مداهمة عصابة في ريو تودي بحياة أكثر من مئة شخص بينهم ضباط شرطة

نحو 2,500 من عناصر الشرطة والجيش البرازيلي انخرطوا يوم الثلاثاء في مداهمة ضخمة استهدفت خلية لتجارة المخدرات في ريو دي جانيرو، وأسفرت عن توقيف 81 مشتبهاً وإندلاع اشتباكات مسلحة خلّفت أكثر من مئة قتيل، وفق ما أعلنته الجهات الرسمية.

قالت الشرطة البرازيلية يوم الأربعاء إن حصيلة القتلى بلغت 119 قتيلاً، بينهم أربعة ضباط شرطة، بينما أفاد مكتب الدفاع العام في ولاية ريو دي جانيرو لوكالة فرانس برس أن عدد القتلى وصل إلى 132 شخصاً.

وضع حاكم الولاية كلاوديو كاسترو حصيلة أولية تقارب 60 قتيلاً يوم الأربعاء، محذراً في الوقت نفسه من أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى مع وصول مزيد من الجثث إلى المشرحة وإتمام عدّها.

أفاد سكان إحدى الفافيلات بأنهم رتبوا أكثر من أربعين جثماناً في ساحة بحيهم الفقير يوم الأربعاء، بعد يوم واحد من العملية، حيث وُضعت الجثث قرب أحد الطرق الرئيسية في مجمع بنها.

شملت العملية عناصر طيران مدرّعين ومركبات مصفحة، واستهدفت ما يعرف بـ«القيادة الحمراء» في الفافيلات الشاسعة لمجمعو دي أليماو وبنها، بحسب بيان الشرطة. وأوضح الصحفي المتخصص بشؤون الجريمة رافائيل سواريز أن «القيادة الحمراء» شُنّت في السنوات الأخيرة على هجوم لاستعادة أراضٍ فقدتها لصالح منافسيها مجموعة «القادة الأوائل للعاصمة».

وصفت منظمات حقوق الإنسان العملية بأنها من بين الأشرس في تاريخ البرازيل القريب، ودعت إلى تحقيقات مستقلة في ملابسات القتلى.

نشر الحاكم كاسترو شريط فيديو على منصة X قال فيه إن نحو 60 من المشتبه بهم جرى «تحييدهم» خلال المداهمة التي وصفها بالأكبر من نوعها في تاريخ المدينة. وذكر بيان الحكومة أن 81 مشتبهاً اعتُقلوا، وأنه ضبط 93 بندقية وأكثر من نصف طن من المخدرات، مضيفاً أن القتلى «قاوموا عمل الشرطة».

يقرأ  الأمم المتحدة تؤيّد الدفع نحو حلّ الدولتين لإسرائيل وفلسطين أخبار الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ

أعلنت شرطة الولاية المدنية على حسابها في X وفاة أربعة من عناصرها خلال العملية، مؤكدة أن «الاعتداءات الجبانة من المجرمين على عناصرنا لن تمر دون عقاب».

هرع السكان للاختباء وأغلقت المحلات أبوابها وسط تصريحات شرطية بأن العصابات استخدمت طائرات بدون طيار للمقاومة، كما نشر كاسترو شريطاً وصفه بأنه لطائرة مسيرة تابعة لعصابة تطلق قذيفة من السماء الملبدة بالغيوم.

قال كاسترو: «هذا ما يلقاه رجال شرطة ريو من المجرمين: قنابل تُسقطها طائرات مسيّرة. هذه قيمة التحدّي الذي نواجهه. هذه ليست جرائم عادية، بل إرهاب مخدرات.»

أفادت السلطات المحلية بأن نحو 50 من القتلى «مشير إليهم من قبل الشرطة كمشتبه فيهم بارتكاب جرائم»، كما ذكر تقرير إعلامي أن عشرات آخرين اصيبوا، بينهم مدنيون لقوا حتفهم أو جُرحوا في تبادل إطلاق النار.

أعرب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن «رعبه» حيال هذه العملية الدموية، ودعا إلى فتح تحقيقات فعالة، مذكّراً السلطات بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وصف سيسار مونيوث، مدير هيومن رايتس ووتش في البرازيل، أحداث الثلاثاء بأنها «مأساة هائلة» و«كارثة»، مطالباً النيابة العامة بفتح تحقيقات مستقلة لتوضيح ظروف كل حالة وفاة.

أظهرت مقاطع متداولة على وسائل التواصل نيراناً ودخاناً يتصاعدان من الفافيلتين بينما دوّت أعيرة نارية في الأجواء. وأعلنت إدارة التعليم إغلاق 46 مدرسة في المنطقتين، وألغت الجامعة الفدرالية في ريو دي جانيرو الدروس الليلية وطلبت من المتواجدين على الحرم الجامعي اللجوء إلى أماكن آمنة.

أفادت وسائل إعلام محلية بأن أعضاء يُشتبه بانتمائهم للعصابات أغلقوا طرقاً في شمال وجنوب شرق ريو رداً على المداهمة، واستُولت على ما لا يقل عن 70 حافلة لاستخدامها في الحواجز، مما ألحق أضراراً كبيرة، حسب منظمة حافلات المدينة «ريو أونيبوس».

يقرأ  لوحة غوستاف كليمت مرشحة لتتصدر مزادات الموسم — والمزيد من أخبار الفن

جاءت العملية بعد سنة من التحقيقات في أنشطة المجموعة الإجرامية، حسبما ذكرت الشرطة.

وجّه الحاكم كاسترو، المنتمي لحزب الليبراليين المحافظ المعارض، انتقادات للحكومة الفدرالية مطالباً بمزيد من الدعم لمكافحة الجريمة، في تلميح إلى إدارة الرئيس اليساري لويز إيناسيو لولا دا سيلفا.

ورحبت غلايسي هوفمان، منسقة علاقة حكومة لولا مع البرلمان، بضرورة التنسيق لكنها أشارت إلى حملة حديثة ضد غسل الأموال كمثال على تحرك الحكومة الفدرالية في مواجهة الجريمة المنظمة.

اجتمع نائب الرئيس جيرالدو ألكمين وعدد من الوزراء مساء الثلاثاء للبحث في تداعيات العملية. وطلب رئيس الأركان روي كوستا عقد اجتماع طارئ في ريو يوم الأربعاء بحضور وزير العدل ريكاردو لويندوسكي.

برزت «القيادة الحمراء» من سجون ريو ووسّعت سيطرتها على عدد من الفافيلات في السنوات الأخيرة.

شهدت ريو سلسلة مداهمات دموية لعقود؛ ففي مارس 2005 قُتل نحو 29 شخصاً في منطقة بايشادا فلومينينسي، وفي مايو 2021 قُتل 28 في فافيلا جاكارزيخو.

قال لويس فلافيو سابوري، عالم اجتماع وخبير أمن عام بجامعة البوليتكنيك الكاثوليكية في ميناس جيرايس، إن ما يميّز عملية الثلاثاء هو «حجم الضحايا؛ هذه أرقام حربية». وأضاف أن هذه النوعية من العمليات تفتقر إلى الفعالية لأنّها نادراً ما تُلقي القبض على العقل المدبّر، بل تستهدف غالباً عناصر أدنى يمكن استبدالهم سريعاً، مشدداً على غياب استراتيجية متكاملة للأمن العام في ريو.

انتقد معهد مارييلي فرانكو، الذي أسسته أسرة البرلمانية الراحلة لمواصلة دفاعها عن حقوق سكان الفافيلات، ما جرى، واعتبر أن هذه «ليست سياسة سلامة عامة، بل سياسة إبادة تجعل حياة السود والفقراء لعبة روليت روسية» — لغة البيان التي تعكس غضب المجتمع المدني من القمع الممنهج.

شاهد مراسلو وكالة فرانس برس عناصر شرطة في حي فيلا كروزيرو يحرسون نحو 20 شاباً مجمعين على الرصيف، رؤوسهم مطأطأة وبلا أحذية أو قمصان.

يقرأ  بولندا تغلق مجالها الجوي مؤقتًا مع تعزيز تواجد الناتو في بحر البلطيقأخبار حرب روسيا وأوكرانيا

قالت ساكنة في بنها، تحفظت على ذكر اسمها، إن «هذا أول مرة نرى طائرات مسيّرة (من العصابات) تُسقط قنابل في المجتمع»، مضيفة: «الجميع مرعوب لأن إطلاق النار لا يتوقف.»

أدت العملية إلى شلّ حركة المرور الأرضية في شوارع المدينة الرئيسية، فيما عبرت ريجينا بينهيرو، متقاعدة تبلغ من العمر 70 عاماً تحاول العودة إلى منزلها، عن استيائها: «بقينا بلا حافلات، بلا شيء، وسط هذا الفوضى ولا نعرف إلى أين نتجه.»

أضف تعليق