سَاقُ ذَرَةٍ يَنمُو فِي سُوهُو

ثلاثة صفوف من جذوع الذرة المزروعة حالياً في صالة كيت ويربل تنقل إحساساً بالألم والأمل في آن واحد، وإن كان لِأسباب قد لا تتطابق مع توقعاتك. منذ الصيف، بدأت الفنانة إميلي يانوفيك بزراعة عشرات النباتات داخل دِلاء برتقالية من متجر هوم ديبوت: أولاً خلال إقامتها الفنية في مركز ستورم كينغ للفنون، ثم في حديقة خلفية صغيرة في كوينز. في العرض، رُتّبت الأدلّة على منصات خشبية طويلة وفقاً لطول السُوق، كأنّ النباتات تَصطفّ كطلّاب في مدرسة مُرتّبين حسب الطول. عنوان التركيب هو «هوس» (2025)، وهو اسم نوع الذرة المزروعة، وهو الدليل الأول على أن العمل يتخطى كونه تجربة فنية في إنتاج الغذاء.

العنصر الثاني هو الزين الأصفر الفاقع الذي نُشر ليصاحب المعرض. يضمُّ «مذكرات الذرة» مقتضبة، تَتأمّل فيها الفنانة، المولودة والنشأة في كنتاكي، جوانب أصولها المتناقضة: من جهة فِلاّحون يؤجرون الأرض، ومن جهة أخرى صُنّاع الخمور غير المرخّصين الذين اعتمدوا على الذرة. اقتباس لجوان ديديون عن صعوبة العودة إلى المنزل يقدّم المذكرات كمقدّمة نصية. وثّقت عدة صور حبيبية مسار عمل يانوفيك الفني، بينها صورة للأعشاب التي «تنمو متعاقبة صفاً في شقّ رصيف» والتي ألهمت ترتيب أطوال السيقان في المعرض.

منظر التركيب لإميلي يانوفيك، «هوس» (2025)

الخدعة المفهومية للمعرض — أن زراعة الذرة قد تخفّف من الاغتراب العائلي للفتاة — تبدو في الوقت نفسه ساخرة وجادّة. تمنح يانوفيك أعمالها مسحة من الطرافة، من سخافة الدلاء البرتقالية إلى صورة في الزين تُظهر نبتتين واضعتين أحزمة الأمان أثناء نقلهما في سيارتها. ومع ذلك، فإن العناية التي تكرّسها للعمل ليست مزحة؛ فالمذكرات تسرد ليس فقط جهودها الزراعية المؤقتة بل استثمارها النفسي في النتائج. تسأل والدها عن تاريخ العائلة، فيلين ذلك حماسته للمشروع. تقلق أنها لا تفعل ما يكفي للعناية بالذرة بالشكل الصحيح، وتحلم أحلاماً متكررة ترى فيها النباتات قد ماتت قبل افتتاح العرض.

يقرأ  حفلٌ قومي متطرّف ضخم في كرواتيا يكشف شرخاً عميقاً في النسيج الاجتماعي

كانت النباتات حية وبصحة جيدة عندما زرت المعرض في بدايته. ولدهشتي، كانت سنابل صغيرة تتكوّن على السيقان الأكثر نضجاً. كان الهواء دافئاً ولزجاً؛ والأضواء ساطعة وبيضاء. تبدو حالة اللامعقولية — بل السخافة — في مسعى يانوفيك الزراعي جزءاً لا يتجزأ من نجاح التركيب الجمالي. الفنانة تدرك أن «هوس» لا يمكنه بمفرده أن يصلح الشقوق العائلية أو الثقافية. بدلاً من ذلك، تحاول أن تختبر تلك الشقوق من منظور آخر — ليس لبناء جسور مجازية، بل للوصول إلى شيء أشبه بالقبول. هذا الجهد يخلق مساحة صغيرة للأمل، حتى لو كان نموه، كهشيم ينمو في شقّ رصيف، قد تحقّق بصعوبة وبقاءه مرهونا بالقدر.

تفصيل من عمل إميلي يانوفيك، «هوس» (2025)

تفصيل من عمل إميلي يانوفيك، «هوس» (2025)

منظر التركيب لإميلي يانوفيك، «هوس» (2025)

إميلي يانوفيك تستمر في عرضها في صاله كيت ويربل (٤٧٤ برودواي، الطابق الثالث، سوهو، مانهاتن) حتى 11 أكتوبر. تم تنظيم المعرض بواسطة الصالة.

أضف تعليق