تقرير أسطول «صمود» الإبحار نحو «المنطقة الصفراء» في طريقه إلى غزة

بحر المتوسط — اجتمع الجميع على السطح العلوي لسفينة تابعة لأسطول “غلوبال صمود” المحمّلة بإمدادات إنسانية متوجهة إلى غزة ومجموعات من المتطوعين المصممين على إيصالها.

تمّت مراجعة بروتوكولات السلامة للطوارئ وتطبيقها عملاً: سترات نجاة، جردات أعداد، ونقاط تجمع محددة. كان التدريب شاملاً لسيناريوهات يمكن أن تقع في أي رحلة بحرية — حريق، سقوط شخص إلى البحر، تصادم — لكن هذا التدريب تميّز بوجود سيناريو آخر مختلف.

تلقّى المتطووعون تعليمات حول كيفية رفع أيديهم إذا اعترضت قوات اسرائيل السفينة أو صعدت إليها واحتجزتهم. التركيز كان على التصرف بأسلوب سلمي وغير عنيف، انسجاماً مع مهمتهم الإنسانية.

لاحقاً، ومع اقتراب الأسطول من «المنطقة الصفراء» بعد مغادرته صقليا، إيطاليا — تلك المساحة في المياه الدولية بين إيطاليا وقبرص حيث يحتمل وقوع هجمات — صار لا بد من التدرب على كيفية التصرف في حال وقوع اعتراض أو هجوم.

“استراتيجية دعاية قديمة”

وصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية الأسطول الإنساني، الذاهب لكسر الحصار عن شعب غزة، أخيراً بأنه «أسطول جهادي» وادعت وجود روابط مع حركة حماس. وفي سياق مماثل، صرّح مسؤولون إسرائيليون بأن بعض رسائل الدعم لخلايا الأسطول مرتبطة بفصائل مسلحة، وهو وصف أعاد إلى الواجهة استراتيجية تشويه لسمعة المبادرة الإنسانية.

في وقت سابق من الشهر، وبمباشرة انطلاق الأسطول من إسبانيا، أعلن وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير رغبته في تصنيف الناشطين كـ«إرهابيين» واعتقالهم بموجب ذلك. وصف عضو لجنة توجيه الأسطول، سيف أبو كشاك، هذه الادعاءات أمام الصحفيين بأنها «حرب نفسية» وأضاف: «الدعاية هذه استراتيجية قديمة».

خلال التدريب، وضع منسق المجموعات أمام الحاضرين مسألة حساسة: «علينا أن نقرر جماعياً إن كنا سنتدخل أم أن يترك الأمر دون رد إذا بدأ الجنود بضرب أحدنا». قابل الصمت السؤال لكنه لم يتجنّبه. وبحامل صفارة، أخذ المنسق زمام المبادرة: «إذا سُحبتُ أو تعرّضت للضرب، فلا أريد من أحدكم أن يتفاعل أو يطلب من الجنود التوقّف. احترموا قراري». انتقلت الصفارة من يد إلى يد، وردد المتطوعون العبارات واحداً تلو الآخر، حتى اختصرت العبارة الثالثة بكلمتين: «نفس الشيء». ومعها تردّد صدى الإجماع.

يقرأ  الولايات المتحدة تستخدم حقّ النقض للمرة السادسة لرفض مطالبة مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزةأخبار الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني

كانت الخطة مصممة لتفادي المزيد من العنف؛ إذ إن أي رد فعل — حتى مجرد طلب التوقّف — قد يحرّض على تصعيد الضرب. لخص أحد المتطووعين الفكرة بقوله: «إذا تفاعلت أو تكلّمت بينما تُضرب، فلن تعرض نفسك للخطر فحسب، بل ستعرّض الآخرين أيضاً — وستفقد المجموعة إرادتها». وقال آخر لقناة الجزيرة: «نحن نعلم لماذا هنا والمخاطر التي قبلنا بها».

يتلقى المتطووعون تدريباً على الإسعافات الأولية أثناء الإبحار نحو غزة. كل سفينة تضم مسعفاً أو شخصاً مدرّباً على الاستجابة الأولى. في 16 سبتمبر 2025، واصلت الفرق تدريباتها على متن السفن تحسّباً لأي طارئ.

ضغوط نفسية وجسدية

التأخيرات والتحديات التي واجهت الأسطول أثّرت على المنظّمين والمتطووعين على حد سواء. هجمات طائرات مسيّرة أثناء التوقف في موانئ تونس، أعطال فنية في قوارب غير مؤهلة للبحار المفتوحة، والصعوبات العامة لتنظيم مبادرة مدنية ضعيفة التمويل متجهة نحو غزة — كل ذلك أثقل كاهل الجميع.

كل شخص على متن السفينة مكلف بدوريات ليلية، يراقب السماء طوال الليل تفادياً لطائرات مسيّرة أو تهديدات أخرى بينما ينام رفاقه. وعند سؤالهم عمّا يدفعهم للاستمرار، يكرر الجميع الدافع ذاته: رغبة فاعلة في تقديم العون لشعب غزة المتعرض للقصف والجوع والخسائر في ظل الحرب التي تشنها اسرائيل.

يعلمون أنهم يبحرون في مياه محفوفة بالمخاطر لأن اسرائيل اعترضت كل الأساطيل السابقة، بل قضت على عشرة أشخاص على متن سفينة “مافي مرمرة” قبل عقد. انطلقت القوارب نحو صقلية من تونس يوم الثلاثاء بعد تقليص أعداد الركاب إثر قرارات شديدة الضرورة.

كان هناك عدد أكبر من الراغبين في الانضمام إلى قوارب الأسطول مقارنة بسعات السفن، لا سيما بعد فشل بعض القوارب في اجتياز الفحوصات الفنية — ما أثار قلق المنظمين حيال قدرتها على الصمود أمام ظروف المتوسط المتقلبة.

يقرأ  ليغو تكشف رسميًا عن مجموعة «نجمة الموت» من حرب النجوم بعد شهور من الشائعاتالمصدر الموثوق في التصميم — تغطية يومية منذ 2007

ودّاعات أخيرة وإعادة ترتيب

في ميناء بنزرت، تونس، قُرئت القوائم وأُعيد توزيع الطواقم بين السفن، وانهمرت الدموع بينما كان المتطوعون الذين بنوا روابط عاطفية قوية يودّعون بعضهم البعض. انتهى دور بعضهم في المهمة على متن السفين، لكن دعمهم للعملية سيستمر من على اليابسة.

حاول بعضهم التحدّث مع المنسقين لاستعادة مقاعدهم. وآخرون انتظروا مع زملائهم على القوارب، يقدّمون الدعم حتى اضطروا للعودة إلى الفندق لموعِد رحلاتهم. «ضعوا هذه الراية الفلسطينية في مكان على القارب، لقد كانت في نافذة صديقي لسنوات»، قال مارسِن، متطوع بولندي مقيّم في النرويج، وكان من الذين حُذفوا من قوائم الطاقم.

في نهاية المطاف، ركب الجميع سفنهم المخصصة والتقوا بطواقمها. تضافرت الجهود لتنظيف السفن وتجهيزها للمرحلة المقبلة إلى إيطاليا. بعض المتطوعين لديهم خبرة بالإبحار، والبعض الآخر تعلّم سريعاً كيف يساعد.

بعد أيام في إيطاليا، انطلقت القوارب مجدداً، عبَرت المنطقة الصفراء، واقتربت أكثر فأكثر من المنطقة الحمراء، حيث تتضاعف المخاطر على بعد حوالي 100 ميل بحري (185 كم) من شاطئ غزة. والتمارين مستمرة.

المتطووعن يتحدثون في نهاية النهار على متن سفينة الأسطول، والسترات جاهزة لأي طارئ بحري أو هجوم أو اعتراض. لم يصلني أي نص لإعادة الصياغة والترجمه. هل يمكنك ارساله الآن؟

أضف تعليق