شان سيدون، وهيبة أحمد، آنا فوستر
رئيس منظمة الصحة العالمية: أزمة الصحة في غزة ستدوم «لأجيال»
حذر مدير عام منظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، من أن غزة تشهد «كارثة صحية» ستستمر لأجيال قادمة، مؤكداً أن زيادة ضخمة في المساعدات ضرورية لمعالجة الاحتياجات المعقدة لسكان القطاع.
قال تيدروس في مقابلة مع برنامج Today على راديو بي بي سي إن إدخال المزيد من الإمدادات الطبية وغيرها من المساعدات إلى غزة تحسّن منذ دخول هدنة مع حركة حماس حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر، لكنه أضاف أن مستويات المساعدات لا تزال أدنى بكثير من المطلوب لإعادة بناء منظومة الرعاية الصحية.
تأتي تصريحاته بينما تسعى الولايات المتحدة إلى ترسيخ الهدنة التي ساعدت على التوصل إليها، بعد تجدد أعمال عنف خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقد وصفتها واشنطن بأنها المرحلة الأولى من خطة سلام مؤلفة من 20 نقطة تتضمن زيادة في حجم المساعدات الواردة إلى غزة وتوزيعها «دون عرقلة» من أي طرف.
رحّب تيدروس بالاتفاق لكنه قال إن الزيادة في المساعدات التي أعقبته كانت أقل مما كان متوقعاً. وبيّن أن أهل غزة عانوا مجاعةً، وإصابات «طاغية»، وانهياراً في النظام الصحي، وتفشياً للأمراض تغذيه تدمير شبكات المياه والصرف الصحي.
وأضاف: «فوق ذلك، هناك تقييد في وصول المساعدات الإنسانية. هذا مزيج قاتل للغاية، ما يجعل الوضع كارثياً ويفوق الوصف».
وعن الآفاق الصحية على المدى الطويل في غزة قال: «إذا جمعنا المجاعة مع مشكلة الصحة النفسية المتفشية، فإن الوضع يصبح أزمةً تمتد لأجيال قادمة».
قال توم فليتشر، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في تصريحات سابقة هذا الأسبوع إن منظمات الإغاثة «تقلب المعادلة في مواجهة أزمة المجاعة» لكن الحاجة ما تزال أكبر بكثير.
أعلن برنامج الأغذية العالمي أن شاحنات محمّلة بأكثر من 6,700 طن من الغذاء دخلت منذ 10 أكتوبر، لكن ذلك لا يزال بعيداً عن هدف البرنامج البالغ 2,000 طن يومياً. وذكر تيدروس أنه يجب أن تدخل 600 شاحنة يومياً إلى غزة، في حين يبلغ المعدل الحالي بين 200 و300 شاحنة فقط، داعياً السلطات الإسرائيلية إلى فصل المساعدات الإنسانية عن مجريات الصراع.
شهدت واردات المساعدات توقفاً مؤقتاً بعد أن أعلنت إسرائيل مقتل جنديين في هجوم من مسلحين من غزة، وتبع ذلك غارات جوية إسرائيلية أودت بعشرات الفلسطينيين؛ ثم استؤنفت عمليات الإيصال بعد ضغوط دولية كبيرة.
شدد تيدروس على أن المساعدات لا ينبغي أن تُستَخدم كـ«سلاح»، وناشد إسرائيل ألّا تضع شروطاً على تسليمها، من بينها ما يتعلق بإعادة رفات الرهائن القتلى الذين لا تزال بعض رفاتهم في غزة، وهو شأن أثار جدلاً خلال الهدنة. وأوضح أن حماس تعهّدت بإرجاع الجثث لكنها نقلت حتى الآن 15 من أصل 28 فقط، قائلة إنها لم تتمكن من استرجاع البقية.
أُفرج عن عشرين رهينةً إسرائيلياً أحياء الأسبوع الماضي مقابل إطلاق نحو ألفي سجين ومعتقل فلسطيني من السجون الإسرائيلية. وعبّر تيدروس عن توقعه ألا تُفرَض قيود إضافية على توصيل المساعدات، مشيراً إلى أنه بعد الإفراج عن الرهائن الأحياء وتسليم جزء من الرفات لم يكن من المتوقع أن تُشدّد القيود.
فيما يتعلق بدور الولايات المتحدة، قال تيدروس: «بما أن الولايات المتحدة ساهمت في التوسط للاتفاق، فمسؤوليتها الآن التأكد من احترام جميع الأطراف له».
تدير إسرائيل حالياً معبرين إلى غزة — كرم شولم في الجنوب الشرقي وكسوفيم في وسط القطاع — لكنها لا تزال تتعرض لمطالبات من مجموعات الإغاثة بفتح كل طرق الوصول التي تسيطر عليها. وأكد تيدروس أن «جميع المعابر المتاحة» ضرورية لإدخال كميات كافية من المساعدات، ودعا إلى السماح لمنظمات لم تُسجّل سابقاً بالدخول والمساهمة في الاستجابة على الأرض: «لا يمكن أن يكون هناك تصاعد في الاستجابة دون من يقدّمها فعلياً على الأرض».
أشار أيضاً إلى أن شحنات مخصّصة لإعادة بناء النظام الصحي في غزة صودرت عند الحدود بحجة أنها قد تكون ذات استخدام ثنائي، فاعتُبرت أعمدة خيام أو أقمشة قابلة للاستخدام العسكري، وهو ما أعاق تجهيز مستشفيات ميدانية قائلاً: «إذا أُزيلت الأعمدة بحجة أنها يمكن أن تُستخدم لأغراض عسكرية، فلن تتمكن من إقامة الخيمة».
آلاف الفلسطينيين ما زالوا ينتظرون رحلات إجلاء طبي أسبوعية؛ ولم تُقلع أي رحلة منذ أسبوعين بسبب عطلة دينية في إسرائيل. وذكر تيدروس أن 700 شخص توفوا سابقاً أثناء انتظارهم الإجلاء الطبي، ودعا إلى زيادة عدد الرحلات.
شنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي نفذه مسلحون يقودهم حماس وأسفر عنه مقتل نحو 1,200 شخص وأخذ 251 رهينة. ووفق وزارة الصحة التابعة لحماس، قُتل ما لا يقل عن 68,229 شخصاً في هجمات إسرائيلية على غزة منذ ذلك الحين.
في يوليو، خلُصت جهة تدعمها الأمم المتحدة إلى أن المجاعة قد حدثت في غزة، وهو ما رفضته إسرائيل قائلةً إنه «لا يوجد مجاعة». وقدّرت الأمم المتحدة سابقاً أن تكلفة إعادة إعمار غزة ستبلغ نحو 70 مليار دولار.
الموراد الإنسانية ما تزال غير كافية، والوقت عامل جوهري لتفادي تفاقم الكارثة الصحية إلى أجيال مقبلة. قال الدكتور تيدروس إن نحو عشرة في المئة من هذا المبلغ ينبغي ان تُنفق على نظام صحي تضرَّر تضرراً بالغاً.
وأضاف: «لطالما قلنا إنّ السلام هو أفضل دواء.»
«الهدنة التي لدينا هشة للغاية، وقد توفي بعض الناس حتى بعد إعلانها لأنها انكسرت عدة مرات.»
«ما يحزن حقّاً أن كثيرين كانوا يهتفون في الشوارع فرحين باتفاق السلام؛ تخيّل أن بعض هؤلاء الأشخاص أنفسهم صاروا قتلى بعد أن خبروا بأن الحرب انتهت.»