مراسم تأبين تشارلي كيرك في أريزونا: خطاب ترامب وحشود غفيرة
أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالناشط المحافظ تشارلي كيرك بوصفه «بطلاً أمريكياً عظيماً» و«شهيداً» خلال كلمة ألقاها أمام عشرات الآلاف ممن حضروا مراسم التأبين في ملعب ستيت فارم قرب فينيكس. وكان ترامب المتحدث الرئيسي في التجمع الضخم الأحد، الذي شهد حضور مسؤولين رفيعي المستوى من إدارته، بينهم نائب الرئيس جيه. دي. فانس، الذين استعرضوا إرث كيرك السياسي بعدما اغتيل في العاشر من سبتمبر.
قال ترامب أمام الجمع: «لقد اغتيل لأنه عاش بشجاعة، وبجرأة، ودار جدلاً بذكاء». وأثارت كلمته هتافات وتصفيقاً طويلين وسط حشد قارب مئة ألف شخص، غلبت عليهم قبعات وشعارات «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً» وملابس باللونين الأحمر والأبيض والأزرق.
أثرت زوجة كيرك، اريكا، مشاعر الحضور بخطابها المفعم بالحزن، إذ وصفت اللحظات التي شهدت فقدانه وقالت إنها قد سامحت المشتبه به. قالت: «زوجي تشارلي كان يريد أن ينقذ الشباب، تماماً مثل ذلك الشاب الذي أخذ حياته. أنا أسامحه لأن هذا ما فعله المسيح. ليس الرد على الكراهية كراهية». ثم تلاها استقبال حار للرئيس عندما صعد إلى المنصة، حيث كرر مدحه لتشارلي وتطرق إلى قضايا إجرامية وسياسات داخلية مهاجماً ما وصفه باليسار الراديكالي ومنتقداً سلفه جو بايدن.
أجواء المراسم كانت أقرب إلى تجمع سياسي صاخب منها إلى تأبين تقليدي، مع عروض موسيقية لفرق مسيحية أدت أغنيات تفاعلت معها الجماهير واقفة. طابور راكبين انتظروا لساعات خارج الملعب، وبعضهم بات لليلة قبل الحدث لضمان موقع جيد.
ضمّت قائمة المتحدثين عناصر من منظمة Turning Point USA التي شارك كيرك في تأسيسها وكان لها دور في تعبئة الناخبين الشباب لصالح التيار المحافظ، إلى جانب وجوه معروفة في الحركة المحافظة ومسؤولين من إدارة ترامب، مثل ستيفن ميلر ورئيسة الموظفين في البيت الأبيض سوزي وايلز، إضافة إلى شخصيات أخرى. أكّد المتحدثون على ضرورة مواصلة نشاط كيرك الذي كان، وفقهم، راسخاً في إيمانه المسيحي وملتزماً بالدعوة لأفكاره حتى بعد مقتله.
وصف البعض مقتله بأنه سيحيي الحراك المحافظ في الولايات المتحدة، لا سيما في ظل سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس وسلطة ترامب في البيت الأبيض. قال ستيفن ميلر: «في يوم وفاة تشارلي بكت الملائكة، لكن تلك الدموع تحولت إلى نار في قلوبنا. أعداؤنا لا يفقهون قوتنا».
داخل المدرجات كان كيرك مُقدّساً باعتباره مدافعاً عن حرية التعبير ومحرّكاً لصوت الشباب لصالح ترامب. قالت سوزي وايلز: «تشارلي لم يساعد فحسب، بل صنع الفارق الذي أدى إلى الفوز، أعدكم بذلك». وفي لحظة مماثلة، قال نائب الرئيس فانس مخاطباً الحضور: «نحن سنتولى الأمر من هنا»، فاندلعت هتافات «الولايات المتحدة» من الجماهير.
تلا خطاب المتحدثين بيان لزوجته التي بكت مرات وهي تروي تفاصيل الصدمة والفقد، مؤكدة أنها شعرت بكل ما يتوقع تشارلي أن يشعر به: الصدمة، والرعب، وحزن عميق لم تكن تعرفه من قبل. وأضافت أن الأيام العشرة التي تلت اغتيال زوجها أظهرت لا عنفاً ولا شغباً ولا ثورة، بل «صحوة» أمل فيها تشارلي كثيراً.
أعلنت زوجته توليها منصب الرئيس التنفيذي لمنظمة Turning Point USA بعد موته، وتعهدت بمواصلة مسار العمل الذي بدأه. كما قالت إنها سامحت المشتبه به البالغ من العمر 22 عاماً، تايلر روبنسو، مضيفة: «أسامحه لأن هذا ما فعله المسيح، ولأن هذا ما كان سيفعله تشارلي».
المراسم لا تخلو من الأبعاد السياسية المتجذرة؛ فقد برز الانقسام الحاد في المشهد الأمريكي، مع تحميل قطاعات واسعة على اليمين لليسار مسؤولية ما يرونه تحريضاً سياسياً أدى إلى العنف. وتعمل إدارة ترامب على سياسة تشددية تجاه ما تسميه «اليسار الراديكالي»، فيما يواجه هذا المسار اتهامات بتجاوزات حكومية ومحاولات تقويض الحريات المدنية مستخدمة حادثة كيرك ذريعة لذلك.
المشتبه به، الذي وُجهت إليه لاحقاً تهمة القتل، يواجه احتمال عقوبة الإعدام، فيما لم تكشف السلطات بعد عن دافع واضح للجريمة. كان كيرك، الذي شارك في تأسيس Turning Point USA وهو في الثامنة عشرة من عمره، معروفاً بأسلوبه الجدلي الحماسي على الحرم الجامعي، حيث دعا الطلاب إلى مواجهة آرائه المحافظة المسيحية أمام جمهور صاخب. ساهمت مقاطع هذه المواجهات في بناء قاعدة جماهيرية هائلة له على منصات التواصل الاجتماعي، ما دفع كثيرين إلى القول إنه لعب دوراً مركزياً في تعبئة الشباب لصالح ترامب.
على الرغم من تأييده الكبير بين الشباب المحافظ، أثارت تصريحات كيرك حول مواضيع مثل العرق والجريمة ردود فعل غاضبة من الليبراليين، كما كان مناصرًا قوياً لحقوق حمل السلاح ومعارضاً بشدة للإجهاض، وناقداً لحقوق المتحولين جنسياً، وناقلاً زعمياً لمعلومات مضللة حول كوفيد-19.