ستارمر يستعد لإعلان اعتراف المملكة المتحدة بالدولة الفلسطينية

من المتوقع أن يعلن السير كير ستارمر، في بيان ظهر الأحد، اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية — قرار يعد تحوّلاً كبيراً في سياسة لندن الخارجية.

كان رئيس الوزراء قد أعلن في يوليو أن موقف بريطانيا سيتغير في سبتمبر إذا لم تلتزم إسرائيل بعدة شروط، من بينها وقف إطلاق النار في غزة والالتزام بمسار سلام طويل الأمد يؤدي إلى حل الدولتين. طوال الأعوام الماضية، طالبت المملكة المتحدة بحل يقوم على وجود دولتين متجاورتين، لكن قيادات إسرائيلية ابتعدت عن هذا الخيار منذ اندلاع الحرب مع حركة حماس.

خطوة الحكومة البريطانية أثارت انتقادات حادة من الحكومة الإسرائيلية وعائلات الرهائن وبعض نواب المحافظين؛ حيث وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القرار بأنه مكافأة للإرهاب. ورغم أن الاعترافف بدولة فلسطينية يمثل تغييراً استراتيجياً — إذ كانت الاعترافات تُرفَع عادة كجزء من تسوية سياسية وفي توقيت له أثر ملموس — يؤكد الوزراء أن هناك مسؤولية أخلاقية لتحرك يحافظ على أمل السلام طويل الأمد.

محاولات التوصل لوقف لإطلاق النار في غزة، ناهيك عن حل دائم للصراع، تراجعت. وأثارت إسرائيل غضب المجتمع الدولي بعد قيامها بضربة جوية استهدفت فريق مفاوض لحماس في قطر. كما أن الوضع على الأرض تدهور بشكل كبير خلال الأسابيع الماضية، مع صور تظهر الجوع والعنف في غزة التي وصفها السير كير سابقاً بأنها “لا تُحتمل”. العملية البرية الأخيرة في مدينة غزة وُصفت من قِبل مسؤول أممي بأنها كارثية، وأجبرت مئات الآلاف على الفرار.

تدور الحرب الآن على مدار يقارب العامين منذ الهجوم الذي قادته حماس على جنوب إسرائيل والذي أودى بحياة نحو 1,200 شخص وخطف نحو 251 رهينة إلى غزة؛ وقد شهدت أراضٍ فلسطينية نزوحاً واسعاً وتدميراً للبنى التحتية، بينما تشير أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس إلى سقوط ما لا يقل عن 65,208 قتلى.

يقرأ  بؤر استيطانية إسرائيلية تخنق الحياة الفلسطينية في قرى الضفة الغربية — الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة خلصت هذا الأسبوع إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، وهو ما رفضته إسرائيل ووصفت النتائج بأنها “مغلوطة ومزيفة”. وأشار الوزراء أيضاً إلى استمرار توسع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة — التي تُعدّ غير قانونية بموجب القانون الدولي — كعامل رئيسي في قرار الاعتراف، مع تسليط الضوء على مشروع المستوطنة المثير للجدل (E1) والعنف من قبل مستوطنين.

رحّب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بتعهد المملكة المتحدة بالاعتراف خلال زيارته للسير كير هذا الشهر، واتفق الطرفان بحسب داونينغ ستريت على أن حماس لا ينبغي أن تلعب أي دور في حكم فلسطين مستقبلاً. من جانبها، قالت زعيمة حزب المحافظين كيمي بادينوك إنها تدعم حل الدولتين، لكنها كتبت في صحيفة التلغراف أن الاعتراف الآن وبدون إطلاق سراح الرهائن سيكون “مكافأة للإرهاب”.

وعبرت عائلات بعض الرهائن في رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء عن قلقها الشديد، وطلبت عدم المضي في القرار حتى يُعاد الـ48 الذين ما يزالون في غزة — ويُعتقد أن 20 منهم ما زالوا على قيد الحياة — لأن الإعلان قد عقّد بشدة جهود إعادة أحبائهم؛ وأضافت العائلات أن حماس احتفلت بالقرار ورفضت اتفاق وقف إطلاق النار.

أكّد مسؤولون حكوميون أن الوزراء سيعرضون خلال الأسابيع المقبلة خطوات جديدة لفرض عقوبات على حماس. كما أبدى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال زيارته الرسمية هذا الأسبوع، معارضة للاعتراف. وكان السير كير قد وضع مهلة اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة لتحرك إسرائيل نحو “خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المريع في غزة، والاتفاق على وقف لإطلاق النار، والالتزام بسلام مستدام طويل الأمد يُحيي آفاق حل الدولتين”. وقال في يوليو: “مع تهديد هذا الحل الآن، هذا هو الوقت للتحرك.”

يقرأ  الولايات المتحدة توجه اتهامات جنائية لزعيم عصابات هايتي الملقب «باربكيو»

عدة دول أخرى أعلنت أو أبدت نيتها للاعتراف بدولة فلسطينية، من بينها البرتغال وفرنسا وكندا وأستراليا، بينما اتخذت إسبانيا وإيرلندا والنرويج هذه الخطوة العام الماضي. فلسطين معترف بها حالياً من قِبل نحو 75% من أعضاء الأمم المتحدة البالغ عددهم 193 دولة، لكنها تفتقر إلى حدود متفق عليها دولياً وعاصمة وجيش — ما يجعل الاعتراف في معظم الأحيان رمزياً.

يشمل مفهوم حل الدولتين قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، يكون القدس الشرقية عاصمتها. والواقع أن إسرائيل تحتل الضفة وغزة، ما يعني أن السلطة الفلسطينية لا تملك السيطرة الكاملة على أراضيها أو سكانها.

الاعتراف بدولة فلسطينية كان مطلباً طالته أوساط داخل حزب العمال، وقد تعرض رئيس الوزراء لضغوط متزايدة لاتخاذ موقف أشد ضد إسرائيل، خاصة من نواب الجناح اليساري في حزبه. وقبل خطاب يوليو وقع أكثر من نصف نواب حزب العمال رسالة تطالب الحكومة بالاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية.

في المقابل، انتقد بعض المراقبين طيفاً من السياسات معتبرين أن الحكومة قد أملت شروطاً على إسرائيل دون أن تَفعل الشيء نفسه بالنسبة لحماس. وحث الحاخام الأكبر لبريطانيا، سير إيفرايم ميرفيس، الحكومة على إرجاء القرار، معتبراً أن “الاعتراف المقصود لا يشترط وجود حكومة فلسطينية فاعلة أو ديمقراطية، ولا حتى أدنى التزامات لمستقبل سلمي”، وأضاف مستهجناً: “المدهش أنه ليس مشروطاً حتى بإطلاق سراح الـ48 رهينة الذين ما زالوا محتجزين.”

من جانبهم، أصرّ مسؤولون حكوميون على أن مطالبهم التي تطالب حماس بالإفراج عن الرهائن والاتفاق على وقف لإطلاق النار لم تتغير؛ وفي المقابل أكدت وزارة الخارجية أن إقامة دولة هي حق للشعب الفلسطيني ولا يمكن ربطها بوجود أو دور لحماس، التي تصنفها الحكومة منظمة إرهابية.المستقاب

يقرأ  هرتسوغ يلتقي زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر — ويحذّر بريطانيا من الاعتراف بدولة فلسطين

أضف تعليق