لا يستطيع الجيش البريطاني الاستمرار في تجاهل مقتل صديقنا في كينيا

بعد أكثر من عقد على مقتل أغنيس وانجيرو، الشابة البالغة من العمر 21 عاماً والأم لطفل رضيع، والتي يُزعم أن جندياً بريطانياً ضالع في مقتلها بكينيا، أصدرت محكمة كينية مذكّرة توقيف بحق مواطن بريطاني. وإذا تمت عملية التسليم، فستكون هذه المرة الأولى التي يُحال فيها جندي بريطاني، سواء كان في الخدمة أم سابقاً، إلى الخارج ليُحاكم بتهمة قتل مدني — خطوة يرحّب بها أصدقاؤها.

في ليلة اختفائها، في 31 آذار/مارس 2012، أقنعتها أغنيس صديقتي طفولتها، الصديقة (أ) و(ب)، بالخروج معها. كانت هي والصديقة (أ) أمّين جديدين، في الحادية والعشرين من العمر، ورغبتهما الوحيدة أن تتنفّسا قليلاً بعيداً عن ضغوط الحياة.

اتفقوا على اللقاء في بار فندق لايونز كورت في نانييوكي، مدينة سوقية في وسط كينيا تبعد نحو 200 كيلومتر شمال نيروبي. قبل الخروج، وافقت والدة الصديقة (ب) على الاعتناء بطفل أغنيس الذي كان عمره خمسة أشهر مقابل أجر بسيط، فتوجهت الفتاتان أولاً إلى حانة تُسمى شيرلوكز.

رأَت الصديقة (أ) هناك الكثير من الرجال الأجانب البيض — «موزونغو» كما يطلق عليهم — بعضهم بلباس مدني وبعضهم بزيا عسكرياً. وجود قاعدة دعم تدريبية دائمة للجيش البريطاني في نانييوكى جعل هؤلاء الرجال حضوراً مألوفاً في المدينة، وساد عنهم بين الأهالي لقب «جوني» الذي يحمل دلالات سلبية.

شعرت الفتيات بعدم الارتياح؛ تقول الصديقة (أ): «سمعت أشياء سيئة عن رجال الموزونغو». وتضيف الصديقة (ب): «لا يعاملوننا نحن النسوة الكينيات حسناً، وجونيز خصوصاً يتصرّفون بازدراء».

أما بالنسبة لشابات في وضع أغنيس الاقتصادي، فكانت مخاطبة هؤلاء الرجال تُوزن غالباً بميزان الضرورة والحاجة. كانت أغنيس فقيرة للغاية: بحسب صديقاتها، كانت في أيام الرخاء تكسب نحو 300 شلن كيني — أقل من جنيه إسترليني واحد — وفي الأيام العسيرة لا تجد أي دخل وتعوّل على أختها الكبرى.

يقرأ  المبعوث الأمريكي: لبنان سيعرض في الأيام المقبلة خطة لنزع سلاح حزب الله — تجدد الهجمات الإسرائيلية على لبنان

لم تكن تحصل على أي دعم من والد طفلها، فكانت تكسب رزقها من عمل متقطع في صالونات تصفيف الشعر وضفائر الزبائن، وأحياناً تلجأ إلى وسائل أقل رسمية للحصول على بعض النقود. تذكر الصديقة (أ) طريقة بسيطة كانت تلجأ إليها: تكوّن صداقات مع من يعرض شراء مشروب لها ثم تطلب من الساقي أن يعطيها النقود بدلاً من المشروب.

في شيرلوكز لاحظت الصديقة (أ) تبادلاً متوتراً بين أغنيس ورجل أبيض، وعندما اقتربت وسألَتْها إن كانت بخير، قالت لها أغنيس أن تذهب إلى فندق لايونز كورت كما اتفقن وأنها ستلتحق بها لاحقاً.

وصلت الصديقة (أ) إلى الفندق حيث كانت الصديقة (ب) وعدد من المعارف يرقصون، وكان هناك أيضاً عدد من الرجال البيض. انضمت أغنيس بعد قليل، وأخبرت صديقاتها أنها حاولت ـ بطرافة أو جرأة ـ أن تنتزع محفظة أحد الموزونغو فدخل حارس البار وتدخّل، فحلّ الموقف على ما يبدو وأبدت أغنيس عليه ارتياحاً ومزاحاً.

عند منتصف الليل تقريباً، عادت الصديقة (أ) إلى منزلها، تاركة أغنيس والصديقة (ب) يرقصان مع مجموعة من الأصدقاء. تقول الصديقة (ب) إن الرجال الأجانب كانوا يشترون لهم المشروبات، فكانت أغنيس تعيد المشروب إلى البار مقابل نقود. بعد فترة رأت الصديقة (ب) أغنيس تغادر مع أحد الرجال البيض، فافترضت أن الأمر تم بموافقة الطرفين؛ هناك تقارير أخرى تشير إلى أنها غادرت برفقة رجلين.

في صباح اليوم التالي، ذهبت الصديقة (ب) إلى بيت أغنيس فوجدت أختها قلقة تُبلغها أن أغنيس لم تعد، فاندفعت إلى بيت أمّها حيث وجدت رضيع أغنيس ما يزال عندها. ومع حلول المساء، وبعد أن لم تعد أغنيس، توجّهت الصديقتان إلى مركز شرطة نانييوكي للإبلاغ عن اختفائها وإرجاع الطفل إلى أخته.

يقرأ  ثالث وفاة جراء حرائق الغابات في إسبانيا بينما يبقى الآلاف مشردين في أوروبا — أخبار أزمة المناخ

بحث الأصدقاء عن أيام في كل مكان؛ أخبرهم حارس فندق لايونز كورت أن هناك «شجاراً كبيراً» وقع في إحدى غرف الفندق ذلك الأسبوع وأن نافذةً قد تحطمت. وبعد ما يقرب من ثلاثة أشهر عُثر على جثة أغنيس في خزان للصرف الصحي بالقرب من الفندق، وكانت عليها آثار طعن. ذهبت الصديقتان إلى مشرحة المستشفى لرؤيتها، وكان وقع المشهد مدمراً.

لم تحظَ جريمة قتل أغنيس باهتمام أوسع إلا بعد سنوات؛ ففي تحقيق رسمي عام 2019 خلصت القاضية نjeri Thuku إلى أن أغنيس قُتلت على يد جندي أو اثنين من الجنود البريطانيين. وكشفت تحقيقات صحافية، بينها تقارير لـThe Sunday Times، أن معلومات عن مقتلها — وبحسب المزاعم بيد جندي بريطاني — كانت متداولة بين بعض الأفراد المشاركين في التدريبات في نانييوكى. نقلت التقارير أن الجندي أُزيل من سجلات الجيش لكنه ما يزال يعيش بحرية في المملكة المتحدة.

«أعتقد أن هناك العديد من الرجال المسؤولين عن مقتل أغنس»، يقول أحد الأصدقاء. «كثيرون يعلمون ما حدث، وكثيرون غطّوا الأمر».

عاد الزخم عام 2024 بعدما كشفت منظمة أوبن ديموقراسي عن فشل الجيش البريطاني في محاسبة جنود دفعوا لقاء خدمات جنسية، رغم حظر صريح صدر عام 2022، وذلك في أعقاب اتهامات متعلقة بوجود عناصر بريطانية في كينيا.

أدت هذه الاتهامات إلى فتح تحقيق داخلي في أغسطس 2025، أظهر أن بعض جنود القاعدة لا يزالون ينخرطون في علاقات تبادلية مع نساء، كثير منهن في وضع هش وتعرضن للإكراه أو للاتجار من أجل العمل الجنسي.

في أبريل من هذا العام التقى وزير الدفاع البريطاني جون هيلي بأسرة أغنس في كينيا لتقديم العزاء، وأصدر بياناً أكد فيه أن الحكومة البريطانية «ستواصل بذل كل ما في وسعها لمساعدة العائلة على الحصول على العدالة التي تستحقها». وكانت زيارة هيلي لإيستر نجوكي في أبريل أول لقاء لوزير حكومي بريطاني مع عائلة وانجيرو.

يقرأ  إطلاق نار نفّذته الشرطة في بنسلفانيا ماذا حدث؟ من المشتبه به ومن الضحايا؟ أخبار الجريمة

في 16 سبتمبر أصدرت محكمة كينية أمر توقيف بحق مواطن بريطاني مشتبه في قتله لأغنس وانجيرو.

إذا تمّت عملية التسليم، فستكون هذه المرة الأولى التي يُحال فيها جندي بريطاني، سواء كان على رأس عمله أو متقاعداً، إلى الخارج للمحاكمة بتهمة قتل مدنٍ مدني.

«خطوة مرحب بها وإيجابية نحو قوس العدالة»، يقول كيلفن كوباي، المحامي بمركز العمل الأفريقي للإصلاح والوقاية. «مع ذلك، المعركة لم تُحسم بعد نظراً للإشكاليات القانونية المتعلقة بإجراءات التسليم، ونأمل أن تستمر مؤسسات الدولتين المعنية في التعاون لتحقيق غايات العدالة».

أنشأت إبنة أخ أغنس، إيستر نجوكي، صفحة على منصة التمويل الجماعي لجمع تبرعات لدعم الأسرة وتمويل سفر إلى المملكة المتحدة وزيادة الوعي حول جريمة قتل خالتها. «نحتاج إلى السعي لتأمين مستقبل مادي لابنة أغنس»، تقول إيستر، مشيرة إلى أن الفتاة أصبحت الآن في سن المراهقة.

يتفق أصدقاء أغنس على أن العدالة تأخرت طويلاً. «لا يمكن للجيش البريطاني أن يظل متجاهلاً مقتل صديقتنا»، يقول أحدهم. «نريد العدالة لأغنس ولابنتها».

طلبت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تعليق وزارة الدفاع البريطانية بشأن الوقائع.

*غيّرت بي بي سي أسماء جميع الأشخاص المدرجين كشهود أمام محكمة كينية.

قد يهمك أيضاً متابعة أخبار القارة الأفريقية عبر BBCAfrica، ومتابعتنا على تويتر وفيسبوك وإنستغرام، والاستماع إلى بودكاستات BBC Africa. (Getty Images/BBC) لم تزودني بأي نص لأعيد صياغته أو أترجمه. أرسل النص المطلوب وسأقدمه بالعربية بمستوى C2.

أضف تعليق