مجلة جاكستابوز «نفَس ثانٍ» — دانييل ماكيني في لندن

غاليرى ماكس هيتزلر في لندن يسرّها أن تقدّم «Second Wind»، معرضاً فردياً جديداً يضم لوحات وأعمالاً على الورق للفنانة دانييل مكينّي. يمثل هذا العرض الظهور الأول للفنانة في المملكة المتحدة، وهو تعاونها الثاني مع المعرض.

في أعمالها، تعرض مكينّي مشاهد داخلية تلتقط لحظات العُزلة التأملية والحميمية الإنسانية. تنشئ تراكيب مُحكمة انطلاقاً من قماش أسود خانق، فتنبثق الشخصيات من ظلالٍ كثيفة على نحو يشبه تأثير الضوء والظل الكِياروسكورو. تُصوَّر النساء السود في لحظات استرخاء، مُدفئات بدفء ضوء مصباح أو دخان سيجارة مُتلألئ، أو تُبرَز لمسات أنيقة مثل أظافر حمراء زاهية. في أعمالها الأخيرة تتجه إلى مقاربة أكثر انسيابية ووجدانية في الطلاء، قافزة عمداً إلى آفاق فنية جديدة؛ هذه الصحوة الطازجة لا تنبع من صخبٍ صارخ، بل من السكون والسكوت والمسافات البينية بين الأشياء. نابعًة من حساسية للتغيرات العالمية، يقدم المعرض انعكاساً عالمياً حول النمو الذي ينشأ من الجلوس مع الانزعاج. وعلى مقياسٍ حميمي، تحثُّ الأعمال على تعامُلٍ مقرب مع المشاهد، داعيةً إلى التؤدة والتأمل من جديد.

بطلات مكينّي مُمسكات بتوازن دقيق بين التوتر والرخاوة، ومعروضاتهنّ على شفير الانتقال: حالات من اللِّمينا (الحالة الحدّية) الدائمة. غالباً ما يظهرن عاريات، أو متكسوات بأردية، أو مغلفات بشرشفٍ مجعّد؛ هنَّ حسّياتٌ، عاطفياتٌ، وقويات في آنٍ واحد. تائهاتٍ في الخواطر أو حالمة أو نائِمَات، تنغمس كل امرأة في عالمها الخاص بعيداً عن ضجيج الحياة الخارجية. في إحدى اللوحات تلتفت شخصية وحيدة إلى مرآتها بيد مرفوعة إلى رأسها بثقة هادئة وكأنها تقف على عتبة مصارحة جديدة؛ وفي أخرى تستلقي امرأة باللون الأخضر على أريكة، ساقاها ملتفتان وعيونها مغمضة في سكينة راضية تُسلمُها لاحتضان الاستسلام. لوحة ثالثة تُظهر امرأة عارية في وضعية كونتراپوستو، يتلوّن ظلّها جزئياً بضوءِ مصباحٍ متدلٍ، وتمتدّ ذراعاها نحو معبدها في إيماءة تأملٍ عميق. في هذه المشاهد من الصمت المقدّس تحوم كل شخصية في حالة وسيطة بين الفعل والجمود، والاحتواء والانفلات. تعبّر تعابيرهنّ وهيئاتهنّ المشحونة عاطفياً عن تجدد الروح والطاقة — نفَس ثانٍ.

يقرأ  دانييل ليفي يتنحى عن رئاسة توتنهام بعد ربع قرن أثار جدلاً واسعاً

على النقيض من وقار الشخصيات، تُجسَّد العناصر المحيطة بها بضربات فرشاة متموجة وسائلة. متأثرةً بفنانين مثل إدوار فييارد ووالتر سيكرت، تهدد حركة فرشاة مكينّي بأن تتفكك إلى لعابٍ من الطلاء وحقول لونية. «بيئاتهنّ تنبض بالتجريد»، تقول الفنانة؛ «الستائر تدور كالعواصف، والسجاد يذوب كمدّات فرشائية، والجدران تطنّ بتوترٍ لوني». متصادمةً مع هدوء المشاهد، تخلق هذه البنية الطلائية احتكاكاً بصرياً بين طاقة التراكيب وسكون الأشخاص. يظهر تحولٌ واضح أيضاً في لوحة الألوان لهذه الأعمال الجديدة، إذ أصبحت أكثر ثراءً وتشبعاً. الحالة الثقيلة والأجواء التي ترسمها درجات البني الداكن لدى الفنانة، إلى جانب توتر الأجسام، تقطعها لمسات لونية صارخة — وسائد مزخرفة بدرجات الأحمر القاني والأشقر المحمر؛ زهور متقدة بالبرتقالي والأصفر والزهري؛ أردية رخامية باللون الشارتروز تُفرَش كحركة إمباستو خامة. مبنيةً من الظلمة، تبدو هذه النبضات الحياتية كاستعارة بصرية للحظات التحول التي تنبثق من الراحة. «كل ضربة فرشاة تجسّد نفساً جديداً»، هكذا تعلّق مكينّي، «لتذكّرنا أنه داخل تلك المساحات الحميمية التي نعيشها، دائماً ثمة مجال للتجدد والنمو.»

أضف تعليق