واشنطن تصنّف عصابة الكوكايين الكولومبية كمنظمة إرهابية

أعلنت الولايات المتحدة رسمياً تصنيف تنظيم تهريب مخدرات بارز في كولومبيا بوصفه «منظمة إرهابية أجنبية»، إذ أدرجت وزارة الخزانة جماعة تعرف باسم كلان دل غولفو (Clan del Golfo) ضمن قوائم المنظمات الإرهابية الأجنبية.

جاء القرار بعد ساعات قليلة من توقيع الرئيس الأميركي قراراً تنفيذياً صنّف مادة الفنتانيل كـ«سلاح دمار شامل»، في خطوة تزامنت مع تكثيف إدارة ترامب عملياتها ضد شبكات المخدرات، التي شملت أكثر من عشرين ضربة قاتلة استهدفت زوارق يشتبه في حملها مخدرات في مياه الكاريبي والمحيط الهادئ، وأسفرت عن مقتل أكثر من تسعين شخصاً، وفق تقارير متعددة.

على الرغم من اعتقال زعيم كلان دل غولفو، دايرو أوسوغاڤا (Dairo Úsugas)، عام 2021، استمرت الجماعة في العمل تحت قيادة ما يُعرف بـ«شيكيتو مالو». وتشتهر هذه الشبكة بتهريب الكوكايين من كولومبيا — أكبر منتج عالمي للمادة — إلى الولايات المتحدة وأوروبا، كما تلعب دوراً محورياً في تهريب المهاجرين عبر ممر دارين الغابي الرابط بين كولومبيا وبنما.

في بيان أصدرته وزارة الخارجية، قال ماركو روبيو إن الجماعة مسؤولة أيضاً عن تنفيذ هجمات إرهابية استهدفت مسؤولين حكوميين، وعناصر إنفاذ القانون والجيش، ومدنيين داخل كولومبيا. وتُقدّر أعداد منتسبيها بالآلاف، ما يجعلها إحدى أكبر عصابات تهريب الكوكايين العاملة حالياً في البلاد.

انضمام كلان دل غولفو إلى قائمة المنظمات الإرهابية يضعها بجانب ثلاث مجموعات كولومبية أخرى سبق أن أدرجتها الخزانة الأميركية، بينها جيش التحرير الوطني (ELN) ومجموعتان انفصلتا عن قوات جيش التحرير الشعبي الثوري بعد اتفاق سلام 2016. والتصنيف يهدد بتعقيد مسار المفاوضات التي كانت تجريها الحكومة الكولومبية مع الجماعة، بعد أن أُبرم مؤخراً اتفاق تمهيدي في الدوحة لمباشرة خطوات نزع السلاح، تضمن — بحسب ما أُعلن — تفاهمات بعدم تسليم أعضاء الجماعة إلى الولايات المتحدة.

يقرأ  انطلاق محادثات بين واشنطن وكييف بينما يضغط ترامب لإنهاء الحربأخبار حرب روسيا وأوكرانيا

أثارت التحركات الأميركية استياءً دبلوماسياً؛ فقد وصف رئيس كولومبيا غوستافو بيترو الضربات البحرية بأنها «قتل»، بينما وصفه روبيو علناً بـ«المجنون». والتصنيف الفوري كمنظمة إرهابية يمنح واشنطن صلاحيات أوسع لمقاضاة ومصادرة أصول الجماعة، كما يؤدي إلى تجميد أي أصول محتملة لدى مؤسسات مالية أميركية وملاحقة من يقدمون «دعماً مادياً» للجماعة حتى لو كانوا مواطنين أميركيين.

في خطاباته، حذر ترامب من احتمال تمديد الضربات إلى على البر ضد «ناركو-إرهابيين»، ملوِّحاً بأنها قد تشمل أيضاً ضربات داخل فنزويلا وربما داخل كولومبيا، مستهدفاً خصوصاً رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو الذي تتهمه واشنطن بقيادة «كارتل الشمس» المدرجة أيضاً على قائمة المنظمات المزعومة. ويدافع البيت الأبيض عن ضرباته بالادعاء أنها تمنع وصول الفنتانيل إلى الولايات المتحدة وتنقذ أرواحاً، في وقت يواجه البلد أزمة صحية عامة ناجمة عن تعاطي المواد الأفيونية — حيث سجلت الولايات المتحدة أكثر من 110,000 وفاة متعلقة بالمخدرات في 2023، رغم أن حالات الوفاة انخفضت بنحو 25% في 2024.

نقاد متخصصون في مكافحة المخدرات شككوا في تركيز الإدارة على كولومبيا وفنزويلا، مشيرين إلى أن هاتين الدولتين لا تُعدان من منتجي الفنتانيل الرئيسيين، ومطالبين بمزيد من الأدلة على أن الزوارق المستهدفة كانت تحمل الفنتانيل فعلاً. ويُذكر أن جرعة الفنتانيل أقوى ببضعين إلى خمسين مرة من الهيروين، وتُعد أكثر فتكاً من الكوكايين.

التصنيف وقرار اعتبار الفنتانيل سلاح دمار شامل يُفسّران بمثابة مقاربة مزدوجة: واحدة تستهدف زوارق تهريب الكوكايين، وأخرى توسّع صلاحيات التصدي لشبكات تهريب الفنتانيل. لكن هذه السياسات واجهت انتقادات إقليمية؛ فقد أعربت رئيسة المكسيك، كلاوديا شينبوم، عن قلقها ودعت إلى معالجة أسباب تعاطي المخدرات وتحذيرها من الآثار غير المقصودة لتوصيف الفنتانيل كسلاح دمار شامل، مشيرة إلى أن للمادة استخدامات طبية مشروعة في المستشفيات لتسكين الألم.

يقرأ  دعوى قضائية جديدة تتحدى استيلاء ترامب على شرطة واشنطن العاصمةفي ظل تشديد الإجراءات

الحكومه الكولومبية لم تصدر رداً رسمياً فورياً على قرار واشنطن، مما يترك آثار تلك الخطوة تتكشف في الأسابيع المقبلة على مسار السلام المحلي والعلاقات الإقليمية. المَقاربَه القاسية لإدارة ترامب ضد شبكات المخدرات تبدو أنها ستستمر في تشكيل خارطة التوترات الأمنية والدبلوماسية في أمريكا اللاتينية.

أضف تعليق