محلفون أمريكيون يحمّلون بنك بي إن بي باريبا الفرنسي مسؤولية التورط في فظائع السودان أخبار حرب السودان

هيئة محلفين في نيويورك تقرُّ مسؤولية بنك فرنسي عن دعم نظام البشير

أقرت هيئة محلفين مكوَّنة من ثمانية أعضاء في نيويورك أن أعمال بنك بي إن بي باريباس في السودان ساهمت في دعم نظام الرئيس السابق عمر البشير، مما يجعل البنك مسؤولاً عن فظائع وقعت خلال حكمه. وانتهت الهيئة، بعد الاستماع لشهادات مروعة حول انتهاكات ارتكبها جنود سودانيون وقوات الدفاع الشعبي والميليشيات المرتبطة بالحكومة (الجنجويد)، إلى منح ثلاثة مدعين — كانوا في الأصل من السودان وأصبحوا الآن مواطنين أمريكيين — تعويضات إجمالية بقيمة 20.75 مليون دولار.

روى المدَّعون أمام محكمة الاتحاد في مانهاتن أنهم تعرّضوا للتعذيب والحرق بأعقاب السجائر والطعن بسكاكين، وفي حالة المدَّعية تعرضت لاعتداء جنسي. وقالت انتصار عثمان قشر أمام المحكمة: “لم يتبق لي أي أقارب”.

تركزت المحاكمة على مسألة ما إذا كانت خدمات بنك بي إن بي باريبا المالية تشكّل سبباً طبيعياً وكافياً للضرر الذي لحق بالناجين من التطهير العرقي والعنف الجماعي في السودان. وجاء في بيان لمتحدث باسم البنك لوكالة فرانس برس أن الحكم “خاطئ بوضوح وهناك أسس قوية للطعن في القرار”.

وصف ممثل المدَّعين، بوبي دي تشيلو، حكم الهيئة بأنه “انتصار للعدالة والمساءلة”، وأضاف أن “المحلفين اعترفوا بأن المؤسسات المالية لا يمكنها غضّ الطرف عن عواقب أفعالها”. وذكر أن “عملاءنا فقدوا كل شيء نتيجة حملة تدمير مولّتها دولارات أمريكية سهلها بنك بي إن بي باريبا وكان يجب إيقافها”. وخلال المرافعة الختامية قال إن البنك “دعَم التطهير العرقي ودمَّر حياة هؤلاء الناجين”.

من جهتها، جادلت هيئة دفاع البنك بأن أنشطة البنك في السودان لم تكن على صلة بما أصاب المدَّعين، وأن عمليات البنك كانت قانونية في أوروبا، مشيرة إلى أن مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي تعاملت مع الحكومة السودانية في الفترة ذاتها. كما زعم محامو الدفاع أن البنك لم يكن على دراية بوقوع انتهاكات لحقوق الإنسان آنذاك، وأن المدَّعين كانوا سيعانون الإصابات نفسها “بدون بنك بي إن بي باريبا”، بحسب محامي الدفاع باري بيرك.

يقرأ  تقرير — شركة «أنت الرقمية» التابعة لجاك ما تستخدم تقنية البلوكشين لترميز أصول طاقة صينية بقيمة ٨٫٤ مليار دولار

عمل البنك في السودان منذ أواخر التسعينيات حتى عام 2009، وقد قدَّم خطابات اعتماد سمحت للحكومة السودانية بالوفاء بالتزاماتها في الاستيراد والتصدير. وحاجج المدَّعون بأن هذه الضمانات مكَّنت النظام من مواصلة تصدير القطن والنفط وسلع أخرى، ما أتاح له تلقي مليارات الدولارات من المشترين الذي مولت عملياته.

رفض قاضٍ اتحادي، القاضي ألفين هيلرستاين، العام الماضي طلب البنك إسقاط القضية قبل المحاكمة، وكتب في قراره أن هناك وقائع تُبيّن وجود علاقة بين خدمات البنك المصرفية والانتهاكات التي ارتكبها النظام السوداني. واستمرّت المحاكمة خمسة أسابيع أمام هيئة محلفين.

يُذكر أن بنك بي إن بي باريبا سبق أن اعترف بالذنب في 2014 ووافق على دفع غرامة قدرها 8.97 مليار دولار لتسوية اتهامات أمريكية بنقل مليارات الدولارات لصالح كيانات في السودان وإيران وكوبا كانت خاضعة لعقوبات اقتصادية.

أعلنت الحكومة الأمريكية أن الصراع في السودان كان إبادة جماعية عام 2004. وقد أودى النزاع بين 2002 و2008 بحياة نحو 300 ألف شخص وشرد حوالى 2.5 مليون آخرين، بحسب الأمم المتحدة.

قاد عمر البشير السودان لعقود وأطيح به واحتُجز في أبريل 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات في الخروطم. وهو مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم إبادة جماعية. وبعد إطاحته توصل قادة عسكريون إلى اتفاق لتقاسم السلطة مع مدنيين، لكن ذلك انتهى في أكتوبر 2021 عندما نفَّذ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (“حميدتي”) انقلاباً على السلطة.

في أبريل 2023 اندلع القتال بين الطرفين، واتُّهمت قوات الطرفين بارتكاب جرائم حرب في سياق الصراع.

أضف تعليق