مع تزايد خطر الحرب في غزة، تواجه إسرائيل أزمة وشيكة على حدودها مع مصر والضفة الغربية

شُوهدت قوات أمنية إسرائيلية أثناء عملية عسكرية في مدينة جنين بالضفة الغربية، ما يعكس واقعاً يتّسم بتصاعد مخاطر متعدّدة على حدود الضفة مع مصر، بحيث أن كل منطقة تواجه تحديات خاصة بها تتطلب معالجة مغايرة.

في حين خاضت اسرائيل حرباً دامت أكثر من 23 شهراً في قطاع غزة، فإن حدوداً ومجالات أخرى بدأت تتجه إلى مزيد من عدم الاستقرار وتشكّل تهديداً عملياً، ولاسيما الضفة الغربية والحدود المصرية. كلا المنطقتين قادرتان على الانفجار إذا لم تُعالَج التهديدات المستجدة، لكن طبيعة هذه التهديدات تختلف باختلاف المكان.

في الضفة الغربية يكمن التحدّي في إبقاء هذا التمرّد منخفض الشدة مُنكّسَراً. نجحت إسرائيل، على مدى سنوات امتدت تقريباً من 2021 حتى أوائل 2025، في تحييد محاولات مجموعات مثل الجهاد الإسلامي لخلق مناطق نفوذ في شمال الضفة. الهجمات التي شهدتها جنين ونابلس وأماكن أخرى غذّاها تدفُّق أسلحة غير مشروعة إلى الضفة؛ أعداد كبيرة من بنادق من طراز M-4 وM-16 ومسدّسات حديثة وصلت إلى أيدي مجموعات مسلّحة.

ظاهرة جديدة نسبياً في الضفة هي سعي تلك المجموعات لتصنيع صواريخ صغيرة، وهو نمط يذكّر بما حدث في غزة أواخر التسعينيات وبدايات الألفية. هذا التحوّل يدلّ على محاولة الإرهابيين الابتكار وتغيير أساليبهم؛ ففي أوائل الألفية كان الخطر الرئيسي في الضفة يتمثّل في انتحاريين وائتلافات مسلّحة محدودة.

عملية مشتركة بين الشرطة والجيش أحبطت تهريب أكثر من ثلاثين سلاحاً، ما يؤكد أن شبكات التهريب نشطة وتوسعت. المشهد الراهن يظهر أن العدو يغيّر تكتيكاته ويبحث عن طرق لمفاجأة القوات الإسرائيلية، والهجمات الأخيرة عادة ما تشارك فيها مجموعات مسلّحة متعددة الأفراد.

على صعيد الحدود مع مصر يزداد تهديد تهريب الأسلحة، وقد رُصِدَ تصاعد في جهود التهريب التي تستخدم تقنيات معاصرة مثل الطائرات المسيرة لنقل سلاح أو أجزاء سلاح. عدد الحوادث في تزايد مما يوحي بأن هناك عشرات الحوادث يومياً، ومن المحتمل أننا لا نرى سوى أطراف الفيل — أي أن كل محاولة تهريب مُحبطَة قد تكون جزءاً صغيراً من شبكة أوسع لا تزال تعمل في الخفاء.

يقرأ  تعريفات ترامب — آمال انتعاش الصناعة الأمريكية على المحك

مصر تركز جهودها على التوصّل إلى اتفاق يخص غزة، ولا ترغب في تدفّق نازحين إلى سيناء، فزدادت انتشار القوات لديها لكنها تبقى مُنخرطة بالأساس في ملف غزة. من الممكن أن شبكات التهريب التي كانت تدعم حماس في غزة تعيد توجيه عملياتها، ما يُغذّي عنف السلاح داخل إسرائيل؛ ومع أن غالبية القتلى هم من المجتمع العربي، فإن تراكم هذه الحوادث قد يؤدي إلى انفجار أوسع في المستقبل.

كانت إسرائيل لسنوات مركّزة على تهديدات «الدائرة الثالثة» مثل إيران، مُعتزّة بدقّة ضرباتها الجوية واستعدادها لمواجهة طهران. هذا التركيز أدّى إلى إهمال نسبي لغزة واستخفاف بحجم تهديدها، ولحسن الحظ أصبح وضع حماس في غزة أضعف الآن. ومع ذلك، فإن الانشغال الطويل بالقتال في غزة وصرف معظم الموارد هناك قد أتاح لهدوء نسبي في بعض الجبهات بينما تتزايد الثغرات قرب المركز: الحدود المصرية والضفة الغربية وشبكات تهريب الأسلحة التي تزوّد المجتمعات العربية داخل إسرائيل والضفة تشكّل مشكلة جدّية.

الخلاصة: الضفة الغربية والحدود المصرية يحتاجان إلى مراقبة مستمرة واستراتيجيات مختلفة ومتكاملة. من دون معالجة متزامنة لهذه الجبهات، قد يجد الأمن الداخلي نفسه أمام مفاجآت وخيارات أصعب في المستقبل القريب.

أضف تعليق