اعصار ميليسا يغادر أخيراً البحر الكاريبي بعد دمار واسع
بعد أيام من العصف بالمجتمعات في جامايكا وهايتي وكوبا، بدأت العاصفة تغادر منطقة البحر الكاريبي تاركة خلفها آثار دمار أودت بحياة نحو خمسين شخصاً. اصطدمت العاصفة بقوة هائلة بجامايكا يوم الثلاثاء بصفتها إعصاراً من الفئة الخامسة، ولا يزال السكان يوم الجمعة يقيّمون خسائرهم ويواجهون طريقاً طويلاً نحو التعافي.
أكثر من 60٪ من جامايكا لا يزال بلا كهرباء، ونحو نصف شبكات المياه متوقفة عن العمل. في مدينة بلاك ريفر التاريخية على الساحل الجنوبي الغربي، تُركت ما يصل إلى 90٪ من المباني بلا أسقف، كما قَطَعَت الرياح خطوط الكهرباء وانهدت أعمدة خرسانية.
«الناس جائعون» قالت مونيك باول وهي تراقب مجموعة من المواد التموينية والمنزلية التي جمعتها لنفسها ولعدد من سكان جرينفيلد، إحدى المجتمعات المتضررة على مشارف بلاك ريفر. وقالت ميشيل بارنز بينما كانت هي وابنتها البالغة من العمر 13 عاماً يأخذان حصتهما من المساعدات الموزعة من المطاعم المحلية: «كل شيء ذهب»، بعدما أصيب كثير من الطعام بالبلل والتلف.
دراسة لكلية إمبريال بلندن أكدت أن هذه العاصفة القوية التي تُعد من بين الأقوى المسجلة أصبحت أكثر احتمالاً بأربع مرات نتيجة التغير المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية.
سلسلة الوفيات
أبلغت وزيرة الإعلام في جامايكا، دانا موريس ديكسون، في إحاطة أن لدى السلطات «تقارير جدية» عن احتمال وقوع خمس وفيات إضافية لكنها لم تُؤكَّد بعد. «لدينا حتى الآن 19 حالة مؤكدة، لكن نتوقع أن يتغير هذا اليوم» قالت.
في هايتي المجاورة، أشارت السلطات إلى مقتل ما لا يقل عن 31 شخصاً وغياب 21 آخرين، أغلبهم في المناطق الجنوبية، كما لا يزال أكثر من 15,800 شخص في ملاجئ. أما في كوبا فلم تُسجل وفيات حتى يوم الجمعة، بعد أن أجبرت الدفاع المدني على إخلاء أكثر من 735,000 شخص في أجزاء شرقية من الجزيرة، مع استمرار فيضانات خطرة في بعض المناطق.
سندات الكوارث وتمويل المناخ
رغم أن التكلفة الإجمالية لتعافي جامايكا لم تتضح بعد، فقد خصصت الحكومة مبالغ للاستجابة للكوارث، من بينها آلية فريدة لسندات الكوارث بالتعاون مع البنك الدولي. قالت ديكسون إن السند، الذي صدر عام 2024، يتيح حماية مالية لجامايكا بقيمة 150 مليون دولار تغطي أربعة مواسم للأعاصير. «هذا السند، الذي يوفّر صرف مدفوعات عند وقوع كوارث طبيعية حتى عام 2027، تم تفعيله بفعل اعصار ميليسا» أوضحت.
تطالب جامايكا، مع دول عديدة أخرى، البلدان الثرية بزيادة تمويل المناخ لمساعدة الدول على تحمل تكاليف الكوارث الناجمة عن تغير المناخ. وفي الوقت نفسه أعرب وزير العلوم والطاقة والتكنولوجيا أندرو ويتلي عن «امتنان عميق» للدعم الدولي الذي توافد بعد ميليسا، محذّراً المتبرعين المحتملين من عمليات الاحتيال وداعياً إلى استخدام البوابة الرسمية الحكومية للتبرعات.
كوبا تنقذ سكاناً محاصرين بفعل الفيضانات
عملت كوبا يوم الجمعة على إنقاذ سكان لا يزالون محاصرين بسيول فيضانية غير مسبوقة بعد مرور العاصفة. فيض نهر كاوتو فاض بعد مرور العاصفة كإعصار من الفئة الثالثة الخطرة، وسجلت بعض مناطق الطرف الشرقي للجزيرة أمطاراً بلغت نحو 380 ملم (15 بوصة).
خاض عمال الطوارئ، يوم الجمعة، مياه بلغت ارتفاعها حتى الخصر وهم يرتدون بدل الغوص، مستخدمين زوارق ومركبات عسكرية لإجلاء سكان من مياه النهر التي لا تزال ترتفع في أطول أنهار البلاد. قال إدواردو فيرديسيا، 83 عاماً، من سكان ريو كاوتو، إنه كان يتوقع أن ينحسر النهر لكن استمرار الأمطار والجريان السطحي من الجبال وخزان للمياه ارتفع بسرعة أفزعهم. «عندما حلّ الليل ظننا أنه سيهبط، لكن انظروا إليه الآن — وما زالت الأمطار تهطل» قال مشيراً إلى المياه البنية التي غمرت منزله حتى مستوى السقف.
الخسائر البشرية والمادية هائلة، والمتضررون تاثروا بعمق، بينما تواصل فرق الإنقاذ والسلطات المحلية والدولية تنسيق جهود الإغاثة وإعادة تقييم الاحتياجات العاجلة للمتضررين.