في عرضٍ عسكري أقامته بكين يوم الأربعاء، استعرضت China صواريخ فرط صوتية مخصّصة لإغراق السفن، وطائرات مسيّرة تعمل كـ«رفاق أجنحة» لطائرات مأهولة، وصواريخ باليستية قادرة نووياً قد تضرب الولايات المتحدة القارية. كانت الطائرات التي اجتاحت السماء وصفوف الصواريخ والمركبات المدرعة التي مرّت أمام ساحة تيانانمن بمثابة نافذة نادرة على ترسانة أسلحة بكين الحديثة.
ملاحظة: تُعرض هنا المعدات التي عرضت على الأرض فقط، باستثناء ثلاث تشكيلات دعم ولوجستية.
العرض العسكري الهائل، الذي ترأّسه زعيم الحزب شي جين بينغ، حمل رسالة تحذيرية واضحة إلى خصوم محتملين. بدا أن صواريخ مضادة للسفن صممت لمواجهة القوات الأميركية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وأن منصات إطلاق الصواريخ بعيدة المدى ضاعفت من تهديد بكين لتايووان، الجزيرة الديمقراطية ذات الحكم الذاتي. أما المدرعات القابلة للنزول من طائرات نقل فظهرت كعنصر يزيد من قدرة الصين على حماية مصالحها العالمية المتنامية.
إن التوجّه الأبرز، بحسب محللين، هو رهان جيش التحرير الشعبي على منظومات غير مأهولة لكسب تفوق محتمل في الميدان.
تهديدات صاروخية جديدة لسفن البحرية الأميركية
أقوى رسائل العرض إلى القوات الأميركية تمثّلت في أربعة نماذج جديدة من صواريخ مضادة للسفن، ثلاثة منها فرط صوتية بحسب وسائل الإعلام الرسمية، ما يعني أنها تتحرك بسرعة لا تقل عن خمسة أضعاف سرعة الصوت وقادرة على المناورة للالتفاف على أنظمة الدفاع.
قال تيموثي ر. هيث، باحث أول في معهد راند، إن إبراز هذه الأسلحة يوجّه رسالة بالغة المعنى إلى تايوان وواشنطن مفادها أن لدى الصين القدرة على تهديد سفن الحرب الأميركية. امتلاك الصين لصواريخ فرط صوتية متنوِّعة السرعات والزوايا قد يصعّب على البحرية المعادية تفادي الهجوم أو الردّ عليه.
أبرز هذه الصواريخ قد يكون YJ-19، صاروخ كروز يبدو أنه يستخدم محرك سكرامجت يحرق الوقود في تدفق هواء فوق صوتي، تصميم يساعده على تحقيق سرعات عالية. مميزات الصاروخ تشير إلى مسار طيران غير متوقّع وإمكانية إتمام المقطع الأخير على ارتفاع منخفض مقارنة بالصواريخ الباليستية، وإن كان ذلك بسرعة أقل، بحسب إريك هيغينبوثام من معهد ماساتشوستس للتقنية. لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه المنظومات دخلت الخدمة بالفعل؛ فمدى التأثير على هشاشة سفن البحرية الأميركية يعتمد على عدد ما تستطيع الصين تصنيعه ونشره. كما نُقل بأن ليس كل ما عُرض سيكون عملياً فوراً — أمر ثبت صحته في عروض سابقة.
أسلحة جديدة للقوات البرية
أظهر العرض مركبات مدرعة جديدة قابلة للنزول من طائرات نقل، زُوِّدت بما يشبه منظورات غطس تسمح للجنود بالملاحظة من داخل العربة. تكشف هذه المركبات عن استثمار بكين في إمكانات النشر السريع نحو تايوان أو أبعد من ذلك، بحسب جوشوا أروستغوي مدير أبحاث مركز دراسات القوة البرية الصينية في كلية الحرب الأميركية. وأضاف أن إدخال مثل هذه المدرعات إلى فيالق الإنزال الجوي سيمنح قوات المشاة الخفيفة قوة نارية وحماية أكبر عند إنزالها خلف خطوط العدو أو عند الاستجابة السريعة لأزمات خارجية.
كما وُرِدَت عربات مدرعة صغيرة تحكم عن بُعد لتنظيف الألغام وإخلاء الجرحى، وقد تكون التكلفة والصيانة أكبر التحديات لهذه الأنظمة، حسب ما لاحظ أروستغوي.
لمحة عن قتال البحر والجو المستقبلي
قدمت بكين طرازين أنيقين من الطائرات البحرية الغاطسة غير المأهولة، مما يعكس طموحها لمنافسة امريكا تحت سطح البحر باستخدام «منصات بحرية غير مأهولة فائقة الحجم». تحدّ ث أحدهما بشكل طوربيدي بطول نحو ستين قدماً وجسم انسيابي، أما الآخر فحمل سواعد صغيرة قد تُستخدم للاتصالات.
ثمة معلومات محدودة علناً عن هذه المركبات ومدى تنافسيتها مع مشاريع مماثلة في الولايات المتحدة وروسيا وقوى بحرية أخرى. إلا أن الكمّ الكبير من نماذج الغواصات غير المأهولة التي تطورها الصين يلفت الانتباه، بحسب جينيفر باركر، ضابطة سابقة لمكافحة الغواصات في البحرية الأسترالية وأكاديمية الآن في كلية الأمن القومي. وأشارت إلى احتمال تسليح بعض النماذج، مستندة إلى خصائص نموذج AJX002 المعروض، وقد تكون قدرته شبيهة بالألغام ذاتية الدفع أو طوربيدات صغيرة.
على الصعيد الجوي، عبرت مقاتلات وقاذفات صفوف السماء، في حين حملت شاحنات على الأرض طائرات مسيّرة كبيرة تشبه المقاتلات الصغيرة — إشارة إلى خطط بكين لدمج الطائرات المأهولة مع رفاق أجنحة مؤتمتة في حروب المستقبل. تعول الصين وقوى أخرى على الذكاء الاصطناعي لتمكين الطائرات المأهولة من الطيران جنباً إلى جنب مع طائرات «الرفاق الأوفياء» التي تسهم في الاستطلاع والقتال وصدّ الصواريخ عن الطائرات المأهولة.
حجم العرض من الطائرات المسيرة والمسيّرات أظهر التزاماً واضحاً هذا المجال، وقال أندرياس روبريخت، خبير الطيران العسكري الصيني، إن الصين تسير في بعض المجالات التكنولوجية في «المسار السريع» وربما تضاهي أو تتفوق أحياناً على قوى رائدة. ومع ذلك، لم تُعرَض أي من هذه الطائرات بدون طيار وهي في حالة طيران، ما يشير إلى أنها قد لا تزال قيد التطوير.
التوسع النووي
من بين الأسلحة التي راقبتها العيون عن كثب كانت قوات الصين النووية، بما في ذلك صواريخ معنونة بـ«DF-31BJ» التي مرت أمام ساحة تيانانمن، في إشارة إلى خطط لتوسيع القوة العابرة للقارات القادرة على ضرب امريكا. يُرجّح أن تسمية DF-31BJ تشير إلى نسخة من صاروخ DF-31 المحمول على الطرق، مُكيَّف لإطلاقه من صوامع، بحسب أنكيت باندا من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.
عرضت الصين أيضاً صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية لتيارات الغواصات والطائرات، فيما تظل أعداد رؤوسها النووية غير معلنة رسمياً؛ فالتقديرات تشير إلى نحو 600 رأس حربي وفق فدرالية العلماء الأميركيين. كما طورت الصين الصواريخ والغواصات والقاذفات القادرة على حمل هذه الرؤوس.
في السنوات الأخيرة أقامت الصين ثلاث حقول لصوامع الصواريخ في صحاري الشمال، وظهور صاروخ DF-31BJ في العرض عزّز تقييمات عسكرية أميركية مفادها أن بعض الصواريخ ستُثبّت في نحو 320 صومعة محتملة. وتقول تقديرات فدرالية العلماء إن نحو عشرة صوامع في كل حقل قد تكون محمَّلة حالياً، بينما ظلّت الحكومة الصينية صامتة إلى حد كبير بشأن تفاصيل هذه الحقول. ولحين إعلان رسمي أوسع، يبقى استعراض DF-31BJ أقرب ما عُرض من اعتراف علني باحتواء الصوامع على صواريخ.