«لا تزال المسافة طَويلة قبل أن نصل إلى نتيجةٍ جيدةٍ للجميع.» هكذا قالت أورسولا فون دير لاين، مشدِّدةً على مبدأٍ اعتبره حلفاء كييف الأوروبيون أساسياً: «لا شيء عن أوكرانيا من دون أوكرانيا».
قبل القمة الـG20، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر للصحفيين: «مراتٌ عديدة تدّعي روسيا الجِدّية في السعي إلى السلام، لكن أفعالها لا تطابق كلماتها أبداً.»
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حذّر يوم السبت من أن موسكو «ستخون» وعودها و«ستعود» إذا غابت عناصر الردع وإذا اقتَطعت أوكرانيا من حجم جيشها واتبعت خطة ترمب. وفي منشور على منصة X رحّب ماكرون بجهود الولايات المتحدة لإحلال السلام، لكنه أكد أن الاقتراح الحالي «يجب أن يُعزّز» وأن «لا تُترك أوكرانيا عرضةً للخطر أبداً». وأضاف: «الجميع يريد السلام — ما عدا روسيا التي تستمر بِعُنادٍ في قصف أوكرانيا»، مؤكداً أن الدعم لأوكرانيا «حاسِم».
رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاّس قالت: «لا تملك روسيا أي حق قانوني على أي تنازلاتٍ من الدولة التي غزتها.» في المقابل، دافَع نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس عن خطة السلام مُهاجِماً المنتقدين: «هناك خيال يُفترَض أنه إذا أعطينا مزيداً من المال أو الأسلحة أو العقوبات، فالانتصار بات وشيكاً»، كتب على X، «السلام لن يُصاغ بواسطة دبلوماسيين أو سياسيين فاشلين يعيشون في عالمٍ وهمي؛ ربما يُحرَز من قبل أشخاص أذكياء يعيشون في العالم الحقيقي».
ماذا قال زيلنسكي عن الخطة؟
قال رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي إن بلاده تسعى للدفاع عن سيادتها مع الحفاظ على دعم أهم حلفائها، الولايات المتحدة. ونقلت التصريحات عن رفضه للخطة، وسط حديثٍ سابق لترمب أنه «يمكن لزيلينسكي أن يقاتل بقدر ما يشاء» إن رفض الاقتراح.
أوضح زيلينسكي أن البلاد تمرّ «إحدى أصعب لحظات تاريخنا»، وأن الضغط عليها أصبح «من الأثقل»، وأن أوكرانيا قد تواجه خياراً عسيراً: إما فقدان الكرامة أو المخاطرة بفقدان شريكٍ رئيسي. في خطابٍ مدته نحو عشر دقائق أمام القصر الرئاسي قال إن تبنّي الخطة المقترحة سيترك كييف «من دون حرية أو كرامة أو عدل». واعتبر أن قبول خطة يُنظر إليها على أنها تميل لمصلحة موسكو يعني أيضاً تصديق «من هاجمنا مرتين من قبل».
وأضاف: «سأعرض الحجج، سأقنع، سأقترح بدائل». واستذكر الغزو الروسي في فبراير 2022 مُؤكّداً: «لم نخن أوكرانيا آنذاك، ولن نفعل الآن.» وأوضح بعد اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن تركيز أوكرانيا في المفاوضات «على العمل بأكبر قدر من البناء على الخطوات المقترحة من الولايات المتحدة»، وأن العمل جارٍ لضمان أن يكون الطريق نحو إنهاء الحرب واقعياً وأن تُطبّق العناصر المبدئية عملياً.
هل تُفضّل خطة ترمب موسكو؟
يعرب القادة الأوروبيون عن خشيتهم من أن تكون مقترحات ترمب متساهلة إلى حدٍّ كبير مع موسكو، التي تسعى للسيطرة على كامل منطقتي دونيتسك ولوهانسك. موسكو تسيطر حالياً على أجزاء من تلك المناطق، وقد حققت تقدماً تدريجياً على خطوط القتال.
مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي أفادت يوم السبت بأنهم سمعوا من ماركو روبيو، المستشار القومي لترمب، أن مسودة خطة السلام المسربة على نطاق واسع لا تعكس موقف الولايات المتحدة بل هي بمثابة «قائمة أمنيات» روسية. قال السيناتور مايك راوندز من ساوث داكوتا في مؤتمر أمني في كندا: «بدَت كأنها كُتبت بالروسية في الأصل.» روبيو نفى تلك المزاعم مصراً على أن الخطة «أعدّتها الولايات المتحدة» وبُنيت «بمشاركة مداخلات» من روسيا وأوكرانيا.
قال راوندز إنه طمأن بأن الخطة عُرِضت على ويتكوف، مبعوث ترمب الخارجي، من قبل «شخصٍ… يمثّل روسيا»، وأضاف: «ليست توصيتنا. ليست خطتنا للسلام.» وفي وقت لاحق قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن رواية راوندز عن محادثته مع روبيو «مُختلِقة بوضوح».
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن خطة الـ28 نقطة التي طرحتها واشنطن قد «تضع أساساً لتسوية سلمية نهائية». كما هدّد بالاستيلاء على مزيد من الأراضي إذا لم تقبل أوكرانيا الاقتراح، محذِّراً من أن الاستيلاء المُبلغ عنه على مدينة كوبيانسك الأوكرانية «سيُتكرّر لا محالة في مناطقٍ رئيسية أخرى من خط المواجهة».
من كييف، قالت الصحفية أودري ماكألبين إن روسيا حققت مكاسب ميدانية في مناطقٍ كان اقتراح السلام سيسلمها إليها فعلياً على طول خط الاتصال. وأوضحت لقناة الجزيرة أن موسكو شنّت هجمات ليلية على منطقتي خيرسون وزابوريجيا، وهما منطقتان تكونان ضمن السيطرة الفعلية لروسيا بموجب خطة الـ28 نقطة التي تُناقش في جنيف. «لا ريب أن روسيا تحاول تحقيق مكاسب في هذه المناطق، وقد نجحت في ذلك إلى حدٍّ ما،» قالت، «إنها تحقق تقدماً بطيئاً لكن منظماً.»
هل يُرجّح أن يُبرم ترمب اتفاق السلام هذه المرّة؟
لا نعلم بعد.
خلال حملته الرئاسية استعداداً لانتخابات 2024، ادّعى ترمب أنه قادر على إنهاء حرب روسيا على أوكرانيا خلال يوم واحد. لكن اتفاقاً نهائياً ظل بعيدَ المنال رغم الدفع الدبلوماسي الأميركي.
ومنذ عودته إلى السلطة لفترة ثانية في يناير، جعل ترمب حلّ الصراعات الخارجية محور سياسة الولايات المتحدة الخارجية. زعم أنّه ساعد على إنهاء عدة حروب، بما في ذلك الحرب الإسرائيلية على غزة التي وصفها البعض بأنها إبادة جماعية، وحرب الهند وباكستان، وحرب تايلاند وكمبوديا، من بين أخرى. وطالب حتى بجائزة نوبل للسلام على خلفية إدعاءاته بإيقاف الحروب.
مع ذلك، واجه صعوبة في إنهاء الصراع الروسي‑الأوكراني، على الرغم من عقد قمة مع بوتين في ألاسكا في أغسطس. انتهت أولى لقاءاته مع زيلينسكي في فبراير بمزيدٍ من التوتر. استعاد الرئيسان علاقتهما لاحقاً واستضاف ترمب زيلينسكي مرتين في البيت الأبيض منذ ذلك اللقاء، لكن محاولة ترمب ترتيب لقاء بين بوتين وزيلينسكي لم تَتَحقّق. في أغسطس حذّر ترمب روسيا من عواقب وخيمة إذا امتنع بوتين عن إنهاء الحرب. اعلن حتى أنه فرض عقوبات على موسكو لإرغامها على وضع حدّ للحرب. كما فرض رسوماً جمركية باهظة على الهند لشرائها النفط الروسي، مشيراً إلى أن تلك الصفقات تموّل جهود موسكو الحربية.
أثناء المحاددثات التي كانت جارية في جنيف يوم الأحد، عاد ترامب ليهاجم أوكرانيا، متّهماً كييف بعدم إبداء أي امتنان للجهود الأميركية المتعلقة بالصراع مع روسيا.
«قادة أوكرانيا لم يُظهروا أي امتنان لجهودنا، وأوروبا ما زالت تشتري النفط من روسيا. الولايات المتحدة تواصل بيع كميات هائلة من الأسلحة بالدولار لحلف الناتو، لتُوزَّع على أوكرانيا»، كتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشال عبر X، مكرّراً ما قاله خلال تبادل حاد في البيت الأبيض في فبراير حين وبّخه هو ونائب الرئيس الأميركي جيه دي فانْس موجّهاً انتقاداً لزيلينسكي.