مزاعم مقتل تشارلي كيرك تكشف الوجه الدموي والمنهار للسياسة الأمريكية

تشارليي كيرك يَسقط قتيلاً بطلق ناري خلال فعالية طلابية — هروب ورعب في أروقة الحرم

لحظات قليلة قبل أن يقلب صوت الرصاصة المشهد رأساً على عقب، تجمع آلاف الطلبة تحت سماء يوتا الصافية للاستماع إلى شخصية تُعتبر نجماً في فضاء السياسة المحافظة الجامعية. كان كيرك، في العقد الثالث من عمره، يجلس تحت خيمة ويتبادل الحجة مع معارضيه على الميكروفون، بينما كان بعض الحضور يهتف وآخرون يعترضون — ثم تبخّر الهدوء وتحول كل شيء إلى فوضى وهروب مذعور.

أُصيب الناشط في الرقبة بطلق قاتل، وسجلت الكاميرات لحظات الإصابة وبعض اللقطات الدموية بوضوح مروّع. هذه الصور ستبقى عالقة في الأذهان، خصوصاً لدى الشباب المحافظين الذين كانوا ينظرون إليه كرمز قيادي؛ ومن دون معرفة الدوافع النهائية للعملية، سيصير موته عند كثيرين مادة للتأبيد والاستذكار كشهيد للقضية.

طوال مسيرته، حذر كيرك من خطر العنف من خصومه، الذين كان لهم وجود قوي نتيجة أسلوبه الاستفزازي في نشر الأفكار المحافظة. ومع ذلك ظل يزور الحرم الجامعي، حيث تميل الرؤية السياسية غالباً إلى اليسار، ليدخل في نقاشات مباشرة مع كل من يقبل التحدي. كان مؤيداً لحقوق حمل السلاح، معارضاً لحقوق المتحولين جنسياً، ومناصرًا صريحاً لِدونالد ترامب. لعبت مؤسسته Turning Point US دوراً بارزاً في تعبئة الناخبين التي أسهمت في عودة الرئيس إلى البيت الأبيض هذا العام.

الخيمة التي عُقدت فيها الفعالية كانت تحمل شعاراً يدعو إلى المناقشة و«إثبات الخطأ» — وهي صورة رمزية لطبيعة العلاقة بينه وبين قاعدته من الطلاب؛ التقاء معها وقدم لهم شعور الانتماء لحركة خاصة بهم. لكن مقتله ينسخ هذه الصورة ويحيلها إلى مشهد عنف سياسي آخر في سلسلة متصاعدة من الاعتداءات داخل المشهد الأمريكي.

يقرأ  توسع التوغل الإسرائيلي في مدينة غزة يتسبّب في مقتل وتشريد فلسطينيين

الأحداث الأخيرة ليست منعزلة: منذ مطلع العام تعرضت نائبتان في مينيسوتا لإطلاق نار في منزليهما، إحداهما توفيت جراء جراحها؛ وسنةً مضت نجح عدد من محاولات الاغتيال ضد ترامب في الاقتراب من النجاح، كان من بينها حادثة إطلاق نار في تجمع خارجي في باتلر بولاية بنسلفانيا التي تشابهت كثيراً مع ما حدث في يوتا؛ وقبل ذلك بسنتين اقتحم مهاجم يضرب بمطرقة منزل رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي؛ وفي 2017 نُفّذت عملية إطلاق نار على فريق من النواب الجمهوريين أثناء تدريبهم في ملعب بيسبول بفيرجينيا الشمالية.

من الصعب التكهن بمآلات السياسة الأمريكية بعد هذه الحوادث، لكن الاتجاه العام يبدو قاتماً: العنف يولد العنف. الخطاب المتزايد الاستقطاب، المغذى بواسطة غرف الصدى في وسائل التواصل والوصول السهل إلى الأسلحة، يرفع منسوب التوتر ويزيد من احتمال الانفجار الدموي.

المحافظون يعيدون التفكير الآن في تدابير الحماية للظهور العام، على غرار ما فعله سياسيون محليون بعد إطلاق النار في مينيسوتا. ورغم تواجد فرق أمنية محترفة محلية وفدرالية في حادث باتلر، كاد الهجوم أن ينجح، ما يوضح حدّة التهديد حتى في ظلّ وجود إجراءات حماية.

في تسجيل مصور من المكتب البيضاوي على موقعه، وصف ترامب الحادث بأنه «لحظة مظلمة لأميركا»، ولم يتوانَ عن توجيه الاتهام إلى ما أسماه «اليسار المتطرف»، مستعرضاً أمثلة من العنف السياسي التي طالت المحافظين ومتوعداً بأن إدارته ستقف على أثر «كلّ من شارك في هذه الفظائع أو أسهم فيها». هذا الخطاب لقي صدىً حماسيّاً لدى قطاعات اليمين التي دعت، بعد ساعات من الحادث، إلى تحرّك قاسٍ ضد مجموعات يسارية.

مطالبات مثل تلك التي نشرها الناشط كريستوفر روفو على منصة X، والتي دعت إلى «التغلغل والتعطيل والاعتقال والحبس ضمن حدود القانون» لأولئك الذين تُحمّلهم المسؤولية، تعكس نزعةً انتقامية قد تغذي مزيداً من الاحتقان.

يقرأ  «لماذا تُسبب الزلازل الضحلة دمارًا أكبر من العميقة؟»أخبار الزلازل

على مستوى الكونغرس، لم تُكد دقيقة صمت تُخصَّص لذكر الضحية تنقضي قبل أن تنقلب إلى مشادات وصراخ بين النواب؛ علامةٌ أخرى على استمرار الشرخ الحاد بين الأقطاب السياسية. وفي يوتا نفسها يواصل الشهود والسلطات المحلية استيعاب وقع هذا اليوم على المجتمع المحلي.

في مؤتمر صحفي عاطفي، وصف الحاكم سبنسر كوكس — الذي سبق أن انتقد بشدّة خطاباً سياسياً ملتهباً — الأمة التي تستعد قريباً للاحتفال بذكرى تأسيسها بأنها «مُنكسِرة»، وتساءل بمرارة: «هل هذا ما صنعتْه لنا مئتا وخمسون سنة؟» — ثم أعرب عن أمله بأن لا يكون الجواب بالإيجاب.

ظلّ صوته يشي بشكّ عميق حول قدرة المشهد السياسي على الشفاء، وأن الطريق نحو تقليل العنف وإعادة ثقة الجمهور في الحياة العامة لا يزال طويلاً وغير مضمون النهاية.

أضف تعليق