا، التي انضمت في سن المراهقة، تؤكد أن «مبادئنا تمنعنا من الانخراط في ترويج المخدرات»، وتوضح أنهم يفرضون «ضرائب» على الأنشطة الاقتصادية في المناطق التي يسيطرون عليها منذ عقود، وإذا وُجدت كوكا فإنها تُفرض عليها أيضاً رسوم.

يقرأ  ١٥ من أجمل الوجهات الإيطاليةلزوار إيطاليا للمرة الأولى

طوّعت كولومبيا عبر عقود نفسها كشريك استراتيجي للولايات المتحدة في مكافحة المخدرات، لكن بيترو شكك بشكل متزايد في سياسات واشنطن بالبحر الكاريبي، معتبراً أن نهجها الأمني والهجرات قائمان على منطق الحرب الباردة ولا يعكسان واقع المنطقة اليوم. وانتقد الوجود العسكري والعمليات البحرية القريبة من فنزويلا محذراً من أن هذه التكتيكات قد تؤدي إلى تصعيد بدلاً من تعزيز التعاون.

اتهم ترامب بيترو، وهو رئيس سابق للتمرد، بأنه تاجر مخدرات، ورد بيترو بغضب على منصة «إكس» قائلاً: «كولومبيا لم تكن يوماً وقحة مع الولايات المتحدة.» على العكس، أحبت كولومبيا ثقافتها حبًّا عميقًا. لكن تعليقك يعكس فظاظة وجهلًا تجاه البلاد.

وأدانت وزارة الخارجية الكولومبية تصريحات ترمب، ووصفتها بأنها مسيئة وتهديد مباشر لسيادة البلاد، وتعهدت بالسعي للحصول على دعم دولي دفاعًا عن بيترو وعن استقلالية كولومبيا.

إن النهج العدائي الذي تنتهجه الولاات المتحدة تجاه فنزويلا وكولومبيا — اللتين تقودهما رئاسات يسارية —، وإمكانية تصاعد تدخل عسكري أمريكي، يهددان بتحويل نزاع محلي في كولومبيا إلى صراع إقليمي أوسع.

الجميع على الأرض الان يقيّمون كيف سيردّون في حال منحت الحكومة الأمريكية قواتها الضوء الأخضر لمهاجمة فنزويلا.

أضف تعليق