معاهدة محيطات محورية تتخطّى العتبة الحاسمة وتدخل حيز النفاذ

اتفاق عالمي يهدف إلى حماية محيطات الكرة الأرضية والتعويض عن الأضرار التي لحقت بالحيّات البحرية بات على وشك أن يتحول إلى قانون دولي ساري المفعول.

حصلت “معاهدة البحار المفتوحة” على التصديق السادسّ والستين من المغرب يوم الجمعة، ما يجعلها قابلة للدخول حيّز التنفيذ اعتباراً من يناير المقبل.

بعد مسيرة امتدت لعقود، تمهّد هذه المعاهدة الطريق لإدراج مساحات واسعة من المياه الدولية ضمن مناطق بحرية محمية، فتضع إطاراً ملزماً لحفظ التنوع البيولوجي البحري واستدامته.

احتفى ناشطون بيئيون بهذا الإنجاز ووصفوه بأنه “حدث تاريخي” يبرهن أن الدول قادرة على التعاون لأجل حماية البيئة المشتركة.

قال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، إن الاتفاق يغطي أكثر من ثلثي المحيط، ويضع قواعد ملزمة لحفظ واستخدام التنوع البيولوجي البحري بشكل مستدام.

عقود من الصيد الجائر، والتلوث الناجم عن السفن، وارتفاع درجات حرارة المحيطات بفعل تغيّر المناخ، كلها عوامل أضرت بالحياة تحت سطح البحر. وفي آخر تقييم لأنواع الكائنات البحرية، وجدت الاتحاد الدولي لصون الطبيعة أن نحو 10% منها معرضة لخطر الانقراض.

قبل ثلاث سنوات، اتفقت الدول على هدف طموح يتمثّل في حماية 30% من مياه العالم—الوطنية والدولية—بحلول عام 2030، لمساعدة المصايد المتدهورة على التعافي.

لكن حماية المياه الدولية ليست بالأمر اليسير؛ فهذه البحور لا تخضع لسيطرة دولة واحدة، ولجميع الدول حق الملاحة والصيد فيها. حالياً، لا تحظى سوى نسبة 1% من هذه المياه بحماية فعّالة، ما يترك الحياة البحرية عرضة للاستغلال المفرط.

في 2023، وقّعت الدول على معاهدة البحار المفتوحة متعهدةً بوضع 30% من تلك المناطق ضمن مناطق بحرية محمية. إلا أن دخولها حيّز التنفيذ كان مشروطاً بتصديق أكثر من ستين دولة—أي موافقتها على الارتباط القانوني بها.

يقرأ  تحليل: إسرائيل تتخطى الخطوط الحمراء بهجوم استهدف العاصمة القطرية الدوحة — تطورات في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

وتستغرق إجراءات التصديق غالباً وقتاً طويلاً لأن كثيراً من الدول تحتاج موافقة برلماناتها؛ لذا اعتبرت إليزابيث ويلسون، مديرة أولى للسياسة البيئية في مؤسسة Pew الخيرية، أن وتيرة المصادقات كانت “قياسية” وسريعة.

قدمت المملكة المتحدة مشروع قانون للمصادقة أمام البرلمان في وقت سابق من الشهر الجاري.

رحّبت كيرستن شويت، المدير العام لمنظمة الصندوق العالمي للطبيعة، بتجاوز العتبة القانونية واعتبرته “إنجازاً هائلاً لحماية المحيطات”، مضيفةً أنه سيكون حافزاً للتعاون عبر المياه الدولية ونقطة تحول لثلثي المحيطات الواقعة خارج الولاية الوطنية للدول.

وصف مادس كريستنسن، المدير التنفيذي لمنظمة غرينبيس الدولية، الحدث بأنه “لحظة فارقة” ودليل على أن الدول قادرة على التضامن لحماية كوكبنا الأزرق، مؤكداً أن عصر الاستغلال والدمار يجب أن ينتهي. “محيطاتنا لا تحتمل الانتظار، ونحن أيضاً لا يمكننا التأخر”، كما قال.

عند دخول المعاهدة حيّز التنفيذ، ستقترح الدول مناطق للحماية، تُعرض بعدها للتصويت من قبل الدول الموقعة على الاتفاق. ويشير النقّاد إلى أن كل دولة ستجري تقييماتها البيئية الخاصة (EIA) وتتخذ القرار النهائي بنفسها—مع إمكانية تسجيل دول أخرى ملاحظات لدى هيئات الرصد.

لا يخفى أن المحيط ضروري لبقاء جميع الكائنات على هذا الكوكب؛ فهو أكبر نظام بيئي على الإطلاق، وتُقدَّر مساهمته بما يقارب 2.5 تريليون دولار في اقتصادات العالم، كما يوفّر ما يصل إلى 80% من الأكسجين الذي نتنفسه.

أضف تعليق