توقُّف شبه تام لحركة ناقلات النفط في المياه الفنزويلية بعد احتجاز الولايات المتحدة سفينة وشحنة وقود
هبطت صادرات فنزويلا من النفط بشكل حاد منذ أن احتجزت الولايات المتحدة ناقلة نفط قبالة سواحل البلاد هذا الأسبوع وفرضت عقوبات جديدة على شركات الشحن التي تتعامل مع كاراكاس، ما أدّى عملياً إلى شللٍ شبه كامل في حركة الناقلات الداخلة والخارجة من المياه الفنزويلية، وفق ما نقلت رويترز عن بيانات ووثائق راجعتها.
جاء احتجاز ناقلة «سكيبر» يوم الأربعاء كأول مصادرة لشحنة نفط فنزويلية من قبل واشنطن منذ فرض عقوبات على كاراكاس عام 2019، وفي ظل تكتّل عسكري أميركي متصاعد في منطقة الكاريبي بدا أنه يهدف إلى زيادة الضغط على نظام الرئيس نيكولاس مادورو وربما إزاحته عن السلطة. اعلنت واشنطن أنها ستصادر مزيداً من السفن ضمن هذا الضغط العسكري.
نتيجة التهديدات المتكررة بالمصادرات، علقت ناقلات محمّلة بحوالى 11 مليون برميل من النفط والوقود تحركاتها داخل المياه الفنزويلية خشية الإبحار إلى مناطق دولية، بحسب الوثائق نفسها. ومن بين السفن القليلة التي غادرت الموانئ إلى المياه الدولية كانت تلك المؤجرة من قبل عملاق النفط الأميركي شيفرون، التي تملّك تفويضاً حكومياً أميركياً للعمل في فنزويلا عبر مشاريع مشتركة مع شركة النفط الحكومية (بي.دي.في.إس.إيه) وتصدير الخام إلى الولايات المتحدة.وأكدت شيفرون أنها تعمل «بدون تعطل وبما يتوافق تماماً مع القوانين واللوائح المعمول بها»، وأنها صدّرت شحنتين من الخام الثقيل الفنزويلي إلى الولايات المتحدة منذ مصادرة «سكيبر».
نُقلت ناقلة «سكيبر» إلى هيوستن بولاية تكساس لتفريغ شحنتها المصادرة، بينما كرر الرئيس ترامب تصريحاته بأن القوات الأميركية ستبدأ أيضاً شنّ ضربات برية تستهدف مهربي المخدّرات في أميركا اللاتينية، مذكوراً أن القوات الأميركية أوقفت، بحسب قوله، 96 في المئة من المهربات التي تصل إلى الولايات المتحدة عبر البحر، بعد عمليات استهداف سفن في الكاريبي والمحيط الهادي راح ضحيتها نحو تسعين شخصاً خلال أسابيع. وتدّعي الولايات المتحدة أنها تستهدف قوارب تهريب مخدّرات لكنها لم تقدّم دلائل مقنعة، فيما يرى خبراء القانون الدولي أن هذه الهجمات تقترب من كونها إعدامات خارج نطاق القضاء في مياه دولية.
على الصعيد الدبلوماسي، قدّمت نائبة الرئيس الفنزويلية دلسي رودريغيز شكوى رسمية إلى المنظمة البحرية الدولية (IMO) تندد فيها بما سمّته «انتهاكاً لحرية الملاحة في الكاريبي» واصفةً ما قامت به واشنطن بـ«السرقة الفجة» للنفط الفنزويلي واعتباره عملاً دولياً غير قانوني، مؤكدة أن الإجراءات المهددة لا علاقة لها، كما تزعم الولايات المتحدة، بمحاربة تهريب المخدّرات.
في خطاب إعلامي آخر قال ترامب إن «أيام مادورو معدودة»، ولم يستبعد احتمال غزو بري لفنزويلا من قبل القوات الأميركية. وقد عرضت واشنطن مكافأة قدرها 50 مليون دولار للإبلاغ عن مادورو ووجهت إليه اتهامات بأنه يقود ما سمّته «كارتل الشموس»، وصنفته واشنطن منظمة «نارو-إرهابية». وفي تحرّك اقتصادي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على ثلاثة من أقارب مادورو وست شركات شحن وست سفن متورطة في نقل النفط الفنزويلي، ما قد يهدد استمرارية قيادته.
يحذّر محلّلون محليون من أن توقف صادرات النفط سيؤثر مباشرة على سوق النقد الأجنبي وواردات البلاد، وقد يؤدي إلى أزمة اقتصادية واسعة تشمل نقص الغذاء والدواء، وفق ما قال إلياس فيرير من مؤسسة أبحاث أورينوكو لوكالة الأنباء الفرنسية.
وقبل مصادرة ناقلة هذا الأسبوع كانت فنزويلا تصدّر نحو 952 ألف برميل يومياً من الخام والوقود في نوفمبر، ويذهب نحو 80٪ من تلك الشحنات بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى الصين.