المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي تصدر 27 حكماً بالإدانة — الأولى من نوعها المتعلقة بجرائم حرب ارتكبت في دارفور خلال أوائل العقد الأول من الألفية.
نُشر في 6 أكتوبر 2025
قضى القضاة بإدانة قائد ميليشيا سودانية مدعومة من الحكومة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لقيادته هجمات في غرب دارفور قبل أكثر من عشرين عاماً. المتهم علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف باسم علي كوشيب، أدين أمام المحكمة في لاهاي الاثنين بعد أن وجّهت إليه تهم قتل واغتصاب وتعذيب ونقل قسري ارتُكبت بين أغسطس 2003 ومارس 2004.
عدّة قوانين وأحكام
– أصدرت الغرفة أحكامها بالإجماع، إذ قالت القاضية الرئيسة جوانا كورنر إن المحكمة «مقتنعة بأن المتهم مذنب بما لا يدع مجالاً للشك بالجرائم المنسوبة إليه».
– سيُعقد جلسة لتحديد العقوبة في موعد لاحق؛ والمتهم معرض لعقوبة السجن المؤبد كحد أقصى.
«المدينة بأكملها كانت تحترق»
استمعت هيئة المحاكمة إلى شهادة 56 من شهود النيابة الذين وصفوا أعمال عنف مرعبة وابتكار الاغتصاب كسلاح حرب. روى أحد الشهود أن عبد الرحمن طلب من مقاتليه أثناء هجوم أن «يعيدوا» انتهاكاتهم لأن «ربما فاتتكم بعضها». سردت القاضية كورنر شهادات تصف قرى بأكملها وقد أُحرقت على أيدي قوات الجنجويد، وعمليات اغتصاب جماعي طالت نساء وفتيات بعد الهجمات: «كلّ المدينة كانت على نار… لم تكن الكلمات تكفي لوصف ذلك. بعد الهجوم أصبح القرية ككومة من الرماد… وجثث متناثرة في كل مكان».
نفي المتهم وظروف تسليمه
نفى عبد الرحمن كل التهم طوال محاكمته التي بدأت في أبريل 2022، متمسكاً بأن المحكمة تلاحق الشخص الخطأ. قال في جلسة ديسمبر إنه «ليس علي كوشيب، ولا أعرف هذا الشخص». فرّ إلى جمهورية أفريقيا الوسطى في فبراير 2020 عندما أعلن حكام جدد في السودان تعاونهم مع تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية، ثم سلّم نفسه لاحقاً زاعماً أنه كان يائساً ويخشى أن تُعدمْه السلطات.
سياق النزاع
ارتكبت الجرائم أثناء الحرب التي اندلعت في 2003، حين كان عبد الرحمن يقود إحدى الميليشيات القبلية العربية التي استعان بها النظام المركزي في الخرطوم لقمع تمردد جماعات مسلحة غير عربية كانت تناضل ضد التهميش السياسي والاقتصادي في دارفور. تحوّلت كثير من تلك الميليشيات المعروفة باسم الجنجويد لاحقاً إلى قوة الدعم السريع (RSF)، التي دخلت في حرب أهلية مع الجيش السوداني منذ أبريل 2023.
بعثات وتداعيات
تقدّر الأمم المتحدة أن نحو 300 ألف شخص قُتلوا وأن 2.5 مليون نزحوا بسبب صراع دارفور في تلك الفترة. الرئيس السوداني آنذاك، عمر البشير، مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم تشمل الإبادة الجماعية لكنه لم يُسلَّم إلى لاهاي. تأتي هذه الأحكام بشأن جرائم الحرب القديمة بينما لا تزال تقارير عن انتهاكات مماثلة تُسجَّل في السودان اليوم؛ ففي يوليو أفاد نائب مدعي عام المحكمة للأمم المتحدة بوجود «أسباب معقولة للاعتقاد» بأن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب مستمرة في دارفور خلال الحرب الأهلية الجارية.