مستشار تجاري بالبيت الأبيض يتهم نيودلهي بتمويل الحرب الروسية
قال مستشار التجارة في البيت الأبيض، بيتر نافارو، إن واردات الهند من النفط الروسي توفر لموسكو “الدولارات التي تحتاجها” لتمويل حربها في أوكرانيا، متّهماً نيودلهي بالتحالف عملياً مع كل من الصين وروسيا. وكتب نافارو في مقال رأي نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز أن مشتريات الهند من الخام الروسي يجب أن تتوقف فوراً لأنها تموّل آلة الحرب الروسية.
وأضاف أن دور الهند بوصفها “مركز تصفية عالمي للنفط الروسي، يحول الخام المحظور إلى صادرات عالية القيمة بينما يمنح موسكو العملة الصعبة” هو سلوك انتهازي ويقوّض جهود المجتمع الدولي لعزل اقتصاد الحرب لدى بوتين.
تصدّع العلاقات مع الولايات المتحدة وفرض الرسوم
في مطلع الشهر، فرض الرئيس ترامب رسوماً جمركية بنسبة 50 في المئة على السلع الهندية على خلفية قضية النفط الروسي، ما أدى إلى توتر واضح في العلاقات بين واشنطن ونيودلهي. وردّ رئيس الوزراء ناريندرا مودي في خطاب بمناسبة عيد استقلال الهند متبنّياً موقفاً حازماً، مؤكّداً أن حكومته ستدافع عن مزارعيها ضد أي سياسات تهدد مصالحهم جراء الرسوم الأميركية.
العلاقات الهندية-الروسية
تُعد روسيا من أبرز شركاء الهند في المجال الدفاعي، وتعتمد نيودلهي على موسكوا في جزء كبير من تسليحها، بما في ذلك منظومة الدفاع الصاروخي S-400. ومع ذلك، خلال العقود الماضية سعت الهند أيضاً إلى تعميق علاقاتها مع واشنطن، حتى ارتقت العلاقات إلى مستوى استراتيجي، مع حجم تجارة ثنائي سنوي يبلغ نحو 128 مليار دولار، في حين يسعى ترامب لتقليص العجز التجاري الذي تراه واشنطن لصالح الهند بقيمة 45 مليار دولار.
التقارب مع الصين وزيارات متبادلة
رأت واشنطن دائماً في الهند ركيزة لمواجهة نفوذ الصين المتصاعد، لكن الخطوات الأخيرة للإدارة الأميركية دفعت نيودلهي إلى إعادة ترميم علاقاتها مع بكين. ومن المقرّر أن يزور رئيس الوزراء مودي الصين مع نهاية الشهر، في حين يصل وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى الهند في زيارة تستغرق يومين لإجراء محادثات حول الحدود المتنازع عليها بين البلدين.
تحذيرات من نقل قدرات عسكرية متقدمة
حذّر نافارو أيضاً من مخاطرة نقل تقنيات وقدرات عسكرية أميركية متقدمة إلى الهند في ظل تعمّق علاقات نيودلهي مع كل من الصين وروسيا، مشدّداً على أن على الهند أن تتصرف كشريك استراتيجي إذا كانت تريد أن تُعامل كذلك من قِبل الولايات المتحدة.
شبهة التمييز: «استهداف غير عادل»
قالت وزارة الخارجية الهندية إن بلدها يتعرض لـ«استهداف غير عادل» بتهمة شراء النفط الروسي، في حين تستمر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضاً بشراء سلعٍ روسية. وتشير بيانات الاتحاد الأوروبي إلى أن حجم تجارة التكتل مع روسيا تراجع إلى نحو 67.5 مليار يورو عام 2024، انخفاضاً من 257.5 مليار يورو في 2021. كما اشترت دول الاتحاد غازاً روسيا بقيمة 105.6 مليار دولار منذ اندلاع الحرب، وهو مبلغ يعادل نحو 75 في المئة من ميزانية روسيا العسكرية لعام 2024، وفق مركز الأبحاث الفنلندي بشأن الطاقة والهواء النظيف.
أما إجمالي التجارة بين روسيا والولايات المتحدة فبلغ نحو 5.2 مليار دولار في 2024، انخفاضاً حاداً عن مستوى 36 مليار دولار في 2021.
مفاوضات تجارة حرة وتأجيل لقاءات
تجدر الإشارة إلى أن الهند والولايات المتحدة ظلاّ متفاوضتين لعدة أشهر على اتفاقية تجارة حرة، بينما يتهم ترامب نيودلهي بفرض تعريفات مرتفعة تحول دون وصول السلع الأميركية. وفي هذا السياق، ألغيت زيارة مقررة لمفاوضي التجارة الأميركيين إلى نيودلهي بين 25 و29 أغسطس/آب، بحسب مصدر أخبر وكالة رويترز، ما يؤجل محادثات كان يأمل الطرفان أن تكون متنفساً لتخفيف الإجراءات الجمركية الإضافية على السلع الهندية.