أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن جهود وقف إطلاق النار على غزّة الآنتركز على التوصّل إلى صفقة شاملة تقضي بالإفراج عن جميع الرهائن المتبقين دفعة واحدة.
الخطة التي كانت تُروّج سابقاً تقضي بوقف نار مبدئي لمدة ستين يوماً وإطلاق سراح جزئي للرهائن الأحياء. وتفيد تقارير أن وفداً من قادة حركة حماس موجود في القاهرة لإجراء «محادثات تمهيدية» مع مسؤولين مصريين، بينما يرى الوسطاء أن هناك نافذة زمنية قد تسمح خلال الأسابيع المقبلة بدفع اتفاق قد يحقّق تقدماً.
بعد انهيار المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس الشهر الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي خطة مثيرة للجدل لتوسيع عملياته واحتلال كامل قطاع غزّة، بما في ذلك المناطق التي لجأ إليها معظم السكان الفلسطينيين البالغ عددهم نحو مليوني نسمة. وتُشير وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن العملية الجديدة قد لا تبدأ حتى أكتوبر، ما يتيح وقتاً للاستعدادات العسكرية واستدعاء احتياطيٍّ واسع النطاق.
في الوقت نفسه، شهدت الأيام الأخيرة تصعيداً في الضربات على مدينة غزّة، مع غارات جوية كثيفة أدت إلى دمار منازل. وأفادت مصادر طبية بأن مستشفى الشفاء أعلن مقتل سبعة من أفراد عائلة واحدة، خمسة منهم أطفال، نتيجة استهداف خيام في حي تل الهوى، بينما ذكر مستشفى الأهلي أن عشرة أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في منطقة الزيتون.
وأفاد بيان للجيش أن رئيس الأركان اللواء أيال زامير «أقر الإطار العام لخطة العمليات لجيش الدفاع في قطاع غزّة». وفي مقابلة مع قناة i24 الإسرائيلية، طُرح على نتنياهو سؤال عن إمكانية التوصل إلى تهدئة جزئية، فأجاب: «أظن أن ذلك بات وراءنا. حاولنا، بذلنا كل أنواع المحاولات، مررنا بالكثير، لكن تبين أنهم كانوا يضلّوننا». وأضاف: «أريدهم جميعاً»، في إشارة إلى الرهائن، «إطلاق سراح جميع الرهائن، أحياءً وأمواتاً — هذه المرحلة التي نحن فيها».
لا تزال الفصائل المسلحة الفلسطينية تحتفظ بحوالى 50 رهينة تم اختطافهم خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 الذي أشعل الحرب، وتعتقد إسرائيل أن نحو 20 منهم على قيد الحياة. ويواجه نتنياهو ضغوطاً متصاعدة داخلياً لتأمين إطلاق سراحهم، بالإضافة إلى انتقادات على خططه لتوسيع نطاق الحرب.
نقلت تقارير عن مسؤولين عرب لم تُسمّ، أن الوسطاء الإقليميين — مصر وقطر — يعملون على إطار جديد قد يتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين في وقت واحد مقابل إنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية. لكن إنجاز ذلك في زمن قصير يبدو صعباً، إذ تطالب إسرائيل بتسليم حماس السيطرة على قطاع غزّة وأسلاحها.
ربما لهذا السبب قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في مؤتمر صحفي إن القاهرة تبذل «جهوداً كبيرة» مع قطر والولايات المتحدة — الوسطاء الآخرين — لإحياء الخطة المرحلية السابقة. وشرح أن الهدف الرئيس هو العودة إلى الاقتراح الأصلي: وقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً مع إطلاق سراح بعض الرهائن وبعض الأسرى الفلسطينيين، وتدفق المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزّة بلا معيقات أو شروط.
يكرر رئيس الوزراء أن أهداف إسرائيل لم تتغير؛ فالقول إن الحرب ستنتهي فقط عندما يعود جميع الرهائن وتسلم حماس أمر متكرر. كما أصرّ على أن على إسرائيل أن تحتفظ بسيطرة أمنية مفتوحة الأفق على غزّة في نهاية المطاف.
من جهتها، طالبت حماس منذ زمن طويل بصفقة شاملة لتبادل الرهائن لديها بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وتطالب بانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية وإنهاء الحرب. وتصرّ على عدم نزع سلاحها ما لم يُنشأ دولة فلسطينية مستقلة.
في مقابلة مع i24 كرر نتنياهو فكرة أن الفلسطينيين يمكنهم مغادرة الإقليم عبر «هجرة طوعية»، قائلاً: «هم لا يُطردون، سيسمح لهم بالمغادرة». وأضاف: «كل من يهتم بالفلسطينيين ويقول إنه يريد مساعدتهم فليبق أبوابه مفتوحة ويتوقف عن توجيه المحاضرات إلينا».
حذّرت جهات فلسطينية ومنظمات حقوقية وقطاعات واسعة من المجتمع الدولي من أن أي نزوح قسري للسكان من غزّة يشكل خرقاً للقانون الدولي. ويخشى كثيرون تكرار ما يسمّونه «النكبة»، حين نزح أو طُرد مئات الآلاف من بيوتهم في الفترة التي أحاطت بإنشاء دولة إسرائيل عام 1948؛ ويُعد معظم سكان غزّة من نسل هؤلاء اللاجئين ويحملون حالة لاجئ رسمية.
وحذّر خبراء مدعومون من الأمم المتحدة من تفشٍّ واسع للمجاعة في غزّة، بعد أن قلّصت إسرائيل بشدة كمية المساعدات الإنسانية التي تسمح بدخولها. كما نبّه برنامج الغذاء العالمي إلى أن مستويات الجوع وسوء التغذية في غزّة هي الأعلى منذ اندلاع الصراع.
أسفر هجوم حماس في 2023 عن مقتل نحو 1200 شخص في إسرائيل، وتم خطف 251 إلى غزّة. من جانبها، تقول وزارة الصحة التابعة لحماس إن الحملة الإسرائيلية أودت بحياة ما لا يقل عن 61,722 فلسطينياً، وإن 235 شخصاً منهم، من بينهم 106 أطفال، توفوا بسبب الجوع وسوء التغذية.