الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شرع في بناء قاعة احتفالات جديدة بكلفة تُقَدَّر بـ300 مليون دولار في موقع الجناح الشرقي السابق للبيت الأبيض، في أول تغيير هيكلي كبير للمجمع الرئاسي منذ عام 1948. المشروع يشمل هدم الجناح الشرقي القائم، الذي كان يضم مكاتب ربة الدولة ويُستخدم لإقامة المراسم الرسمية.
بدأت الأعمال يوم الاثنين، وتم تمويلها من تبرعات خاصة قدمها أفراد وشركات ومؤسسات تقنية، من بينها غوغل وشركة اومازون، ما أثار تساؤلات أخلاقية وقانونية حول مدى النفاذ الذي قد يمنحه هذا التمويل للمانحين إلى صاحب أقوى منصب في البلاد. نموذج تعهد اطلعت عليه شبكة سي بي إس أفاد أن المانحين قد يحظون بـ«اعتراف» بمساهماتهم، لكن لم تُكشف تفاصيل إضافية عن طبيعة هذا الاعتراف.
كم ستكلف القاعة الجديدة؟
التقديرات المتعلقة بكلفة بناء قاعة فخمة بمساحة نحو 8,360 مترًا مربعًا (حوالي 90,000 قدم مربعة) تغيّرت منذ الإعلان عن المخطط. ترامب قال إن القاعة ستتسع لـ999 شخصًا. في أغسطس، أفادت كارن ليڤيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، بأن الكلفة تقارب 200 مليون دولار، لكن ترامب رفع المبلغ هذا الأسبوع إلى 300 مليون دولار.
بدأ البناء أثناء إيقاف جزئي للحكومة الأمريكية، ولذا انطلق المشروع من دون موافقة لجنة تخطيط العاصمة الوطنية، الهيئة الفدرالية المسؤولة عن الإشراف على مثل هذه الأعمال، لأنها مغلقة حاليًا.
من يمول البناء؟
نشر ترامب على منصة تروث سوشيال: «لأكثر من 150 عامًا حلم كل رئيس بوجود قاعة رقص في البيت الأبيض لاستضافة حفلات كبرى والزيارات الرسمية. يشرفني أن أكون أول رئيس يشرع في هذا المشروع الضروري — من دون أي تكلفة على دافعي الضرائب الأمريكيين!» وأضاف أنه سيشارك شخصيًا في تمويل المشروع: «قاعة البيت الأبيض تمولها تبرعات خاصة من العديد من الوطنيين السخيين والشركات الأمريكية العظيمة، ومنّي شخصيًا.»
مع ذلك، يبدو أن جزءًا من التبرعات مرتبط بتسويات وصفقات قانونية أو مصالح أخرى. على سبيل المثال، ستدفع يوتوب 22 مليون دولار للمساهمة في بناء القاعة كجزء من تسوية قانونية مع ترامب بشأن دعوى رفعها عام 2021 متعلقة بتعليق حسابه عقب أحداث السادس من يناير. يذكر أن يوتوب وغوغل تتبعان لشركة أمّ هي ألفابت.
لم يكشف البيت الأبيض عن مبالغ كل مانح على حدة، لكن قائمة بالمساهمين أُتيحَت للإعلام وضمّت شركات وأفرادًا بارزين، بعضهم يواجه قضايا قانونية أو تسويات حديثة، من بينهم:
– Amazon: توصلت لجنة التجارة الفدرالية الشهر الماضي إلى تسوية مع الشركة حول مزاعم تسجيل ملايين المستهلكين في خدمة Prime دون موافقتهم وصعوبة إلغاء الاشتراكات؛ بموجب التسوية ستدفع أمازون 2.5 مليار دولار غرامات وردود أموال، وتُصلح آلية الاشتراك وتخضع لرقابة امتثالية.
– Apple: الشركة متعددة الجنسيات التي يرأسها تيم كوك وسبق أن طعنت أمام محكمة استئناف أمريكية على حكم فدرالي في أبريل يمنعها من تحصيل عمولات على بعض مشتريات داخل التطبيقات.
– Coinbase: أكبر بورصة للعملات المشفّرة في الولايات المتحدة، وتواجه دعوى مقيّدة تتهمها بإخفاء مخاطر جوهرية تتعلق بعملها، بما في ذلك احتمالات مقاضاة من هيئة الأوراق المالية والبورصات ومخاطر خسارة أصول في حالة إفلاس.
– Google: خسرت الشهر الماضي قضية احتكار كبرى في الولايات المتحدة، حيث حكمت محكمة فدرالية بأن الشركة هيمنت بشكل غير قانوني على خدمات البحث والإعلان المرتبط بها.
– Lockheed Martin: شركة تصنيع دفاعية واجهت ادعاءات بتقديم بيانات تكاليف مبالغ فيها لعقود طائرات F‑35 خلال 2013–2015، واتفقت في فبراير على دفع نحو 29.74 مليون دولار لتسوية مزاعم فدرالية.
– Microsoft: يُديرها ساتيا ناديلا، الذي حقق تعويضًا قياسيًا بلغ 96.5 مليون دولار للسنة المالية 2025.
كما وردت أسماء أفراد وعائلات ومستثمرين ومسؤولين آخرين، منهم عائلة لوتنيك المرتبطة بهاورد لوتنيك، وزير التجارة في إدارة ترامب، وزوجي وينكلفوس (كاميرون وتايلر)، المُعروفان بمساهمتهما في بورصة Gemini وشركة Winklevoss Capital، والذين فضّلت هيئة الأوراق المالية تسوية دعوى تتعلق ببرنامج إقراض عملات رقمية غير مسجل.
قائمة أطول تضمنت شركات ومجموعات أخرى مثل: Altria، Booz Allen Hamilton، كاتربيلر، Comcast، Hard Rock، HP، Meta، Micron، NextEra، Palantir، Ripple، Reynolds American، T‑Mobile، Tether America، Union Pacific، ومؤسسات عائلية ووقفات خيرية وشخصيات استثمارية مثل adelson family foundation، ستيفان برودي، عائلة غلازر، هارولد هام، وغيرهم.
هل تمويل القاعة الخاصة أخلاقي أو قانوني؟
أشار المحامي الدستوري بروس فاين لقناة الجزيرة إلى أن التمويل الخاص قد ينتهك قانون Anti‑Deficiency Act، وهو قانون فدرالي يمنع الفرع التنفيذي من قبول سلع أو خدمات من جهات خاصة لأداء وظائف حكومية رسمية ما لم تُوافق عليه الكونغرس صراحةً، لأن القانون يحمي «سلطة الكونغرس في التحكم بالإنفاق». وأوضح فاين بالتشبيه: إذا رفض الكونغرس تمويل جدار على الحدود مع المكسيك، هل يجوز لترامب أن يبنيه بمال قدّمه إيلون ماسك أو أصدقاء مليارديرات آخرون؟
واختتم فاين بالقول إن ترامب «يتعامل بمعيار المعاملة بالمقابل»، متوقعًا أن الممولين قد يُكافؤون بتسهيلات تنظيمية أو تعيينات أو حتى عفو عن جرائم فدرالية.
المسألة تثير تساؤلات جوهرية حول فصل السلطات، النزاهة المؤسسية، ومدى قابلية المؤسسات الديمقراطية للنفوذ حين تُستبدل القرارات العامة بتمويل خاص يفتح قنوات تأثير غير رسمية. يرجى تزويدي بالنص الذي تود ترجمته وإعادة صياغته.