«نحن قادمون» — ترامب يكرر عزمه على إرسال الحرس الوطني إلى شيكاغو

أكد رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب مجدداً عزمه على إرسال الحرس الوطنيه إلى مدينة شيكاغو بولاية إلينوي، بينما واصل تصوير المدن التي تديرها الأحزاب الديمقراطية على أنها غارقة بالجريمة وعدم الاستقرار. جاءت تصريحات الثلاثاء من أكثر ما قاله ترامب صراحةً حتى الآن حول الموضوع، خلال ظهوره في المكتب البيضاوي لإعلان نقل مقر قيادة الفضاء الأميركي.

فيما يلي أبرز أربعة ملامح لخطاب ترامب في المكتب البيضاوي:

1) تهديد بنشر عسكري في شيكاغو
ترامب بدا متحدياً في ظهوره مساء الثلاثاء، بعد أيام من حكم محكمة فدرالية في سان فرانسيسكو بأن نشره لقوات في لوس أنجلوس هذا العام كان غير قانوني. مع ذلك دافع عن قرار استخدام عسكريين ضمن سياسات مواجهة الجريمة، واعتبر أن ذلك ضروري للتعامل مع قضايا بعض المشتبه بهم. في معرض هجومه على السلوك الإجرامي، قال إن بعض الأشخاص «وُلدوا ليكونوا مجرمين» ووصفهم بأنهم عنيفون ولا يبالون بعواقب أفعالهم. كما استشهد بنشر قوات في واشنطن كقالب ينوي تطبيقه في مدن أخرى.

المحللون يشيرون إلى أن الحكومة الفدرالية تتمتع بسلطات أوسع لنشر القوات في العاصمة مقارنة بباقي الولايات، لكن قانون «بوسي كوميتاتوس» لسنة 1878 يحظر عادةً توظيف الجيش في تطبيق القانون الداخلي ما لم تتوفر استثناءات نادرة وبالتعاون مع الدولة المعنية. ومن المتوقع أن يواجه ترامب طعناً قانونياً جديداً بموجب هذا القانون إذا نفذ تهديده بنشر قوات في شيكاغو.

التوترات بين مسؤولي المدينة والإدارة الفدرالية تصاعدت منذ أغسطس. وزيرة الأمن الداخلي كريستي نوم أعلنت عن تعزيز وجود عملاء فدراليين لدعم تطبيق قوانين الهجرة، في حين أعلن عمدة شيكاغو براندون جونسون أن شرطة المدينة لن تتعاون مع أي قوات الحرس الوطني أو عملاء فدراليين. وحذر حاكم إلينوي جيه. بي. بريتزكر كذلك من أن عمليات «التمركز العسكري» التي بداءت أمس وتستمر حول منطقة شيكاغو قد تبعث على القلق، مع معارضته لهذه الخطوات.

يقرأ  ضحية للاختبارات النووية: لم أشعر يومًا بمثل هذا الخوف | الأسلحة النووية

لا يبدو أن نشر القوات في شيكاغو سيكون نهاية الأمر؛ إذ أشار ترامب إلى أن الحملة ستكون أوسع نطاقاً، مشيراً إلى أن «شيكاغو باتت جحيماً الآن، وبالتأكيد أجزاء من لوس أنجلوس وبالتحديد بالتيمور في حالة سيئة إذا لم نطفئ الحرائق — أعني حرائق الرصاص».

2) الأساس القانوني والسياسي للمواجهة
بالرغم من لغة ترامب التصعيدية، فإن قيوداً قانونية وممارسات دستورية قد تعرقل أي نشر موسع للجيش داخل الولايات. كما أن رفض المسؤولين المحليين للتعاون يزيد من تعقيد أي عملية فدرالية، ويضع الإدارة أمام معركة قضائية وسياسية ربما تطول.

3) نقل مقر قيادة الفضاء الأميركي
الحدث الذي دعا ترامب إلى المكتب البيضاوي كان في الأصل إعلان نقله مقر قيادة الفضاء الأميركي من كولورادو إلى هنتسفيل بولاية ألاباما. قيادة الفضاء تابعة لوزارة الدفاع ومكلفة بالإشراف على العمليات العسكرية خارج غلاف الأرض الجوي. ترامب وصف الخطوة بأنها تصب في مصلحة الاستراتيجية الوطنية، وأكد أنها ستخلق 30 ألف وظيفة وستجذب مليارات الدولارات من الاستثمارات، رغم تحفّظات بشأن جِوانب لوجستية محتملة.

النقد قال إن القرار يبدو سياسياً وموجّهاً لكسب قاعدة ترامب الجمهورية، لأن ألاباما ولاية محافظة مقارنة بكولورادو ذات التوجه الديمقراطي. من جانبهم، لفت الداعمون إلى أن هنتسفيل تستضيف مركز مارشال التابع لناسا وشبكة من شركات المقاولات الدفاعية، ما يجعلها موقعاً منطقياً لقيادة الفضاء وحصلت على لقب «مدينة الصواريخ».

4) الرسائل السياسية المحيطة بالنقل
إعلان الثلاثاء عكس تناقضات تاريخية: قرار أُتخذ في 2023 من إدارة بايدن ببقاء القيادة في كولورادو أُلغي الآن، بعد أن أعاد ترامب تأسيس القيادة في 2019. وفي خطابه كرر ترامب اتهامه بأن سياسة التصويت عبر البريد في كولورادو تعكس رغبة في انتخابات «غير نزيهة»، متهماً بطريق غير مثبت تلك الوسيلة بأنها سبب نقل المقر، في حين بدا أنه يلمّح إلى مكاسب انتخابية بعد فوزه الواسع في ألاباما عام 2024 حين قال مازحاً إنه فاز هناك بفارق نحو 47 نقطة. «لا أظن أن ذلك أثّر في قراري، أليس كذلك؟»

يقرأ  موقع مبادرة «وقف زراعة فول الصويا» في البرازيل متوقف بعد انتكاسة قضائية في قضية مكافحة الاحتكار

قال حاكم كولورادو جاريد بوليس في بيان إن هذه الخطوة «تقوّض الأمن القومي، وتُهدر ملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب، وتُخلّ بتوازن حياة أسر العسكريين».

تكهنات حول الصحة
كان مؤتمر الثلاثاء الظهور العلني الأول لترامب منذ أيام، وهو غياب غذّى التكهنات بشأن صحة الرئيس البالغ من العمر 79 عاماً. وعند سؤاله عن الشائعات نبذها ترامب قائلاً: «لم أدِر أي مؤتمرات صحفية لمدة يومين فقالوا: ‹لابد أن ثمة خطب ما›». وأضاف: «بايدن لم يكن يُقيم مؤتمرات لأسابيع، لم تكن ترونه، ولم يقل أحد إن ثمة خطباً ما، ونحن نفهم أنه لم يكن في أفضل حالات اللياقة».

أشار ترامب إلى أنه أمضى جزءاً من عطلة عيد العمال الأخيرة يمارس الجولف في ملعب ترامب الوطني في فيرجينيا، واستشهد بذلك عندما طُرح عليه سؤال عن حالته الصحية: «كنت نشيطاً جداً خلال نهاية الأسبوع». وقدّرت تقارير إعلامية أن تلك كانت زيارته السادسة والستين لملعب غولف منذ بدء ولايته الثانية في يناير.

من المتوقع أن يصبح ترامب أقدم رئيس في تاريخ الوليات المتحدة بحلول نهاية ولايته الثانية: إذ سيبلغ 82 عاماً إذا أكمل ولايته، متجاوزاً الرقم القياسي الحالي المسجل لبايدن بعدة أشهر. غير أن الظهور الضعيف الظاهر لبايدن في أشهره الأخيرة بمنصبه أثار مزيداً من التدقيق فيما قد يواجهه ترامب من مسائل صحية مع تقدمه نحو عمر مماثل.

هجوم على زورق فنزوييلي؟
من المفاجآت التي برزت خلال المؤتمر المتشعّب يوم الثلاثاء إعلان أن الولايات المتحدة ربما شنت هجوماً على زورق في البحر الكاريبي. قال ترامب: «قبل دقائق قليلة فقط — حرفياً — أطلقنا النار على زورق، زورق محمّل بالمخدرات. هناك كميات كبيرة من المخدرات في ذلك الزورق. سترون ذلك، وستقرؤون عنه. لقد حدث قبل لحظات».

يقرأ  ما الذي يسبب فيضانات باكستان المميتة؟

وعرّف الرئيس السفينة بأنها انطلقت من فنزويلا، التي اتهمت حكومتها مراراً بتوجيه عمليات تهريب المخدرات، من دون أن يقدّم دليلاً يدعم هذا الادعاء.

بعد وقت قصير من المؤتمر، أكّد وزير الخارجية ماركو روبيو على منصة X أن الجيش «أجرى ضربة قاتلة في جنوب الكاريبي ضد زورق مخدرات انطلق من فنزويلا وكان يُشغَّل من قبل منظمة نَركو-إرهابية مُدرَجة». ولم يقدّم مزيداً من التفاصيل.

منذ عودته إلى منصبه لفترة ثانية، عاد ترامب إلى سياسة الضغط الأقصى على حكومة الزعيم الفنزويلي نيكولاس مادورو، ورفع مؤخراً الجائزة المالية مقابل القبض عليه لتصل إلى 50 مليون دولار. كما ادّعى ترامب أن الهجرة إلى الولايات المتحدة كانت نتيجة «غزو» إجرامي نظّمه مادورو.

مع ذلك، فشل تقرير استخباراتي أميركي جرى رفع السرية عنه في مايو في العثور على دليل يثبت وجود تعاون من هذا النوع بين مادورو وعصابات مثل Tren de Aragua. ومع ذلك، في وقت سابق من هذا العام، صنّت إدارة ترامب جماعات لاتينية مثل Tren de Aragua كـ«منظمات إرهابية أجنبية»، وهو قرار شكّل خرقاً للأعراف في واشنطن التي تفرّق عادة بين التصنيف كمنظمات إرهابية والتصنيف كمؤسسات إجرامية أجنبية.

في أغسطس أفادت تقارير بأن ترامب وقّع سراً أمراً يجيز إجراء عمليات عسكرية ضد الكارتلات وشبكات إجرامية أخرى، مما أثار مخاوف من تدخّل أميركي في الخارج. وطالما اتهم مادورو ترامب بالتدخّل في شؤونه الداخلية، وقد زاد إعلان يوم الثلاثاء من تأجيج التوتر بين الطرفين.

أضف تعليق