كنت مرافقًا لوفد الصحافة على متن طائرة الرئاسة، مارًا بي في قلب إعصار دبلوماسي أميركي يوم أكّد فيه الرئيس ترامب أن ما جرى في الجولة التي امتدت يومًا واحدًا إلى الشرق الأوسط يرقى إلى «لحظة تاريخية» — وصف يفيض بالألوان الأولية ويترجم نفسه بوصف تغيير جذري عظيم.
في طريقنا إلى تل أبيب قامت الطائرة بانحراف مؤقت لتطير فوق الشاطئ، وانحنى جناحها كي نرى لافتة ضخمة على الرمال مكتوبًا عليها «شكرًا» موجهة لترامب، مصحوبة بعلم اسرائيل وصورة بروفايل للرئيس الأميركي. كانت تلك المناورة إشارة واضحة إلى أن الزيارة كانت احتفالية نصرٍ، أكثر منها خطة مفصّلة للبدء في «المرحلة الثانية» التي تتطلب أعمالًا مضنية لبناء مستقبل مستدام لغزة.
الاتفاق الذي تم التوصّل إليه في الدوحة الأسبوع الماضي، والذي بذل ترامب ضغوطًا مكثفة من أجل إقراره، مثّل نقطة انعطاف بالغة الأهمية بعد سنتين من حرب كارثية: عمليات قتالية كبرى توقفت، رهائن باقون لدى حماس أُطلق سراحهم مقابل أسرى فلسطينيين لدى اسرائيل، وسكان غزة بدأوا يعودون إلى أنقاض منازلهم في الشمال مع انسحابات جزئية للقوات الإسرائيلية. ومع ذلك، بدا لي أن رحلة ترامب لم تكن وصولًا إلى حل نهائي بل محطة عابرة — هدنة هشة في صراع يمتدّ قرونًا ولا تظهر بوادر حقيقية لحله.
أكبر سؤال ظل معلقًا هو: هل سيصمد هذا الاتفاق؟ وهل يمكن أن تُبنى عليه مفاوضات أشدّ جديةً لبلوغ تسوية طويلة الأمد؟ خلال الرحلة عاد ترامب ليتحدث إلينا واقفًا في مدخل المقصورة، موجّهًا التركيز إلى دوره في التفاوض وبارزًا ما اعتبره إنجازًا باهرًا. كرر أن «كل دولة ترقص في الشوارع»؛ ولما سألته إن كانت الهدنة ستصمد أجاب بثقة أن هناك «أسبابًا كثيرة تجعلها ستستمر»، لكنه اجتنب الإجابة عن الأسئلة الأعمق المتصلة بكيفية تأمين حكم وإدارة غزة لاحقًا.
سألت عن القوة الدولية المقترحة، «قوة الاستقرار الدولية» الواردة في خطته ذات العشرين نقطة، والتي لم يتفق عليها الأطراف بعد. قال: «ستكون قوة كبيرة وقوية»، وأضاف أنها لن تضطر «إلا نادرًا» لاستخدام العنف لأن «الناس سيتصرفون، والجميع يعرف مكانه». عبارة تنضح بتفاؤلٍ مبسّط إزاء واقعٍ معقّد.
على المدرج في تل أبيب استقبل نتنياهو ترامب بسجادة حمراء وفرقة عسكرية، وسرعان ما انطلقنا في موكب نحو القدس عبر الطريق 1 الذي فُرّغ تمامًا لسير القافلة الرئاسية. في ساحة أصبحت تُعرف باسم «ساحة الرهائن» راقب الآلاف شاشة عملاقة يبثّون مشاهد إطلاق الأسرى، وذرفت الوجوه دموع ارتياح وهتفت لحظة وصول الرئيس الأميركي إلى الأرض الإسرائيلية.
أما في الكنيست فكان الجو أكثر حمّىً وصخبًا؛ القبعات الحمراء التي وُزعت على الحضور كانت عليها عبارة «رئيس السلام»، والهتافات من المقصورة الخلفية «شكرًا ترامب» دوت في القاعة. ترامب تحدث عن «فجر تاريخي لشرق أوسط جديد»، وأعلن أن الحرب انتهت وأن إسرائيل، بمساعدة أميركا، حققت ما تستطيع «بقوة السلاح». خطابه تخلّله تنقّل إلى هجمات واسعة على منافسيه السياسيين في الداخل الأميركي، ومديح لجهة مانحة كبرى كانت حاضرة في القاعة. وحتى طلب شخصيًا من رئيس الدولة الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، العفو عن نتنياهو المتهم بقضايا فساد — «سيجار وشمبانيا، من يهتم؟» هتف ترامب منتقدًا الاتهامات ضد رئيس الوزراء، في إشارة إلى هدايا فاخرة نُسبت إليه.
بعد أقل من سبع ساعات في اسرائيل، عاد الوفد الصحافي إلى الموكب واتّجهنا إلى مطار بن غوريون ثم إلى شرم الشيخ في مصر، حيث جرت محادثات التوسط بين اسرائيل وحماس التي مهّدت للاختراق الأسبوع الماضي. في الهبوط رافقنا مقاتلات مصرية من طراز F-16 — استعراضٌ عسكري لمدى الحرص على هذه اللحظة الاحتفالية لدى الرئيس الذي يهوى ظواهر العظمة.
لكنّ المخاطر في المنطقة كثيرة، وكان واضحًا أن الرئيس أعلن عن صفقة قصوى قبل أن يضمن تثبيتها على الأرض. على منصة الخطاب في شرم كتب بعبارات كبيرة: «السلام في الشرق الأوسط». رأيت زعماء العالم يصطفون خلف ترامب بينما كان يعدد دولهم أمام الأعلام الوطنية، وقدمه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤكدًا أن الهدف لا يزال حلّ الدولتين. اعلنت السيسي ذلك أمام الحضور.
منذ مطلع العام غيّر ترامب موقفه بشكل ملحوظ؛ توترت علاقته مع قيادة اسرائيل واقترب أكثر من حلفائه في الخليج، تزامنًا مع مسعى أوروبي لعزل اسرائيل احتجاجًا على حملتها المتصاعدة في غزة ومحاولات لجذب السعودية إلى رؤية أوروبية أشمل. في النهاية بدا ترامب منجذبًا إلى نفوذ وثروة حلفائه الخليجيين، الذين لم يتوقف عن ذكر «قدرتهم» و«ثروتهم» أثناء العرض.
ختم ترامب مراسم التوقيع في شرم بعبارة مفادها أن الوصول إلى هنا استغرق «3000 عام»، لكنه أقر ضمنيًا أن الطريق لا يزال طويلاً — وأن تحقيق السلام الحقيقي لن ينجح على يد رجل واحد فقط.