اتهم وزير الخارجية السوري، أسعد حسن الشيباني، إسرائيل بأنها تسعى إلى مشاريع توسعية، وأن موسكو ساهمت في معاناة السورين، في وقت تعيد فيه سوريا بناء علاقاتها مع الصين.
خلال مقابلة مع تلفزيون “الإخبارية” الرسمي، حذر الشيباني من أن إسرائيل “تستغل المتغيرات الأخيرة في سوريا للعمل على فرض واقع جديد ومشروع توسعي يهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة”. وأضاف أن تصرفات تل أبيب تُعمّق حالة عدم الاستقرار في البلاد.
وصف الشيباني أحداث السويداء بأنها “جُرح سوري”، مشيراً إلى أن محاولات “تدويل” ما جرى في المدينة الدرزية خدمَت أجندات خارجية محددة. وأكد أن الاتفاقات التي وُقِّعت بين روسيا والحكومة السابقة المخلوعَة معطّلة وغير مقبولة.
أوضح الشيباني أن التعامل الدبلوماسي مع روسيا كان تدريجياً، ولم تُبرم اتفاقيات جديدة، مشيراً إلى لقاءات جرت مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، حيث أكد لافروف أن الوجود العسكري الروسي لن يستمر في سوريا إذا رفضت دمشق بقاءه.
اتهم الشيباني موسكو بأنها “شاركت في معاناة الشعب السوري” بصفتها حليفة للنظام السابق. وذكر أن هيئة تحرير الشام، التي قادها شَرّاع، أطلقت هجومها النهائي في نوفمبر قبل الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر 2024، وأن التحضيرات السياسية لتعامل مع التحول المرتقب كانت جارية آنذاك. وأشار إلى أن التحدي الرئيسي كان كيفية منع روسيا من دعم نظام الأسد في أي مواجهة.
قال الشيباني إن أي علاقات مع روسيا أو الصين أو أوروبا يجب أن تُوظَّف لخدمة مصالح الشعب السوري، وأن هناك حاجة إلى حوكمة هذه العلاقات بما يعيد الفائدة إلى الداخل السوري. وذكر أن لقاءً عُقد بين هيئة تحرير الشام وروسيا في السادس من ديسمبر 2024 بهدف تحييد التهديد من القوات الروسية.
أشار أيضاً إلى أن روسيا خفّضت انتشارها في سوريا، وحصرت وجودها في قاعدتي حميميم وطرطوس، وأن القضايا المتبقية المتعلقة بالوجود الروسي نوقشت خلال مباحثات شَرّاع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقتٍ سابق من الشهر نفسه. ونقل عن لافروف تأكيده أن القوات الروسية لن تبقى إذا رفضت دمشق وجودها.
وأضاف الشيباني: “نجحنا في تحويل الدبلوماسية السورية إلى دبلوماسية منفتحة على الحوار والتعاون”، مشدداً على أن سوريا ليست منضوية تحت أي معسكر دولي أو محور، وأنها “تتعامل مع جميع الدول بطريقة متوازنة”. وأكد أنهم يعملون الآن على “تخطيط” الدبلوماسية السورية بدلاً من الاكتفاء بردود الفعل، بهدف إعادة سوريا بقوة إلى الخارطة الدولية.
على صعيد المؤسسات، قال الشيباني إن وزارة الخارجية تسعى إلى إصلاح الصورة المشوهة التي خلّفها النظام السابق، خصوصاً في لبنان، ومعالجة قضية السوريين المحتجزين في الخارج بتهم ذات دوافع سياسية.
فيما يخص العلاقات مع الصين، أوضح الشيباني أنهم يستعيدون روابطهم مع بكين، التي كانت تميل سياسياً لصالح النظام السابق واستخدمت حق النقض في مجلس الأمن لصالحه. وأشار إلى أن حكومة أحمد الشّرّاع ستقوم بأول زيارة رسمية إلى بكين في نوفمبر.
وتطرّق الشيباني إلى الاتفاق المبرم لدمج قوى سورية الديمقراطية المدعومة أمريكياً داخل مؤسسات الدولة، مؤكداً ضرورة التنفيذ السريع للاتفاق لأن أي تأخير سيضر بالمدنيين ويعرقل عودة النازحين. وقال إن الشمال والشرق السوريين أمام فرصة تاريخية للعب دور فعال، فيما ترفض الحكومة تماماً مسألة الفدرالية وتعتبرها “خطاً أحمر” وغير قابلة للتفاوض. وأكد أنه يجب المباشرة دون تردد في تنفيد الاتفاق لتفادي تداعيات إنسانية.
وختم بالحديث عن الجانب الاقتصادي، مشيراً إلى تقدم متوقع في ظل دعوات أميركية لرفع العقوبات وبخاصة بعد مناشدة المبعوث الأميركي توم باراك رفع كل العقوبات المتبقية، وإزالة بريطانيا لهيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب لديها. ووعد الشيباني بأن التحسّن في الأوضاع المعيشية سيبدأ أن يتراءى للمواطنين خلال العام القادم، مع تحذيره أن هذا المسار سيأخذ وقتاً لكنه سيكون ملموساً.