إيطاليا تتقدّم بطلب لإدراج مطبخها ضمن التراث الثقافي غير المادي لليونسكو

عند البحث عن معنى كلمة “مطبخ” في القاموس، تُعرَّف عادةً على أنها أسلوب أو طريقة للطهي تميّز بلدًا أو إقليمًا أو مؤسسةً معينةً. لكن في إيطاليا هذا التعريف يُعد ضيِّقًا؛ فالأجهزة الرسمية ترى أن الاجتماع حول المائدة للأكل هو طقس اجتماعي وتواصل عائلي يستحق الحماية.

بالتعاون بين وزارة الزراعة والسيادة الغذائية والحراجة، ووزارة الثقافة، والرابطة الوطنية للبلديات الإيطالية، أطلقت إيطاليا مبادرةً رسميةً لترشيح المطبخ الإيطالي لاعتباره تراثًا ثقافيًا غير مادي لدى اليونسكو، في خطوة تدافع عن الطابع الاجتماعي والثقافي للطهو أكثر من كونه مجرد طريقة طهي.

غداء الأحد — “الإيطاليون على المائدة”
أُعلن عن الحملة يوم الأحد في أنحاء البلاد وفي بعثات إيطالية حول العالم خلال فعالية بعنوان «غداء الأحد — الإيطاليون على المائدة»، حيث دُعي الآلاف لتذوُّق أطباقٍ إيطالية تقليدية واختبار الطقس المجتمعي الذي تمثّله الوجبة.

طقوس العبور
قال فرانشيسكو لولوبريغيدا، وزير الزراعة والسيادة الغذائية والحراجة: «نحن لا نرشح طريقة طهي، فحتى المأكولات الإقليمية الإيطالية كلها قد تستحق الاعتراف بها، لكننا نرشح طقسًا». وأضاف أن الطقس هذا «يبدأ باختيار الطعام، يمر بالمطبخ، وينتهي على موائدنا حيث نزال نتحاور حول ما نأكل؛ إنه معرفةٌ قديمةٌ مُتناقَلة، وفرح التلاقي، والحفاظ على علاقات العائئلات والصداقة. غداء الأحد أعلى تجلٍّ لهذا السِمَة الثقافية التي يحسدنا العالم عليها. رؤية الناس متجمِّعين في الساحات الإيطالية ستكون برهانًا قويًا على ما يعنيه المطبخ بالنسبة لنا».

ميلوني: «المطبخ الإيطالي يساوي 250 مليار يورو عالميًا»
شاركت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني هذا الشعور، مؤكدةً أن الحفاظ على خصوصية يوم الأحد له بعد اقتصادي حاسم. وقالت في برنامج تلفزيوني إن غداء الأحد مرتبط بذكرياتها العائلية وبحلويات تقليدية مثل “الباستاريلي” و”الدبلوماطي”، مضيفةً: «المطبخ الإيطالي من أعظم ما نملك، يعبّر عن ثقافتنا وهويتنا وتقليدنا وقوّتنا، لكنه أيضًا ركيزة لاقتصادنا؛ فقيمته تقارب 250 مليار يورو على المستوى العالمي ونريد أن يُعترف به رسميًا».

يقرأ  الجيش الإسرائيلي يشن الضربات الأولى ضمن عملية في مدينة غزة

دعم ثقافي واسع
أليساندرو جولّي، وزير الثقافة، أوضح أن الإيطالية، بغناها الجغرافي والتراكمات التاريخية، تتميّز بتنوّع هائل في المكوّنات والأطباق والمناسبات والطقوس المرتبطة بالاكل، وأن تاريخ الغذاء هو تاريخ الحضارة. ولذلك، قال إن الوزارة تدعم بقناعةٍ ومشاركةٍ كاملة ترشيح المطبخ الإيطالي كتراثٍ غير مادي ليونسكو.

الغذاء كرافد للهوية والروابط الاجتماعية
أكد غايتانو مانفريدي، رئيس رابطة البلديات ورئيس بلدية نابولي، أن الطعام ركيزة لهويتنا ولصيقٍ اجتماعي قوي: «لا وجبة بلا مشاركة، ولا مائدة بلا قصة تُروى. التجمع على الأكل طقس يوحّد الأجيال والعائلات والمجتمعات. من هذا الارتباط العميق وُلدت فكرة جعل غداء الأحد رمزًا للترويج لترشيح المطبخ الإيطالي لليونسكو». وأضاف أن المبادرة، التي تشرك بلديات ومناطق متعددة، تهدف لإبراز أن مطبخنا أكثر من فن طهي؛ إنه ثقافة شعبية سهلة الوصول تحوي إشارات وطقوسًا ومعرفةً قديمة تعزّز الصلة بين الأرض والناس وتمثّل أحد أهم موارد اقتصادنا وثقافتنا.

الترات المادي وغير المادي لدى اليونسكو
إيطاليا، إلى جانب كونها البلد الحاصل على أكبر عدد من المواقع المصنفة ضمن التراث العالمي لليونسكو (61 موقعًا موزعة في أنحاء البلاد)، تمتلك أيضًا 19 عنصرًا مُدرجًا ضمن التراث الثقافي غير المادي. من بين الإضافات الأخيرة: فن الأجراس التقليدية وممارسة الغناء الأوبرالي. يُتوقع أن يُصدر القرار النهائي بشأن إدراج المطبخ الإيطالي على اللائحة في ديسمبر المقبل.

أضف تعليق