التُقطت صورة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهو يصافح دان دريسكول في كييف
عندما أخذت محادثات إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا منعطفًا غير متوقع الأسبوع الماضي إثر تسريب خطة سلام نسبت إلى الولايات المتحدة، أرسلت إدارة ترامب شخصية غير متوقعة لحضور جولة مكثفة من الاجتماعات الخارجية. دريسكول، أصغر من تولاهم منصب وزير الجيش بعمر 39 عامًا، بات يُعرف داخل الدائرة الرئاسية بلقَب «رجل الطائرات المسيرة» نظراً لتأييده التقنيات القتالية الناشئة. قبل ذلك عرف عنه أكثر اهتمامه بشؤون الميزانيات والإمداد والكوادر في أكبر فروع الجيش الأمريكي.
على الرغم من ذلك، لا يبدو أن لدريسكول تاريخًا طويلًا في التعامل مع الملف الروسي أو الأوكراني، كما أنه يفتقر إلى خبرة دبلوماسية دولية واسعة ولم يشغل منصبًا سياسيًا منتخبًا من قبل.
حليف مقرب لنائب الرئيس ج.د. فانْس
العلاقة المعمقة بين دريسكول ونائب الرئيس ج. د. فانْس هي ما وضعته داخل مدار ترامب. مثل فانْس، التحق دريسكول بجامعة عامة قبل التحاقه بالجيش ثم نال شهادة الحقوق من ييل، وعمل كلاهما في القطاع المالي بعد الدراسة. خلال مسيرته العسكرية تخرج ضابطًا عام 2007 وقاد فصيلة سلاح الفرسان وانتشر إلى العراق لعدة أشهر عام 2009.
يروي دريسكول أنه التقى بفانس عبر مجموعة طلاب قدامى المحاربين في كلية الحقوق، حيث طمأن فانْس الطلبة الجدد بأن شعور الاغتراب الأولي سيتبدد مع مرور الأشهر وأنهم سينجحون أكاديميًا، فصار فانْس صديقًا ومرشدًا له. صيف 2024، كان دريسكول في إجازة مع عائلته في سويسرا حين اتصل به فانْس ليخبره بأنه سيكون مرشحًا لمنصب نائب الرئيس ويدعوه للانضمام للحملة؛ عاد دريسكول إلى الولايات المتحدة في اليوم التالي، اشترى بدلة من مَنافذ ترويجية، وركب أوبر نحو المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، حسبما روى لمجلة خريجي جامعة نورث كارولاينا تشابل هيل حيث درس المرحلة الجامعية.
بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، أُقر تعيين دريسكول وزيرًا للجيش بسرعة في تصويت تأكيد بمجلس الشيوخ، وتوسعت دائرة نفوذه عندما صار لاعبًا محوريًا في نشر الحرس الوطني إلى مدن أمريكية. ثم شغل أيضًا منصب القائم بأعمال مدير مكتب الكحول والتبغ والأسلحة والمتفجرات.
زيارة غير معلنة إلى أوكرانيا
تحدث دريسكول كثيرًا عن الحرب في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن الطائرات المسيرة الأوكرانية تمثل تكنولوجيا رخيصة نسبيًا وقابلة للتصنيع بكميات وهي مفيدة لسير العمليات القتالية. لكن بعد ترشيحه لوزارة الجيش لم يبرز في البداية كطرف في مفاوضات وقف إطلاق النار، إذ كان ترامب يعتمد على مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف للعمل على صيغة تهدئة.
عندما سُرِّبت تفاصيل خطة مكونة من 28 بندًا أعدتها الولايات المتحدة وروسيا الأسبوع الماضي، أعربت أوكرانيا فورًا عن قلقها من نقاط أساسية فيها وتبعتها حلفاؤها الأوروبيون. بعد ذلك قام دريسكول بزيارة غير معلنة إلى أوكرانيا برفقة شخصيات رفيعة المستوى من البنتاغون، وكانت هذه أعلى بعثة عسكرية تسافر إلى كييف منذ تولي ترامب السلطة في يناير؛ وقال متحدث باسم الجيش الأمريكي إن الغرض كان لقاء مسؤولين أوكرانيين ومناقشة جهود إنهاء الحرب.
التقى دريسكول بزيلينسكي، ثم استضافته رئاسة السفير الأمريكي في احتفال حسب تقارير سياسية. وفي الأيام التالية شارك دريسكول في محادثات إضافية مع مسؤولين أوكرانيين في جنيف إلى جانب وزير الخارجية ماركو روبيو، وويتكوف وصهر ترامب جاريد كوشنر، وساهم في صياغة «إطار سلام مُحدَّث ومُنقَّح». ثم أجرى محادثات مع مسؤولين روس في أبوظبي، وفقًا لتقارير شركاء الإعلام الأمريكي.
سفير مستقبلي… أم وزير دفاع؟
عند ترشيحه، وصفه ترامب بأنه يملك «مزيجًا قويًا من الخبرات ليكون عائقًا للتقليدية ووكيلًا للتغيير». ويتساءل بعض المراقبين في واشنطن إن كانت هذه الصفات وظهوره العالمي الأخير تعني أنه قد يحل يومًا ما مكان بيت هيغزيث إذا ما تنحى الأخير عن منصب وزير الدفاع.
رغم أنه لم يشغل منصبًا منتخبًا، عمل دريسكول كمتدرب في لجنة شؤون المحاربين القدامى في مجلس الشيوخ، وفي 2020 خاض محاولة فاشلة للفوز بمقعد في مجلس النواب عن نورث كارولاينا. أشار أستاذ سابق إلى أن دريسكول كان يطمح «أن يخدم في الجيش، ثم يدرس الحقوق، ثم يدخل في السياسة».
ثمة احتمال أيضًا أن يتولى دريسكول رسميًا مهمة التفاوض مع أوكرانيا حين يغادر مبعوث ترامب الخاص للبلاد، كيث كيلوق، منصبه في يناير. وإلا فقد يبقى على رأس مئات الآلاف من الجنود في الجيش الأمريكي؛ وهو يذكّر دائمًا بأن والده وجده خدموا في القوات المسلحة من قبله، ويتحدث عن رؤيته لتحويل شكل الجيش.
قبل أيام من سفره إلى أوكرانيا وصف دريسكول في بودكاست The Conversation رؤيته للمستقبل القريب، متوقعًا أن «كل فَرد من المشاة… سيحمل طائرة مسيرة إلى المعركة» وأن الجنود سيعولون على الذكاء الاصطناعي لأن العقول البشرية لن تقدر على «مجاراة» وتيرة العمليات. وقال في خطاب في أكتوبر: «نافذتنا للتغيير هي الان، وسننتصر بالسيليكون والبرمجيات، لا بدماء وأجساد جنودنا.»