قوات إسرائيلية تقتل 43 شخصاً على الأقل منذ الفجر بينما ترتفع حصيلة الوفيات جراء مجاعة من صنع الإنسان إلى 441
تتعرض مدينة غزة لقصف من بين الأعنف خلال عامين من الحرب، في محاولة واضحة لدفع السكان إلى القيام برحلة محفوفة بالمخاطر نحو الجنوب المزدحم. تقول قوات الاحتلال إنها تستهدف إجبار المدنيين على النزوح عبر طريق الرشيد الساحلي، الطريق الوحيد المسموح به حالياً.
الناطق العربي باسم الجيش الإسرائيلي تحذّر من «قوة غير مسبوقة»، ودعا السكان إلى «استغلال الفرصة والانضمام إلى المئات الآلاف» المتجهين جنوباً على طريق الرشيد الساحلي — وهو توجيه قسري عملياً يضع آلاف المدنيين في مرمى النيران.
تغطية الجزيرة الميدانية من غزة تصف مشاهد مؤلمة: سكان يُجبرون على التقدم غرباً نحو الطريق الساحلي وهم غير قادرين على الاستراحة تحت وطأة هجمات تهدف إلى تسوية المباني والبُنى التحتية بالأرض. وقال طارق أبو عزوم، من نُسيرات بقطاع غزة، إن «العملية العسكرية الراهنة تُدمّر أحياء بكاملها، وما يزال هناك عائلات محاصرة تحت ركام المنازل المستهدفة، لا سيما في حي تلّ الهوا».
رغم تزايد رغبة كثيرين في المغادرة بعدما قاوموا سابقاً، فإن عدداً كبيراً لا يملك ثمن استئجار مركبة لنقل محتويات المنازل والأثاث إلى منطقة المواسي الجنوبية المزدحمة. ومع ذلك، شرع مئات، كثيرون منهم سائرون على الأقدام، في الرحلة الطويلة إلى المواسي التي تعرّضت للهجوم سابقاً رغم إعلانها «منطقة آمنة».
نموذج بشري من مصير النازحين: نيفين أحمد (50 عاماً) فرّت من مدينة غزة إلى دير البلح سيراً مع سبعة من أفراد أسرتها. «سرنا أكثر من 15 كيلومتراً، كنا نتلوى من الإرهاق»، قالت لوكالة فرانس برس، مضيفة أن ابنها الأصغر بكى من شدة التعب وأنهم تناوبوا على سحب عربة صغيرة تحمل بعض أمتعتهم.
وضع خطير على كل المستويات
أعلن الجيش الإسرائيلي أن نحو 480 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة غزة منذ أواخر أغسطس/آب، بينما قالت الدفاع المدنيّة في غزة يوم الجمعة إن حوالى 450 ألفاً قد تحرّكوا نحو الجنوب. وبالاعتماد على تقديرات الأمم المتحدة التي رجّحت وجود مليون نسمة في مركز المدينة آنذاك، فإن نحو نصف السكان قد تركوا منازلهم. في المقابل، أفاد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني هذه الأسبوع بوجود نحو 740 ألف شخص لا يزالون في شمال القطاع حتى يوم الثلاثاء.
منذ فجر الجمعة، قتلت القوات الإسرائيلية 43 شخصاً في عموم القطاع، بينهم 26 في مدينة غزة، بحسب مصادر طبية. وأفادت مصادر أن ثلاثة مدنيين قضوا في غارة استهدفت منزلاً سكنياً في حي تلّ الهوا قرب ممر نتساريم، كما قُتل اثنان من طالبي المساعدة على يد الجيش الإسرائيلي في جنوب غزة.
مصدر طبي في مستشفى شهداء الأقصى بالمركز أفاد للجزيرة بوفاة طفل يبلغ من العمر تسع سنوات من سوء تغذية حاد في قسم الأطفال، في ظل تفاقم المجاعة في القطاع. وترفع هذه الحالة حصيلة الوفيات جراء المجاعة التي فُرضت على السكان إلى 441 وفاة منذ بداية الحرب، وفق وزارة الصحة في غزة.
تواجه المستشفيات صعوبة بالغة في العمل بعد انقطاع الوقود عن القطاع لأكثر من عشرة أيام، بحسب أمجد شوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة. وأضاف أن إمدادات الوقود المتبقية يكفيها نحو 72 ساعة فقط، مما ينبئ بـ «وضع خطير على كل المستويات».