من إيران مرورًا بالصين ثم وصولًا إلى فنزويلا

جوشوا تشيثام، بول براون، ريتشارد إيرفين-براون ومات ميرفي

ناقش تحقيق تحقق بي بي سي ملابسات مصادرة القوات الأميركية لناقلة نفط الأربعاء، وكشفت بيانات تتبّع السفن أن الناقلة التي تم الاستيلاء عليها سجّلت ممارسات متكررة لتزوير أو إخفاء معلومات موقعها—على ما يبدو لإخفاء أنشطتها.

وفقاً لبيانٍ أميركي مساء الأربعاء، نفّذت القوات الأميركية عملية إنزال بطائرة هليكوبتر قرب سواحل فنزويلا وأسفرت عن الاستيلاء على سفينة. وأكد فريق BBC Verify أنها سفينه “Skipper” بعد مطابقة لافتة ظاهرة في لقطات نشرتها الولايات المتحدة بصورة مرجعية أرسلتها منصة TankerTrackers.com المتخصّصة في رصد شحنات النفط.

توفر مواقع التتبع العامة سجلاً غير مكتمل لحركة الناقلة، وفي الفترة التي سبقت مصادرتها لم تسجل موقعها منذ السابع من تشرين الثاني/نوفمبر. كما أشارت شركة التحليلات البحرية Kpler إلى أن الناقلة شاركت في عملية نقل نفط من سفينة إلى أخرى.

ووصفت المدعية العامة الأميركية بام بوندي الناقلة بأنها “ناقلة خام تُستخدم لنقل نفط خاضع لعقوبات من فنزويلا وإيران”. وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت عقوبات على السفينة في 2022 حين كانت تبحر باسم “Adisa”، واتهمتها بالانتماء إلى “شبكة دولية لتهريب النفط”.

رُفعت على السفينة عبّارة علم غيانا، لكن حكومة غيانا تسرّعت بإصدار بيان توضح فيه أن الناقلة البالغ عمرها عشرين عاماً “تُرفع علماً مزوَّراً لغيانا إذ إنها ليست مُسجَّلة في غيانا”.

خبراء أخبروا BBC Verify أن “Skipper” على الأرجح جزء من ما يُعرف بـ«الأسطول المظلم»—شبكة عالمية من ناقلات النفط التي تسعى للتحايل على العقوبات عبر إخفاء ملكيتها وهوياتها وتواريخ تنقّلها.

إخفاء الموقع

بموجب معاهدة أممية، يجب أن تمتلك كل سفينة تفوق حمولة معيّنة جهاز تتبّع داخلي يُسمى نظام التعرّف التلقائي (AIS)، إذ يبث هذا النظام معلومات عن السفن بما في ذلك موقعها، ويمكن تتبعه عبر مواقع مثل MarineTraffic. إلا أن السجل العام لحركة Skipper مضلل وغير مكتمل. تُظهر بيانات MarineTraffic أن آخر محطة معروفة للناقلة كانت في ميناء سوروش بإيران في 9 يوليو بعدما توقفت في العراق والإمارات، لكن Kpler ترى أن هذا نمط متكرر من الإدخالات المضلّلة. أبلغ محللو الشركة أن السفينة كانت قد حمّلت خاماً من فنزويلا وإيران بينما كانت تزور موقعها الحقيقي بواسطة جهاز الـAIS—ما يعرف بالتزوير أو الـspoofing.

يقرأ  هولندا تُعيد إلى مصر تمثالًا يعود تاريخه إلى ٣٥٠٠ عامًا

تمتلك فنزويلا بعض أكبر احتياطيات النفط في العالم، لكن صادراتها وُضعت تحت عقوبات أميركية منذ 2019 في محاولة للضغط على انتقال السلطة من إدارة نيكولاس مادورو المتّهمة على نطاق واسع بتزوير الانتخابات. لاحظت Kpler أن سجلات الـAIS أظهرت الناقلة عند محطة نفط البصرة العراقية في 7 و8 يوليو، بينما سجلات المحطة لم تسجل أي حضور لها؛ وبدلاً من ذلك حمّلت Skipper خاماً في جزيرة خارك الإيرانية، بحسب الشركة.

أظهرت بيانات التتبّع أن الناقلة أبحرت شرقاً حيث تشير Kpler إلى أنها أجرت نقل نفط من سفينة إلى أخرى بين 11 و13 أغسطس. أُفرغت حمولة تلك الشحنة لاحقاً في الصين، ووصفتها Kpler بأنها «أُعلن عنها بشكل مضلّل». عادت السفينة عبر إيران متجهة نحو البحر الكاريبي، وآخر موقع أعلنت عنه كان في 7 نوفمبر على بعد أميال قليلة من سواحل غيانا، ولم يظهر موقعها مجدداً إلا في 10 ديسمبر بعد المداهمة الأميركية.

في الفترة الفاصلة، أظهرت صور الأقمار الصناعية التي جمعتها TankerTrackers.com وأكدتها BBC Verify وجود Skipper في ميناء خوسيه بفنزويلا في 18 نوفمبر بينما لم تكن ظاهرة في مواقع التتبع آنذاك. منذ فرض العقوبات، أصبح إخفاء أو تزوير المواقع أثناء تحميل النفط في فنزويلا شائعاً، بحسب محللين.

قدّرت Kpler أن الناقلة حمّلت “ما لا يقل عن 1.1 مليون برميل من خام «مري»” بحلول 16 نوفمبر، ذاكِرةً كوبا كوجهة مُعلنة. كما توجد أدلة على تورط Skipper في عملية نقل من سفينة إلى أخرى في 7 ديسمبر، قبل أيام من صعود القوات الأميركية عليها؛ صور أقمار صناعية راصدتها Kpler بدت أنها تُظهر عملية التبادل، وتمكنت الشركة من تحديد إحدى السفينتين بأنها Skipper. جرت عملية النقل قبالة سواحل فنزويلا بالقرب من مدينة برشلونة، بينما أظهرت سجلات MarineTraffic أن الناقلة كانت آخر ظهورٍ لها قبالة سواحل غيانا قبل أسابيع.

يقرأ  ترامب يعلن استئناف تجارب الأسلحة النووية في الولايات المتحدة بعد أكثر من ثلاثين عاماً

أوضحت Kpler أن مثل هذه الممارسات للتحايل على العقوبات ليست استثنائية في صادرات النفط الفنزويلية؛ فغالباً ما تقوم الناقلات بتحويل حمولتها قبالة سواحل بلدان مثل ماليزيا قبل أن تُستورد إلى الصين. وقال الضابط البحري البلجيكي السابق والمحلل فريدريك فان لوكيرن لفريق BBC Verify إن التحويلات من سفينة إلى أخرى ليست بالضرورة غير قانونية، لكنها “نادرة للغاية”، وغالباً ما تُعدّ مؤشراً على محاولات التهرب من العقوبات عبر نقل النفط إلى سفن غير مرتبطة علناً بالتهريب. وأضاف أن قدرة فنزويلا على التكرير تدهورت بشدة في السنوات الأخيرة وأصبحت “معتمدة” على حلفائها في إيران وروسيا لتحويل خامها إلى منتجات ذات قيمة تجارية أعلى.

من يملك “Skipper”؟

تدرج بيانات MarineTraffic المالك المستفيد والمشغّل باسم شركة Thomarose Global Ventures Ltd ومقرها نيجيريا، وتدرج المالك المسجّل باسم Triton Navigation Corp ومقرها جزر مارشال. في 2022، قالت وزارة الخزانة الأميركية إن Triton استُخدمت من قبل قطب نفط روسي خاضع للعقوبات—فيكتور أرتيموف—للتيسير لشبكة “تهريب نفطي” عالمية. آنذاك أفاد مسؤولون أميركيون أن أرتيموف اعتمد على شبكة واسعة من السفن المسجلة بطرق غامضة لنقل النفط الإيراني. وصرّحت الخزانة أن Triton “قدّمت دعماً مادياً أو تقنياً أو خدمات أو سلعاً أو رُعايات لأرتيموف”.

BBC Verify تسعى حالياً للتواصل مع كلا الشركتين للحصول على تعليق.

أضف تعليق