هل أصبحت مالي مهددة بالسقوط في قبضة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين؟ أخبار الجماعات المسلحة

حصار شهور على العاصمة المالية باماكو نفد صبر السكان وأعاد فرضية التفاوض إلى طاولة النقاش

فرضت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM)، الفرع المرتبط بتنظيم القاعدة في الساحل، حصارًا مطوّلًا على العاصمة المالية باماكو استمر لأشهر، ما دفع المدينة إلى حافة الانهيار وخلّف شعورًا واسعًا باليأس بين السكان. ويقول محلّلون إن هذا الضغط الميداني والاقتصادي يضع السلطة العسكرية الحاكمة في موقف يصعب معه الاستمرار برفض أي حوار مع الجماعة، رغم أن الحكومة كانت قد رفضت سابقًا الدخول في تسويات من هذا النوع.

حصار اقتصادي ووقودي عبر إغلاق الطرق الرئيسية

منذ سبتمبر أغلقت عناصر الجماعة طرقًا رئيسية تُستخدم لنقل المحروقات من دول مجاورة مثل السنغال وساحل العاج، فعمدت عمليًا إلى إحداث حصار اقتصادي وخصوصًا في إمدادات الوقود. هذه السياسة أدت إلى شلل نسبي في حركة المدينة، إذ جفّت محطات التزود وظهرت طوابير طويلة أمام ما تبقّى منها.

تأثير الحصار على الحياة اليومية والرد الدولي

لم تكن هذه المرة الأولى التي تطوق فيها JNIM بلدات في مناطق أخرى من مالي، لكنّها المرة الأولى التي تطبق فيها هذا التكتيك على العاصمة نفسها. يرى محلّلون، من بينهم بيفرلي أوتشيينج من شركة الاستخبارات Control Risks، أن مدى الانسداد وتأثيره الكبير مؤشر على اتساع سيطرة الجماعة وسعيها نحو إحداث تغيير في بنية الحكم المالي.

على مدى أسابيع، عجز معظم سكان باماكو عن شراء وقود للسيارات والدراجات النارية مما أوقف الحياة الطبيعية. نصحت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رعاياهما بمغادرة مالي وأخرجتا الموظفين الدبلوماسيين غير الضروريين. ودعت دول غربية أخرى مواطنيها إلى مغادرة البلاد أيضًا. أغلقت المدارس في أنحاء مالي وستبقى مغلقه حتى 9 نوفمبر، إذ يواجه العاملون صعوبات في التنقل، كما تفاقمت انقطاعات التيار الكهربائي.

صورة موجزة عن JNIM

ما هي JNIM؟
هي شبكة سالبة للحضور لكنها الأبرز فعالًا في منطقة الساحل كفرع لتنظيم القاعدة، وفقًا لمؤشر ACLED لرصد الصراعات. تأسست الجماعة عام 2017 عبر اندماج مجموعات كانت تقاتل القوات الفرنسية والمالية منذ اندلاع التمرد في شمال مالي عام 2012، ومن أبرزها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي (AQIM) ومجموعات مالية مثل أنصار الدين والمرابطون وكتيبة الماكينا.

أهداف وسلاح وتجنيد
تسعى JNIM إلى السيطرة على أراضٍ وطرد النفوذ الغربي من مناطق سيطرتها. ويذهب بعض المحللين إلى أن طموحها قد يصل إلى السيطرة على عواصم كبرى والسعي للحكم على مستوى الدولة. لا توجد أرقام دقيقة عن عدد مقاتليها، لكن صحفًا غربية نقلت تقديرات بنحو ستة آلاف مقاتل استنادًا إلى مصادر إقليمية وغربية.

رؤى تحليلية ومحدوديات عسكرية
يُشير أولف ليسينغ من مؤسسة كونراد أديناور إلى أن الجماعة على الأرجح لا تملك حتى الآن القدرة العسكرية للاستيلاء على أحياء حضرية محصّنة تحميها قوات منتظمة، كما قد تصطدم بصعوبة استقطاب السكان الحضريه الذين قد لا يشاطرون سكان المناطق الريفية ذات الاحتقان نفسه.

الجذور والقيادة
رغم تمركز نشاطها في مالي، فإن JNIM لها جذور جزائرية عبر عناصرها المنتمية إلى AQIM. يقودها إِيَاد أغ غالي، طوارقِي من منطقة كيدال شمال مالي، وهو مؤسس حركة أنصار الدين عام 2012 التي هدفت إلى فرض تفسيرها للشريعة في البلاد. قاد غالي انتفاضات طوارق سابقة في أوائل التسعينيات طالب فيها بإقامة كيان مستقل باسم أزواد، ثم حاول فيما بعد أن يُظهر صورة مختلفة كمفاوض بين الحكومة والمتمردين، حتى عُيّن دبلوماسيًا في السعودية عام 2008 تحت حكم الرئيس أحمد توماني توري، لكنه حين اندلعت انتفاضة 2012 عاد ليؤسس أنصار الدين بعد أن حُرم من دور قيادي بين المتمردين.

تكتيكات الجماعة وآثارها
بحسب مكتب المخابرات الوطنية الأمريكي، تعتمد استراتيجية JNIM على توسيع نفوذها في غرب أفريقيا ومواجهة القوات الحكومية والجماعات المتنافسة مثل تنظيم الدولة في الساحل عبر هجمات عصابات حرب العصابات واستخدام عبوات ناسفة. ومع ذلك تسعى الجماعة في الوقت ذاته إلى التواصل مع بعض المجتمعات المحلية عبر تقديم موارد مادية، وتفرض قيودًا اجتماعية مثل قواعد لباس صارمة وحظر الموسيقى في مناطق سيطرتها. كما تستهدف تدمير منشآت حيوية—مدارس، أبراج اتصالات، جسور—لتقويض الدولة خارج نطاق المعارك المباشرة.

يقرأ  خبراء: على ألمانيا الإسراع في تنفيذ الإصلاحات

حصيلة القتل والاعتداءات
لا توجد حصيلة إجمالية مؤكدة، لكن الجماعة مسؤولة عن آلاف القتلى منذ 2017، وتتّهمها منظمات حقوقية باستهداف المدنيين لا سيما من يُشتبه في تعاونهم مع القوات الحكومية. سجلت أنشطة JNIM في مالي 207 قتلى بين يناير وأبريل من العام الجاري وفق بيانات ACLED.

كيف فرضت JNIM الحصار على باماكو؟
شرعت الجماعة في منع وصول صهاريج الوقود إلى باماكو منذ سبتمبر. جاء ذلك بعدما حظرت الحكومة العسكرية في باماكو من الأول من يوليو بيع الوقود في القرى على نطاق صغير—باستثناء محطات الخدمة الرسمية—مما أوقف تجارة القِنينات (الجِركانات) التي كان يعتمد عليها تجّار القرى لإعادة البيع. كان هدف الحظر تقليص خطوط إمداد JNIM وإضعاف قدرتها على التحرك.

الأسعار والانعكاسات المعيشية
في الأماكن القليلة التي لا يزال فيها وقود في باماكو ارتفعت الأسعار الأسبوع الماضي بأكثر من 400%—من 25 دولارًا إلى 130 دولارًا للتر—مع ارتفاع كلفة النقل والمواد الغذائية ووتزايد انقطاع التيار الكهربائي. تخلى بعض سائقو السيارات عن مركباتهم أمام محطات البنزين، وهددت الحكومة المصادرة لتخفيف الازدحام والتقليل من مخاطر أمنية.

إمدادات جزئية وصلت إلى العاصمة
أعلنت الحكومة أن قافلة تضم 300 صهريج وصلت باماكو في 7 أكتوبر، ووصلت قافلة أخرى تضم «عشرات» الصهاريج في 30 أكتوبر وفق بيان رسمي.

صورة من الشوارع
مع تفاقم نقص الوقود، اضطر العديد إلى الاعتماد على وسائل نقل بدائية؛ ثمة لقطات لأناس يركبون فوق أسطح حافلات صغيرة عامة في مشهد يعكس ضآفة الخيارات المتاحة أمام السكان. محاولات نقل وقود إضافي إلى العاصمة تحطمت على عقبات أمنية: عناصر جماعة نصرة الإسلام والمسلمين يعترضون قوافل محمية من الجيش على الطرق السريعة، ويهاجمونها بالرصاص أو يختطفون الجنود والمدنيين. وفي وقت تتراجع فيه الإمدادات في باماكو، وردت أنباء عن إضرام الجماعة النار في نحو 200 ناقلة وقود في مناطق جنوب وغرب مالي، وتظهر مقاطع متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي صفوفاً من الناقلات مشتعلة على طريق سريع.

ماذا تريد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين من هذا الحصار؟
بحسب تعليق لايسينغ من معهد كاس، تبدو الجماعة أنها تسعى إلى استغلال السخط الشعبي المتنامي ضد الحكومة في بلد غرب إفريقي مضطرب للضغط على السلطات العسكرية للتفاوض على تسوية أو تقاسمٍ للنفوذ. الهدف ـ كما يذهب التحليل ـ تحريض أكبر قدر من الغضب الشعبي واحتمال دفع الشارع إلى احتجاجات قد تؤدي إلى إسقاط الحكومة الحالية وقيام إدارة أكثر ميلاً لمطالبهم.
أوشينغ من مؤسسة كونترول ريسكس لاحظ أن بيانات الجماعة الأخيرة تضمنت دعوات صريحة لتغيير الحكومة. بينما تفاوضت حكومة إبراهيم بوبكر كيتا (2013–2020) مع فصيل مماثل سابقاً، من المتوقع أن يواصل نظام العقيد عصيمي غويتا ردّه العسكري الصارم.
التأزّم يتنامى في باماكو، ويطالب السكان السلطات بالتحرك. وقال السائق عمر سيديبé في حديث إلى الجزيرة إن على القيادات العسكرية أن تكشف أسباب النقص وتتعامل معها فوراً: على الحكومة أن تلعب دورها الكامل وتفضح السبب الحقيقي لهذا العجز.

أين تنشط الجماعة داخل مالي؟
تنتشر الجماعة في المناطق الريفية بالشمال والوسط وغرب مالي حيث تقلّ فعالية الوجود الحكومي ويتعاظم الاستياء بين المجتمعات المحلية. وفي المناطق التي تسيطر عليها، تقدم نفسها بديلاً عن «نظاام» تُسميه أدوات الغرب، بهدف تجنيد مقاتلين من أقليات إثنية طالما شعرت بالتهميش، مثل الطوارق والعرب والفولاني والسونغاي، مع وجود بعض الأعضاء من الأغلبية البامبارا.
في وسط مالي، استولت الجماعة على بلدة ليري في نوفمبر الماضي واحتلت فرابوغو في أغسطس من هذا العام؛ وهما بلدتان صغيرتان لكن فرابوغو تقع قرب غابة واغادو، المعروفة كملاذ للجماعة. قبضتها على المدن الكبرى أضعف بسبب حضور حكومي أقوى هناك، لذا تفضل استهداف منافذ المدينة عبر تدمير طرق وجسور لقطع الإمدادات. حالياً تُعزل مدينتا نيورو وكايس الغنيّة بالذهب، كما تحاصر الجماعة مدناً رئيسية أخرى مثل تمبكتو وقاو ومدينة منكا وبوني في الشمال والشمال الشرقي.

يقرأ  دبابات قابلة للنفخوبنادق قابلة للطي

كيف تمول الجماعة نفسها؟
تعتمد الجماعة على شبكات تمويل متنوعة: إدارة مناجم ذهب حرفية، وفرض ضرائب قسرية على السكان المحليين، وتهريب سلاح، وخطف أجانب مقابل فدى، وفق تقرير مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية. إقليم كايس، الذي تتخذ منه المحافظة المحاصرة مركزاً، يشكل نحو 80% من إنتاج مالي من الذهب بحسب مجموعة مراقبة النزاعات Critical Threats.
كما رصدت المبادرة العالمية ضد الجريمة المنظمة عبر الحدود (GI‑TOC) عمليات سرقة ماشية منظمة، وقدّرت إيرادات الجماعة من بيع رؤوس الماشية بنحو 91,400 يورو خلال الفترة 2017–2019. تُباع الماشية المنهوبة بأسعار منخفضة في مجتمعات على الحدود مع غانا وساحل العاج عبر سلسلة معقّدة من الوسطاء.

في أي دول أخرى تنشط الجماعة؟
اتسعت رقعة نشاط الجماعة إلى بوركينا فاسو عام 2017 عبر ارتباطها بجماعة أنصار الإسلام المتمركزة هناك، والتي بايعت الجماعة الموالية لمالي. شكّلت أنصار الإسلام في 2016 إبراهيم ديكو الذي كان على صلة وثيقة بأمادو كوفا نائب قيادة جنيّم منذ 2017.
في بوركينا فاسو، تتبع الجماعة استراتيجيات مشابهة في تجنيدها من الجماعات المهمّشة، وأصبحت البلاد بؤرة نشاط رئيسية للجماعة، حيث تعمل أو تسيطر على مناطق في 11 من أصل 13 إقليم خارج العاصمة واغادوغو. سجّلت تقارير 512 ضحية جراء عنف الجماعة بين يناير وأبريل من هذا العام، فيما لا تزال حصيلة الضحايا الإجمالية غير معروفة.
منذ 2022 تفرض الجماعة حصاراً على مدينة جيبو الشمالية، ما اضطر السلطات إلى إجلاء الإمدادات جواً. وفي هجوم بارز في مايو 2025، اقتحم مقاتلو الجماعة قاعدة عسكرية بالبلدة وقتلوا نحو 200 جندي، ثم قتلوا نحو 60 آخرين في سولّي الواقعة غرب جيبو بنحو 48 كم. وفي أكتوبر 2025 استولت مؤقتاً على بلدة سابس شمال بوركينا فاسو، مقتل خلالها 11 شرطياً، وفق معطيات مجموعة الأزمات الدولية.
وفي تقرير صدر في سبتمبر 2025، وثّقت هيومن رايتس ووتش مجازر ارتكبتها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وجماعة تابعة لداعش (داعش في الساحل) بحق مدنيين بين مايو وسبتمبر، شملت قافلة مدنية كانت تحاول إيصال مساعدات إنسانية إلى بلدة جوروم جوروم المحاصرة.
في الوقت نفسه، تتجه الجماعة جنوباً نحو دول ساحلية أخرى بغرب إفريقيا؛ فقد شنّت هجوماً على بلدة كافولو في شمال كوت ديفوار عام 2020. كما أبلغ عن هجمات متقطعة منذ 2022 نفذها عناصر مخترِقون لحدائق وطنية على المناطق الحدودية مع بوركينا، مستهدفين شمال توغو وجمهورية بنين. وفي أكتوبر من هذا العام سجّلت الجماعة هجومها الأول على حدود بنين–نيجيريا، أسفر عن مقتل شرطي نيجيري واحد. المنطقة تعاني من ندرة في الوجود الأمني الفعّال لأن البلدين لم يؤسِّسا تعاوناً عسكريّاً منظَّماً، وفقاً للخبيرة أوشينغ. وأضافت أن المنطقة تُعدّ أيضاً مجالاً ذا جدوى تجارية ملحوظة، مع وجود نشاطات تعدين وتطوّرات أخرى، ما يجعلها مرشّحة لأن تسعى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) إلى ترسيخ موطئ قدم فيها.

لماذا تلاقي الدول صعوبة في صدّ جماعة نصرة الإسلام والمسلمين؟
عندما قاد الجنرال أسيمي غويتا في مالي انقلاباً عام 2020 واستولى العسكريون على السلطة، تعهّد القادة العسكريون بالقضاء على الجماعات المسلّحة التي انتشرت في البلاد. ثم تبنّت أطراف عسكرية في بوركينا فاسو (2022) والنيجر (2023) توصيفات مماثلة واستولت على الحكومات المدنية مع وعود مماثلة.

يقرأ  البيت الأبيض:الأميركيون يسيطرون على مجلس إدارة تيك توك في الولايات المتحدة

مع ذلك، واجهت مالي وجيرانها صعوبة في كبح جماح جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وتُظهر بيانات ACLED ارتفاعاً ملحوظاً في عدد هجماتها منذ عام 2020. في 2022 أنهت الحكومة العسكرية في باماكو تعاونها مع القوّات الفرنسية المنتشرة منذ 2013، التي كانت قوامها نحو 4,000 جندي، وخَلَف ذلك انسحاب آخر وحدات القوات الفرنسية في أغسطس 2022. وفي 2023 ألغت مالي أيضاً عقودها مع قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي كانت تضم نحو 10,000 عنصر.

اتجهت باماكو لاحقاً إلى التعاون مع عناصر روسية — في البداية مجموعات من مرتزقة فاغنر قوامها نحو 1,500 مقاتل، ثم منذ يونيو مجموعة تابعة لفيْلق أفريقيا الخاضع لسيطرة الكرملين، ويُقدَّر تعدادها بحوالي 1,000 مقاتل. كما يتواجد عناصر روسيون بدرجة أقل في بوركينا فاسو والنيجر، اللتين شكلتا مع مالي تحالف دول الساحل (Alliance of Sahel States).

كانت النتائج متفاوتة في مالي. دعمت فاغنر الجيش المالي في استعادة مساحات من إقليم كيدال الشمالي من المتمردين الطوارق، لكنها تكبّدت أيضاً هجمات كمائن. ففي يوليو 2024 تعرضت مجموعة من مقاتلي فاغنر والجنود الماليين لكمين في تينزاواتن قرب الحدود الجزائرية، وأسفرت التقارير المتفاوتة عن مقتل ما بين 20 و80 روسياً و25 إلى 40 مالياً، ووصف باحثون ذلك بأنه أخطر هزيمة لفاغنر منذ نشرها في غرب أفريقيا. بشكل عام، لم تسجّل فاغنر نجاحات كبيرة في ضرب شبكات مسلّحة مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وفق تعليق لايسينغ لقناة الجزيرة.

إلى جانب العمليات العسكرية، اتُّهِمت القوات الروسية بممارسات وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في قرى شمال مالي، واستُهدِفت مجتمعات ريفية يُعتقد أنها على علاقة أو دعم مع الجماعات المسلحة.

أزمة الوقود والحصار على باماكو
تعرضت باماكو لأزمة وقود حادة ناجمة عن حصار فرضه مقاتلون مرتبطون بتنظيم القاعدة في أوائل سبتمبر، ما أدّى إلى نقص حاد في الوقود وازدواجية في حركة الشاحنات الناقلة. قال لايسينغ إن أزمة الوقود تضغط على مالي لتوجيه مواردها البشرية والعسكرية لحماية ناقلات الوقود، وهو أمر يمنعها من توطيد السيطرة على الأراضي المستردة من الجماعات المسلّحة ويزيد من هشاشة الوضع الأمني.

وأضاف أنه سيكون اختباراً لمقاتلي فيلق أفريقيا، الذين لم يظهروا نفس درجة الاستعداد على المخاطرة في المعارك كما فعل مقاتلو فاغنر. انتشر فيديو على شبكات روسية يُظهر، بحسب ما زُعم، عناصر من فيلق أفريقيا يقدمون دعماً جوياً لقوافل ناقلات الوقود، لكن هذا الفيديو لم تُؤكد صحته قناة الجزيرة.

“إذا تمكنوا من الوصول وسمحوا بتدفق الوقود إلى باماكو، فستُرى روسيا على أنها أبطال” — على الأقل لدى السكان المحليين، كما قال لايسينغ.

المسار السياسي المحتمل
أضاف لايسينغ أن حكومات مالي وبوركينا فاسو قد تضطر على المدى المتوسط إلى الطويل إلى الدخول في تفاوض مع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين لإيجاد مخرج للأزمة. حكومة غويتا لم تجرِ مفاوضات مع الجماعة في السابق، لكن في أوائل أكتوبر أذنت بإجراء مباحثات يقودها زعماء محليون، بحسب مجموعة رصد النزاعات Critical Threats — وإن لم يتضح بعد كيف نالت الحكومة هذا الإذن تحديداً.

وبالفعل، نُفِقَت بحسب تقارير اتفاقيات بين الجماعة وزعماء محليين في عدة بلدات بمناطق سيغو وموبتي وتمبكتو، تقضي بوقف الحصار مقابل أن توافق المجتمعات المحلية على قواعد الجماعة وفرض ضرائب عليها وعدم التعاون مع الجيش. هذه الصيغ المحلية للتسوية تعكس توازناً هشّاً بين الرغبة في نهاية الحصار والحاجة الملحة للحماية، وقد تُشكّل سابقة تؤثر في مسارات الصراع المستقبلي في الساحل.

أضف تعليق