لندن، المملكة المتحدة — نُقِل اثنان من السجناء الموقوفين المنتسبين إلى حركة “فلسطين أكشن” في إضراب عن الطعام إلى المستشفى، بحسب ما أفاد أحد أفراد العائلة وصديقة، ما زاد المخاوف من أن الشابين البريطانيين الذين يرفضان تناول الطعام احتجاجاً قد يموتان في أي لحظة.
كامران أحمد، البالغ من العمر 28 عاماً والمحتجز في سجن بنتونفيل بلندن، نُقِل إلى المستشفى يوم السبت بحسب ما قالت شقيقته شاهمينا علم لقناة الجزيرة. أما آمُو جيب، البالغ/ة 30 عاماً ويستخدم الضمير هم/هن/هم (they)، فلم يتناول/ت طعاماً منذ 50 يوماً في سجن برونزفيلد بمقاطعة سري، ونُقِل/ت إلى المستشفى يوم الجمعة، وفق مجموعة “سجناء من أجل فلسطين” ورفيقتهم ندى جعفري التي تحافظ على اتصال منتظم معهم.
أحمد وجيب من بين ستة محتجزين يضربون الطعام في خمسة سجون احتجاجاً على ما تُسند لهم من تهم تتعلق بتورطهم المفترض في اقتحامات لمقر فرع شركة الدفاع الإسرائيلية “إلبيت سيستمز” في بريستول وقاعدة تابعة لسلاح الجو الملكي في أوكسفوردشاير. وهم ينكرون التهم الموجهة إليهم، من بينها السرقة والاضطراب العنيف.
قالت شقيقته، شاهمينا علم: “اليوم 42 [من إضراب أحمد عن الطعام]، وفي هذه المرحلة هناك خطر كبير على الأعضاء”. وأضافت: “نعلم أنه فقد وزناً بسرعة خلال الأيام القليلة الماضية، حتى نصف كيلوغرام تقريباً كل يوم”. وكان آخر وزن مسجل لأحمد 60 كغم (132 رطلاً). وعندما تحدثت الجزيرة مع علم لأول مرة في 12 ديسمبر، كان وزن أحمد، الذي يبلغ طوله 180 سم (5’11”)، 64 كغم (141 رطلاً)، بعدما دخل السجن بوزن صحي بلغ 74 كغم (163 رطلاً). ونقلت علم في مؤتمر صحفي بلندن يوم الخميس أن وزنه بلغ 61.5 كغم (136 رطلاً).
شهدت نبرة كلام أحمد تلعثماً خلال مكالمة عائلية يوم الجمعة، بحسب علم. ويعاني من ارتفاع مستويات الكيتون وآلام في الصدر. وقالت شقيقته بصراحة: “بصراحة، لا أعرف كيف سيخرج من هذه الأزمة”. وتُعد هذه المرة الثالثة التي يُنقل فيها أحمد إلى المستشفى منذ انضمامه إلى الإضراب.
حالة حرجة
مطالب المضربين تشمل إطلاق سراحهم بكفالة فورية، وحقهم في محاكمة عادلة، وإزالة اسم “فلسطين أكشن” من قوائم المنظمات المحظورة، إذ تتهم الحركة الحكومة البريطانية بالتواطؤ في جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة. الحكومة البريطانيه حظرت “فلسطين أكشن” في يوليو واعتبرتها جماعة “إرهابية”، تصنيف يوازي مجموعات مثل داعش.
كما يندد المحتجون بما يصفونه بـ”الرقابة” داخل السجون، متهمين السلطات بحجب الرسائل والمكالمات والكتب. وهم يطالبون أيضاً بإغلاق كافة مواقع شركة إلبيت. ومن المتوقع أن يُحتجز الستة لأكثر من عام قبل محاكماتهم، أي بما يتجاوز الحد الأقصى للاحتجاز قبل المحاكمة في المملكة المتحدة البالغ ستة أشهر.
قصر زهراء، البالغة من العمر 20 عاماً والتي امتنعت عن الطعام لمدة 50 يوماً، أيضاً في المستشفى بعدما فقدت 13% من وزن جسدها وفق محاميها. والمحتجون الآخرون هم هبة مرعيصي، توتا هوكسها، ولوِي تشياراميلو، وهو مريض بالسكري ويمتنع عن الطعام يومياً بالتناوب.
لم يرد تعليق فوري من إدارة سجن بنتونفيل أو إدارة سجن برونزفيلد.
“أنا خائفة”
اتصلت جيب بصديقتهم جعفري يوم الخميس من داخل السجن وأبلغوها أنهم بحاجة إلى كرسي متحرك لحضور موعد طبي حيث ستُفحص علاماتهم الحيوية. في البداية “رفض” موظفو السجن توفير الكرسي المتحرك، وبعد عرضه “رفضوا دفعه”، حسب قول جعفري: “فبَقَوا هناك دون فحص علاماتهم الحيوية في اليوم 47 من إضرابهم”.
عند نقلهم إلى المستشفى، لا يستطيع السجناء الاتصال بذويهم كما يفعلون من داخل السجن. وقالت جعفري للجزيرة: “أخشى أن يكونوا هناك وحدهم بلا هواتف ولا اتصالات مسموح بها”. وقد فقدت جيب أكثر من 10 كغم (22 رطلاً) وهي الآن دون نطاق القيم الطبيعية لمعظم مؤشرات الصحة، وهو ما يثير قلقاً بالغاً على جهازهم المناعي، بحسب محاميهم.
وأضاف المحامون أن إدارة السجن “أخفاقت في تزويد جيب بثيامين (فيتامين) بانتظام، وآمو يشعر/تشعر بتأثير ذلك على الوظائف المعرفية”. كما أن عيون جيب تشتكي من الإزعاج بسبب أضواء السجن القوية.
طالب المحامون بعقد لقاء مع وزير العدل ديفيد لامي على أمل أن يتدخل لإنقاذ حياة المضربين. وناشد آلاف المواطنين البريطانيين العاديين ومئات الأطباء وعشرات النواب لامي للاستجابة، لكن حتى الآن رفض ذلك، مما دفع منتقدين إلى اتهام الحكومة بأنها تتجاهل القضية عمداً. واتهمت وسائل الإعلام البريطانية أيضاً بالتقليل من شأن الاحتجاج ومخاطره.
يُقال إن هذا الاحتجاج هو أكبر إضراب منسق عن الطعام في سجون المملكة المتحدة منذ 1981، عندما قاد السجناء الجمهوريون الإيرلنديون بقيادة بوبي سانديز إضراباً عن الطعام. وكتب بارت كاماتس، أستاذ السياسة والاتصال في كلية لندن للاقتصاد: “على النقيض من التغطية الإعلامية المكثفة لإضرابات الجوع الإيرلندية في الثمانينيات، قوبلت إضرابات فلسطين أكشن في الغالب بصمت إعلامي”. وتساءل: “ماذا يلزم حتى تولي وسائل الإعلام البريطانية انتباهاً لمعاناة الناشطين المؤيدين للفلسطينيين المسجونين؟ هل موت ناشط؟ أم استيقاظ ضمير أخلاقي؟”