مداهمة شرطة مميتة في ريو لم تُخلخل قبضة العصابة الحديدية، بحسب السكان

عنوان بارز: مذبحة في ريو دي جانيـرو تكشف فجاجات في هدف العملية وتثير أسئلة حول مسؤولية الدولة

في العملية الأمنية الكبرى التي نفّذتها قوات الأمن في 28 أكتوبر الماضي، قُتل 121 شخصًا بينهم أربعة من عناصر الشرطة، فيما اعتُقل عدد كبير من المشتبه بهم. وصفت حكومة ولاية ريو دي جانيرو العملية بأنها «نجاح»؛ ونشر الحاكم كلاوديو كاسترو صورة للعديد من البنادق التي صادرتها الأجهزة الأمنية.

ومع ذلك، أثارت حصيلة القتلى وطبيعة التدخّل انتقادات لاذعة من منظمات حقوقية وصحفيين محليين، الذين اتهموا قوات الأمن بـ«الوحشية» وباستخدام قوة مفرطة. كانت العملية الأضخم في تاريخ قوات الأمن المحلية، إذ نُشرت نحو 2500 فرد في منطقتيّ ألماؤ وپينا المأهولتين، مستهدفةً جماعة «كوماندو فيرميليو» (القيادة الحمراء) التي تسيطر على مساحة تقدر بتسعة ملايين متر مربع.

المعطيات الجديدة التي اطلعت عليها وسائل الإعلام أظهرت تباينًا بين أهداف العملية والنتائج المحققة: وفق تصريحات مسؤول الأمن العام في الولاية فيكتور دوس سانتوس لوكالة رويترز، كان الهدف تنفيذ مذكرات توقيف أصدرها الادعاء؛ لكن مقارنةً قوائم القتلى التي نشرتها الشرطة مع لائحة 68 اسماً قدمها المدّعون العامّون لم تظهر تطابقًا واحدًا. كما اعتُقل عدد من المشتبه بهم أثناء المداهمات، لكن الرجل الذي يعتبر الزعيم الأقوى للعصابة، إيغار ألفيس دي أندرادي المعروف بـ«دوكا»، لم يكن من بين المعتقلين.

قال كارلوس شميت-پاديّا، أستاذ السياسات العامة بجامعة كاليفورنيا (بيركلي)، لبي بي سي Brasil إن التقارير الأولية التي تحدثت عن استهداف قيادات عليا لم تتحقق؛ وبمقياس الإمساك بالقيادات، «من العدل القول إن العملية فشلت».

في جلسة بالبرلمان، أفاد نائب سكرتير الاستخبارات لدى شرطة الولاية العسكرية أن التأثير على تفتيت «كوماندو فيرميليو» كان «هزيلاً». وسكان حييّ ألماؤ وبينا رووا لبي بي سي بأن العملية لم تضعف قبضة العصابة على أحيائهم؛ وصفوا حياتهم اليومية بأنها لم تتغير يذكر، ورأوا مسلحين يتجولون في الحيّ في اليوم التالي مباشرة بعد انتهاء المداهمات، بينما كانت الجثث ما تزال تُنقل.

يقرأ  طهران «ليست في عجلة» لاستئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدةأخبار الصراع بين إسرائيل وإيران

آليات الحكم بالحديد والنار
تفرض جماعة «كوماندو فيرميليو» وأنماط مماثلة من الجماعات قواعد صارمة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وقد تجاوزت نشاطها تجارة المخدّرات لتسيطر عمليًا على توفير خدمات أساسية مثل اسطوانات الغاز والفضائيات والإنترنت والنقل المحلي. يشكو السكان من فرض أسعار مرتفعة على اسطوانات الغاز تصل أحياناً إلى ثلث أكثر من أسعار المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة. كما تمنع الجماعة سيارات تطبيقات التوصيل من دخول الأحياء، فتقتصر وسائط النقل المتاحة على دراجات نارية وسيارات صغيرة مرخّصة من قبل العصابة.

حتى ملبس السكان موضوع للشرطة الداخلية لدى العصابة: في عام 2020 طُلب من سكان منطقة پينا عدم ارتداء قمصان نادي تشيلسي لكرة القدم، لأن الرقم «ثلاثة» الظاهر على القميص يذكّرهم بعصابة منافسة تُدعى «تيرسيرو كوماندو پورو» (القيادة الثالثة النقية).

وتميل العقوبات على ما تعتبره العصابات تجاوزات إلى القسوة الشديدة؛ تشمل التقارير حالات بتر للأطراف، أو حرق أحياء، وتعرض المتهمين بالاعتداءات العائلية للجلد أو الإعدام الميداني. تقيم الجماعات «محاكمًـا» محليّة للفصل في نزاعات مثل العنف المنزلي أو الخيانات المزعومة، وتمنع أي تواطؤ عاطفي مع عناصر فصائل معادية أو حتى مع أفراد الشرطة. كما يحظر على السكان تصوير أو تسجيل مراكز تجارة المخدّرات أو المسلحين أثناء مرورهم في الأحياء، مع تهديدات بالقتل لمن ينشر تسجيلات مسيئة.

ومع ذلك، فإن انتشار الهواتف المحمولة جعَل من الصعب على العصابات التحكم التام في ما يُنشر؛ ففي روتشينا، اشتدّت التهديدات بعد تسريب فيديو عام 2020 يظهر قائداً محاطًا ببنادق رشاشة.

توثيقات وتحقيقات
اطلعت البي بي سي على ملفات تحقيقية تتضمن صورًا مزعجة تظهر ممارسات تعذيب، من بينها صورة لامرأة مغمورة قسرًا في حوض ثلجية كعقوبة، مرفقةً بتعليقات تصفها بـ«المثيرة للمشاكل». استندت شكاوى المدّعي العام في ريو إلى تزايد العنف واتساع سيطرة العصابة، وهو ما دفع إلى شنّ العملية في أواخر أكتوبر.

يقرأ  مقتل جنديين إسرائيليين في رفح إثر خرق حماس لوقف إطلاق النار في غزة

وصفت منظمات حقوقية ما حصل بأنه «مجزرة» وطالبت بتحقيقات مستقلة، بينما أعلن حاكم الولاية أن المزيد من العمليات ضد الجريمة المنظمة ستتبع ذلك. وأظهر استطلاع لـAtlasIntel ارتفاعًا في نسبة تأييد الحاكم، لتصل إلى 47% متفوقةً بذلك على ترتيب الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في شعبيته.

أعلن الرئيس لولا إطلاق تحقيق فيدرالي في مجريات العملية، فيما كرّس الحاكم كاسترو موقفه العام عبر منشور على إنستغرام بتاريخ 11 نوفمبر قائلاً إنه «لن يتراجع»، ومعلناً: «لم يعد المواطنون الملتزمون بالقانون قادرين على التحمل. ريو ردّت، وكل البرازيل تقاتل معنا».

أضف تعليق