مع انتهاء فصل ياسر أبو شَبّاب، الرجل الذي ارتبط اسمه بميليشيا “القوى الشعبية” وظهر في رفح خلال الحرب وتوُصِفَه أوساطٌ واسعةَ بأنه متعاون مع إسرائيل، تم الإعلان عن غسان الدهيني خلفاً له.
منذ مقتل أبو شَبّاب الخميس الماضي خلال ما نُقل أنه تسوية خلاف عائلي، ظهر الدهيني (الذي ورد أنه أُصيب في الحادث نفسه) في تسجيل مصور منشور على الإنترنت مرتدياً زيّاً عسكرياً ويسير بين مقاتلين ملثمين تحت قيادته.
من هو غسان الدهيني؟
تقول مصادر فلسطينية إعلامية إن الدهيني البالغ من العمر 39 عاماً كان، رغم كونه رسمياً نائب القائد، الزعيم الفعلي للميليشيا على أرض الواقع. ويرى هؤلاء أن خبرته وسِنّه جعلاه العقل التشغيلي للمجموعة، بينما بقي أبو شَبّاب الواجهة الظاهرة التي استغلتها إسرائيل علناً.
ولد الدهيني في 3 أكتوبر 1987 في رفح جنوبيّ غزة، وينتمي إلى قبيلة الترابين البدوية، إحدى أكبر العشائر الفلسطينية المنتشرة إقليمياً والتي كان ينتمي إليها أيضاً أبو شَبّاب. شغل رتبة ملازم أول في قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية قبل أن يلتحق لاحقاً بجناح مسلّح يُعرف باسم “جيش الإسلام” المرتبط فكرياً بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
هل تولّى القيادة فعلاً بعد مقتل أبو شَبّاب؟
أعلنت الميليشيا عن تعيين الدهيني قائداً جديداً عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك يوم الجمعة، وأكد الدهيني عزمه مواصلة عمليات المجموعة ضد حماس. وفي لقاء مع القناة 12 الإسرائيلية، نقل عنه فيما بعد تقرير “التايمز أوف إسرائيل” أنه لا يخشى حماس: “لماذا أخاف حماس بينما أنا أحاربها؟ أقبض على عناصرها، وأستولي على معداتها… باسم الشعب والأحرار”، قال ذلك صراحة.
نشرَت الميليشيا أيضاً فيديو ترويجياً ظهر فيه الدهيني وهو يتفقد تشكيلاً من المقاتلين، وقال إن المقاطع تهدف إلى إظهار أن المجموعة “تظل فعالة عملياً” رغم فقدان قيادتها، مضيفاً: “غيابه مؤلم، لكنه لن يوقف الحرب على الإرهاب”.
هل كان دائماً معارضاً لحماس؟
تدرج اسمه في قوائم المطلوبين لدى حماس التي تتهمه بالتعاون مع إسرائيل ونهب المساعدات وجمع معلومات عن طرق الأنفاق والمواقع العسكرية. وتكاد المعلومات عن أسباب خروجه من صفوف قوات الأمن محدودة.
زاد نشاط الدهيني على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً، حيث ظهر في شريط يُظهر احتجاز واستجواب عدة عناصر من حماس في نفق برفح، فيما زعم تنظيم أبو شَبّاب أن الاعتقالات تمت “وفق التوجيه الأمني المعمول به وبالتنسيق مع التحالف الدولي”. ونشر صوراً بدا فيها إلى جانب ما قيل إنها جثث لعناصر حماس أُعيدت عليهم صفة “الاستئصال” ضمن عمليات “مكافحة الإرهاب”.
حاولت حماس اغتيال الدهيني مرتين؛ ففي إحدى العمليات قُتل شقيقه، وفي أخرى نجا الدهيني بأعجوبة بعد انفجار منزل مفخخ شرق رفح؛ ووصف مصدر حماسي نجاته بأنها “حظّ محض”، بينما قُتل أربعة من وحدة الهجوم وأصيب آخرون.
ما هي ميليشيا “القوى الشعبية”؟
برزت الميليشيا عام 2024 تحت قيادة أبو شَبّاب، وتُقدَّر أعداد عناصرها بين 100 و300 مقاتل، يعملون على مسافات مترية من مواقع عسكرية إسرائيلية ويتحركون بأسلحتهم تحت إشراف إسرائيلي مباشر. تتمركز بشكل رئيسي في شرق رفح قرب معبر كرم أبو سالم—نقطة العبور الوحيدة التي تسمح إسرائيل عبرها بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة—ولها وحدة ثانية في غرب رفح قرب نقطة توزيع المساعدات المعروفة المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، التي شهدت إطلاق نار على مئات الفلسطينيين أثناء سعيهم للحصول على المساعدات.
أفادت مصادر أمنية للجزيرة بأن الجيش الإسرائيلي أشرف على تسليح أبو شَبّاب وأنه يقود “عصابات إجرامية متخصِّصة في اعتراض قوافل المساعدات القادمة من معبر كرم أبو سالم وإطلاق النار على المدنيين”. ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية في يونيو عن جهاز الأمن العام (شين بيت) أنه كان وراء تجنيد عصابة أبو شَبّاب، وأن رئيس الجهاز رونين بار نصح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتجنيد وتسليح المجموعة. وأضافت الصحيفة أن المشروع التجريبي تضمن تزويد الميليشيا بعدد محدود ومراقب من البنادق والمسدسات لاختبار إمكانية فرض شكل من “الحكم البديل” على مساحة صغيرة ومحصورة من رفح.
ومع ذلك، أشار مسؤولو أمن إسرائيليون بأن المجموعة ليست بديلاً ذا مصداقية لحماس. وذكرت لاحقاً مذكّرة داخلية للأمم المتحدة اسم أبو شَبّاب في سياق تقارير عن الانفلات الأمني وسوء إدارة المساعدات.
(المنطقه، قياديه)