لم يُحاسَب أي مسؤول رفيع المستوى منذ الانفجار المدمر الذي وقع قبل أكثر من خمس سنوات.
قضت محكمة بلغارية برفض طلب تسليم ايغور غريتشوشكين، مالك سفينة روسي‑قبرصي مطلوب على خلفية انفجار مرفأ بيروت عام 2020، خطوة اعتبرها كثيرون ضربة موجعة للمدينة التي كانت تعاني حينها تباعاً من تداعيات جائحة كورونا وتفاقم أزمة اقتصادية خانقة.
غريتشوشكين، البالغ من العمر 48 عاماً، هو المالك السابق لسفينة «روشوس» التي يُزعم أنها كانت تنقل نترات الأمونيوم التي انفجرت في مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020.
أسفر الانفجار عن مقتل ما لا يقل عن 218 شخصاً وإصابة نحو 6500 آخرين، ودمر أجزاء واسعة من العاصمة، ما ترك عشرات الآلاف بلا مأوى. وكان الحدث واحداً من أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ المسجل، وأحدث هزة زلزالية بلغت شدتها 3.3 درجة شعر بها سكان مناطق تصل إلى سوريا وإسرائيل وقبرص.
أُلقي القبض على غريتشوشكين في بلغاريا في سبتمبر الماضي بموجب نشرة صادرة عن الإنتربول بطلب من السلطات اللبنانية، وبقي رهن الاحتجاز أثناء سير إجراءات التسليم.
قالت المحامية إيكاترينا ديميتروفا للصحفيين إن محكمة مدينة صوفيا حكمت بأن لبنان لم يقدم «أدلة كافية» تضمن عدم فرض عقوبة الإعدام عليه أو، في حال فرضها، عدم تنفيذها. وقد جرت الجلسة خلف أبواب مغلقة أمام الإعلام.
يمكن استئناف الحكم خلال سبعة أيام أمام محكمة استئناف صوفيا، التي سيكون قرارها نهائياً. وأكدت السلطات أن غريتشوشكين سيظل محتجزاً حتى انتهاء إجراءات الاستئناف.
أعلن المدعي المشرف أنجل كانيف عزمه الطعن في القرار، مبرِّراً ذلك بأن وزير العدل اللبناني والمحكمة العليا والنائب العام قدموا الضمانات اللازمة. وقال كانيف إنه «بما أن هذه الضمانات صدرت عن جهات ذات سلطة… فأعتقد أن أسباب التسليم متوافرة».
تؤكد سلطات لبنان أن الانفجار اندلع نتيجة حريق في مستودع بالمرفأ كانت فيه كميات تقارب 3000 طن من نترات الأمونيوم مخزنة لسنوات من دون تدابير أمان كافية، رغم التحذيرات المتكررة الموجهة للمسؤولين.
ومع مرور أكثر من خمس سنوات، لا يزال المسؤولون الكبار داخل لبنان بعيدين عن المحاسبة. تتهم عائلات الضحايا القيادات السياسية بمحاولة عرقلة التحقيق لحماية مسؤولين نافذين من الملاحقة.
أُبعد القاضي التحقيقي الأول بعد أن وجَّه تهمًا لمسؤولين رفيعي المستوى. وخلفه القاضي طارق بيطار، الذي أصدر بدوره ملاحقات قضائية بحق سياسيين كبار رفضوا المثول أمامه وأنكروا ارتكاب أي مخالفات مما أعاق سير التحقيق.
استأنف بيطار تحقيقاته في مطلع هذا العام واستجوب عدداً من المسؤولين الحاليين والسابقين، إلا أنه لم يصدر لغاية الآن لائحة اتهام أولية.
قدّر حجم الأضرار المادية الناجمة عن الانفجار بحوالي 15 مليار دولار، وشُرّد نحو 300 ألف شخص، ما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلاد.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أقام البابا ليو الرابع عشر صلوات عند موقع انفجار مرفأ بيروت خلال جولته التي استغرقت ثلاثة أيام في لبنان، حيث صلى بصمت وأشعل مصباحاً عند نصب تذكاري لضحايا الكارثة.