مسعف أسترالي: مستشفى في غزة تحولت إلى «مذبحة»

طبيبة أسترالية تعمل في مستشفى الشفاء في مدينة غزة تقول إنها فقدت القدرة على عدّ عدد عمليات البتر التي اضطرت لإجرائها، بعد أن أُغلق مستشفياّن آخران وسط قصف إسرائيلي متواصل للقطاع.

«في اليوم الأول ظننت أنني لم أرَ شيئًا مماثلاً من قبل، ثم شهدت في الأيام التالية مزيدًا من المشاهد… لقد فقدتُ العدّ للعمليات التي اجريتها»، قالت الدكتورة سايا عزيز، أخصائية تخدير، لقناة الجزيرة.

أسوأ ما في الأمر، حسب وصفها، أن المرضى يصلون أحياءً إلى قاعة العمليات ويكونون ينزفون حتى الموت. وفي ردهات المستشفى باتت أطراف الأصابع المقطوعة واللحم المبتور والمرضى من دون أطراف منظراً مألوفاً. منذ انضمامها إلى هذا المرفق الطبي الذي بالكاد يعمل قبل نحو أسبوع قالت إن ما إن يسمع العاملون صوت انفجار ضخم حتى تمتلئ المستشفى خلال دقائق بضحايا جماعيين.

«ستسمعون العويل والصراخ وفوضى ذوي المصابين وهم يدخلونهم… إنه حمام دم»، تقول عزيز. وأضافت أن قاعة العمليات في المستشفى في حالة مزرية مع ذباب متكاثر، وأن إسرائيل قلّصت دخول المساعدات، بما في ذلك الإمدادات الطبية، إلى غزة.

«كل شيء متسخ. لا أستطيع تنظيف المرضى المكسوّين بالغبار وبقع البارود، لا توجد شاش… كنت أتمنى لو كان لدي منشفتان لأغسل بهما المرضى. ليس لدي سوائل لأنظفهم بها. ليس لدي مسكنات لأعطيهم. قلبي ينفطر»، قالت عزيز.

الرعاية الصحية مشلولة بجراء الهجمات الإسرائيلية

كان مستشفى الشفاء يوماً ما أكبر مجمع طبي في قطاع غزة، لكن معظم منشآته الآن في خرائب بعد جولات متكررة من الحصار البري والجوي المكثف منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023. لقد تعرّضت مرافق الرعاية الصحية في غزة لاستهداف متكرر من إسرائيل، بما في ذلك بقنابل زنة 2000 رطل زوّدت بها الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل.

يقرأ  انضمام سنغافورة لإسقاطات المساعدات فوق غزةوالجيش الإسرائيلي يغلق نفقًا إرهابيًا بطول ٧ كيلومترات في بيت حانون

قُتل مئات العاملين في المجال الطبي خلال 23 شهرًا من الحرب الوحشية التي وصفتها منظمات حقوقية عديدة، ومنها الأمم المتحدة، بأنها إبادة جماعية. الدكتور عدنان البرش، رئيس جراحة العظام في مستشفى الشفاء، تعرّض للتعذيب حتى الموت في سجن إسرائيلي بعد أن اعتُقل في ديسمبر 2023. والدكتور حسّام أبو صفيّة، مدير مستشفى كمال عدوان، اعتُقل في نوفمبر الماضي ولا يزال يقبع في سجون إسرائيل.

يُعدّ استهداف المنشآت الصحية والعاملين والمرضى جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف 1949. وقالت عزيز إن هجمات يوم الأحد أسفرت أيضًا عن مقتل أحد موظفي التمريض في المستشفى وزوجته. وأضافت، وهي تبكي، أن طفلهما الوحيد الباقي على قيد الحياة، وهو صبي يبلغ من العمر 11 عامًا، أصيب بحروق في وجهه «لم أستطع اعطيه أي مسكن».

استعادت إسرائيل في تبرير هجماتها المميتة على مرافق الرعاية الصحية بأنها تستهدف حماس، لكنّها لم تقدّم دليلًا على ذلك. ورصدت تقارير إعلامية، بينها تقارير الجزيرة، أدلة على استهداف طواقم طبية ومستشفيات خلال مجريات الحرب التي أودت بحياة أكثر من 65,300 فلسطينيًا.

أفادت وزارة الصحة في غزة يوم الاثنين أن مستشفيين في مدينة غزة توقفا عن تقديم الخدمات بسبب تصاعد الهجوم البري الإسرائيلي والأضرار الناجمة عن القصف المستمر، مع تقدم الدبابات داخل المدينة. أُجبر عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة على الفرار، بعد أن تعهدت إسرائيل بالسيطرة على المدينة التي كانت تأوي أكثر من مليون نسمة قبل الهجوم الأخير الذي بدأ قبل أسابيع.

انتشر الجوع في غزة أيضًا نتيجة استمرار منع دخول المساعدات، حتى الآن توفي ما لا يقل عن 440 شخصًا جوعًا. وأوضحت الوزارة أن مستشفى الرنتيسي للأطفال تعرّض لأضرار بالغة في قصف إسرائيلي قبل أيام، وأنه سُجلت هجمات في محيط مستشفى القديس يوحنا المتخصص بالعيون ما اضطر إلى تعليق الخدمات هناك كذلك.

يقرأ  إيناف زانغاوكر تعرض قارورة تحتوي بول ابنها القادم من غزة خلال تظاهرة

«الاحتلال يستهدف عمداً وبمنهجية النظام الصحي في محافظة غزة كجزء من سياساته الإباديّة ضد القطاع»، قالت الوزارة، مضيفة أن «لا طريق آمن يتيح للمرضى والجرحى الوصول إلى أي من المنشآت أو المستشفيات».

ومع ذلك، يؤكد الأطباء في مستشفى الشفاء، أكبر مركز حضري في المدينة، أن ترك المرضى ليس خيارًا. يقول مدير المستشفى الدكتور محمد أبو سلمية: «لا تزال فرقنا الطبية تؤدي رسالتها الإنسانية في هذا المجمع المستشفي تحت ضغط شديد»، مضيفًا: «رسالـتهم مستمرة: نخدم المرضى والجرحى بأفضل ما نستطيع».

أضف تعليق